المعارضة التونسية تستقوي بالشارع للمطالبة بالإفراج عن موقوفين سياسيين

21
المعارضة التونسية تستقوي بالشارع للمطالبة بالإفراج عن موقوفين سياسيين
المعارضة التونسية تستقوي بالشارع للمطالبة بالإفراج عن موقوفين سياسيين

أفريقيا برس – تونس. دفع إطلاق سراح معارضين بارزين في تونس مؤخرا وهما شيماء عيسى ولزهر العكرمي، وذلك بعد نحو خمسة أشهر من اعتقالهما، المتابعين والمحللين عن التساؤل عن إمكانية أن يشهد ملف الإيقافات انفراجة خاصة مع تزايد ضغوط المعارضة التي اختارت التمسك بورقة الشارع للتنديد بتواصل سجن أبرز قياداتها وتجديد دعوات الإفراج عن الموقوفين السياسيين.

وطالبت قيادات من جبهة الخلاص المعارضة، تزامنا مع مرور سنتان على انطلاق تدابير 25 جويلية الاستثنائية بالحرية لمعتقليها السياسيين الذين يقبعون بالسجون للتحقيق في شبهات التآمر على أمن الدولة وغسيل أموال، بالإفراج عنهم، حيث تقول المعارضة بأن هذه التهم ملفقة وكيدية.

وبينما ترى أوساط سياسية أن ملف الإيقافات والحريات بشكل عام رهين اعتراف المعارضة بمسار 25 جويلية والانضواء تحته، يستبعد حقوقيون أي انفراجة في هذا الملف بسبب سياسة الإقصاء ورفض الآخر التي تنتهجها الرئاسة، وأمام هذا الانسداد ليس أمام المعارضة سوى خيار الاستقواء بالشارع كوسيلة ضغط لتحقيق مطالبها واستعادة حضورها بالمشهد.

حسام الحامي، منسق ائتلاف صمود

واستبعد حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن “يقع انفراجة في هذا الملف وعلى العكس من ذلك، أرى أنه كلما تعددت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وكلما عجزت المنظومة الحالية على إيجاد إجابات لمشاكل التونسيين، كلما سيشتد التضييق على الحريات وهرسلة المعارضة والصحفيين والأصوات الحرة بصفة عامة”.

وأردف بالقول: “بالتالي لا أتصور أنه سيكون هناك انفراج وقد رأينا أن رئيس الجمهورية يواصل في نفس الخطاب السياسي المتشنج الذي يقسم التونسيين والذي ينعت المعارضة بأسوأ النعوت وأرذلها..هذا يدل أننا لسنا في الطريق الصحيح.”

واستدرك الحامي: “لكن نقول أنه على المعارضة تحمل مسؤوليتها من ناحية أخرى وأعني المعارضة الديمقراطية المدنية بتجميع أصواتها لعمل مشترك يكون أكثر جدوى وفيه إجابات لمشاكل التونسيين ويكون فيه بدائل عن الوضع الذي نعيشه اليوم”.

سياسة أمر الواقع

تحاول قيادات المعارضة حشد الشارع والاستقواء به لتحقيق مطالبها مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، غير أن تشتتها وعجزها عن التوحد في ظل التباينات فيما بينها أمام فتور الشارع نفسه من السياسة يضعف جهودها ويصعب عليها تحقيق أهدافها.

ورغم أن ملف الحريات يعد ورقة ضغط بيد المعارضة إلا أن الشارع لا يبدي اكتراثا له في ظل ما يعانيه من وضع معيشي صعب ومتردي، ووسط ضعف آمال المعارضة يتوقع محللون أن يؤدي قبولها بأمر الواقع واعترافها بمسار 25 جويلية سيقود إلى انفراجة في ملف الاعتقالات كما سينهي الأزمة السياسية ويساهم في تهدئة الأوضاع بالبلد.

محمد بريك، محلل سياسي

ويلاحظ محمد بريك المحلل السياسي في حديثه لـ”أفريقيا برس” بأن” راشد الغنوشي قضيته باتت منسية داخل حركة كبيرة وهي حركة النهضة.. مناضليها يعدون بالآلاف مع ذلك صامتين ..المعارضة لم تعد تتحدث عن أسماء بعينها كأنها تتملص منهم. ”

وتابع متسائلا: “لماذا تخجل النهضة من الحديث عن الغنوشي؟ لأن الشارع ضد إطلاقه والمعارضة تعي ما يريده الشارع وهو خلاص فاتورة عشرة سنوات من الفشل، لكن بالنسبة للدولة فقد تركت الباب مفتوحا أمام المعارضين للقبول بهذه المرحلة الحالية وبالدستور الجديد وبالمشهد الجديد وبالنظام القائم حاليا.”

ويعتقد بريك أنه: “على المعارضة القبول بالأمر الواقع وقد قدمت الدولة رسائل من خلال إطلاق سراح موقفين مؤخرا مثل شيماء عيسى ولزهر العكرمي وهي رسائل واضحة من الدولة أي الاعتراف بالمسار الجديد مقابل تحقيق انفراجة في هذا الملف.”

وفي تقديره: “لا تريد الدولة أن تنتقم من أحد هي لديها ثوابت وترفض كل من يهدد أمنها الاجتماعي، لكن أبوابها مفتوحة أمام المعارضة وأتوقع أن مرحلة إنكار المعارضة قد شارفت على الانتهاء.”

واستنتج بالقول: “كانت المعارضة في مرحلة غضب كبير في البداية بمجرد إطلاق مسار 25 جويلية ،2021 ثم انتقلت إلى مرحلة الإنكار وأتوقع أن تدشن المعارضة مرحلة القبول بالواقع، لكن سيبقى هناك نوعا من النقد وفي هذا الإطار يأتي إطلاق سراح موقوفين سياسيين مؤخرا حسب رأيي.”

وكانت جبهة الخلاص المعارضة قد اختارت الذكرى الثانية لانطلاق مسار 25 جويلية التي ترفضه وتعتبره انقلابا على الشرعية وعلى دستور 2014، لحشد الشارع في محاولة للضغط على الرئاسة وتجديد المطالبة بالإفراج عن موقوفين سياسيين في إحراج للسلطة التي تتهمها الأوساط الحقوقية بممارسة التضييق على خصومها السياسيين وتقويض الحريات بالبلد.

وحسب وكالة رويترز فقد تجمع، نحو 300 شخص في شارع الحبيب بورقيبة وذلك بدعوة من جبهة الخلاص المعارضة ، ورفعوا شعارات “الحرية للمعتقلين السياسيين” و”يسقط الانقلاب” و”حريات حريات لا لقضاة التعليمات”.

وشنت السلطات التونسية في فبراير الماضي حملة إيقافات قبضت خلالها الشرطة على نحو عشرين من القيادات السياسية البارزة، بمن فيهم قادة في جبهة الخلاص بتهمة التآمر ضد أمن الدولة. وقد وصف سعيد هؤلاء بأنهم “إرهابيون” و”مجرمون” ويقفون وراء نقص السلع الغذائية ومحاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية المحتقنة.

كما اعتقلت الشرطة زعيم المعارضة راشد الغنوشي وهو رئيس حزب النهضة الإسلامي، وعلي العريض رئيس الوزراء السابق ومسؤولين آخرين في حزب النهضة وأغلقت مقر الحزب الرئيسي بالعاصمة وكل المكاتب الأخرى عبر أرجاء البلاد.

وترى المعارضة أن الرئيس سعيد وظف القضاء لتصفية خصومه واستبعادهم من الساحة، خاصة بعد أن توسعت دائرة معارضيه وبعد أن أبدت شخصيات بارزة رفضهم للدستور الجديد والنهج الانفرادي في الحكم، في حين يخفف المؤيدين لمسار 25 جويلية من تحركات المعارضة وقدرتها على تعبئة الشارع في ظل عدم امتلاكها بدائل وبرامج إنقاذ حقيقية.

محاولة لإعادة التموقع

يرى مؤيدون لمسار 25 جويلية أن المعارضة توظف في أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية لحشد الشارع ضد مشروع الرئاسة والتشويش عليه في حين لا تملك بدائل وحقيقية، بل يأتي ذلك لرغبتها في إعادة التموقع والعودة للمشهد الذي أقصاها منه الرئيس سعيد من باب الاحتجاج ضد الأوضاع وتغذية الأزمات.

وحسب هؤلاء فإن المعارضة تستميت للعودة للمشهد السياسي بعد خسارتها لنفوذها في السلطة وقاعدة شعبية واسعة، في المقابل ينتظر الشارع أن يحقق مسار 25 جويلية أهدافه بتحسين أوضاعهم المعيشية وتجاوز عاصفة الأزمات نحو الاستقرار.

عثمان بلحاج عمر، أمين عام حركة البعث

وأشار عثمان بلحاج عمر الأمين العام لحركة البعث في حديثه لـ”أفريقيا برس” بأن” المعارضة أو ما يريد الإعلام فرضه كمعارضة في حين هم في غالبيتهم المنظومة الحزبية المتنفذة قبل 25 جويلية بشقيهم الذي كان ماسكا بالسلطة أو الذين كانوا يستعدون لتعويضهم عبر انتخابات متحكم في مخرجاتها.. هذه المنظوم قد لا تختفي ماديا ولكنها سياسيا هي في حكم المنهية.. فقط اكتشف الرأي العام الوطني والداخلي خزعبلاتهم وأنهم يريدون أن يسترجعوا نفوذا وسلطة لن يسترجعوها أبدا.”

وأضاف “هم ليس لهم أية بدائل سياسية غير التشدق بمناصرة الديمقراطية، وعل المستوى الاقتصادي والمالي ليس في جعبتهم أي بديل، بل هم يطالبون بالضغط اقتصاديا على تونس ويوهمون الشعب أنه بمجرد عودتهم سينتهي ذلك الضغط وستنفتح خزائن سليمان”.

وبرأيه فإن” السلطة الحالية كان بإمكانها إنجاز أفضل والتقدم أفضل، لكنها مترددة ليس لها ثقة في بعض الأجهزة وبعض جيوب الإدارة … على العموم هناك بعض التقدم في المجال السياسي وننتظر استكمال بناء المؤسسات الدستورية. ”

وعلق: “بالنسبة للملفات السياسية وبعض الإيقافات ربما التوسع في توجيه التهم وفي عدد الإيقافات ربما هو الذي شتت جهود تلك المنظومة من جهة وكشف عن قصورها وعجزها من جهة أخرى فلم يعد لها إلا السباب والشتيمة توجهها لرئيس الجمهورية ولمن يدعم مسار إعادة التأسيس. ”

وخلص بن عمر بالقول”أعتقد أن القضاء قادر كما كل السلط والأجهزة في الدولة على التعافي وعلى الحسم في هذه الملفات، على أن هذه الملفات لا يخلو بعضها على الأقل من جدية كبيرة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here