لا جديد يذكر في ميزانية الدولة 2022 إلا التسريبات

39
لا جديد يذكر في ميزانية الدولة 2022 إلا التسريبات

خالصة حمروني

أفريقيا برس – تونس. على مشارف السنة الجديدة التي لم يتبق على حلولها سوى عدة أيام لم يصدر بعد عن السلط الرسمية -وزارة المالية- أي وثيقة رسمية تخص قانون المالية لسنة 2022 والذي كان من المعتاد المصادقة عليه تحت قبة البرلمان قبل يوم 10 ديسمبر.الأمر الذي اثار جدلا وأثار حفيظة كل من له علاقة بهذا الشأن سواء محللين اقتصاديين وسياسيين على حد سواء.

وفي ظل صمت وزارة المالية تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات إعلامية نسخة من هذا القانون – قال عنها البعض إنها مسربة وقال عنها البعض انها أصلية- وقد تضمنت هذه الأخيرة عديد الإجراءات من شأنها أن تمس مباشرة المواطن.

موقع “أفريقيا برس” عمد في هذا التقرير متابعة موضوع قانون المالية ومواقف البعض من هذا القانون.

قراءة اقتصادية

عز الدين سعيدان - خبير اقتصادي
عز الدين سعيدان – خبير اقتصادي

في قراءته لهذا الوضع اكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان لموقع “أفريقيا برس” بأنه “ليس لدينا أي فكرة عن ملامح قانون المالية 2022 وعن كيفية تمويل نفقات الدولة للعام القادم في ظل الصعوبات والإشكاليات الكبيرة لتوفير هذه التمويلات ومن أي مصدر، وهو السؤال الكبير الذي يرجع له عدم صدور قانون المالية إلى حد هذه الفترة من نهاية العام”.

وبخصوص الوثيقة المسربة قال سعيدان” أنه لا يمكن تقييم قانون لم يصدر بعد لأن التقييم الحقيقي في نظره يجب أن يعتمد على النسخة النهائية التي تتضمن الأرقام الحقيقية بعيدا عن التسريبات أو النسخ الأولية” . وأوضح المتحدث أن إصدار هذا القانون قد تأخر مقارنة بما جرى به العمل وبالقوانين التونسية التي حددت يوم 10 ديسمبر كآخر أجل للمصادقة عليه،لكنه شدّد في المقابل على صعوبة هذه المهمة بالنسبة إلى الفريق الذي يعكف على إنجاز هذا القانون لسنة 2022.

سعيدان اوضح أن التسريبات الصادرة عن مشروع قانون المالية لا يمكن أن تعطي فكرة شاملة عن الفرضيات الواردة فيه أو عن المبلغ الإجمالي أو عن طريقة تمويل نفقات الدولة أو عن الاستثمار العمومي أو بخصوص خدمة الدين كيف ستكون؟ أو عن حاجيات الدولة من الاقتراض الإضافي… فالمفروض وفق رؤيته الإطلاع على وثيقة كاملة متكاملة من هذا القانون للإجابة عن جملة هذه الأسئلة وغيرها وتحديد جملة الإجراءات التي سيتم اتخاذها في إطاره قائلا” إن قانون المالية يعكس سياسة أي دولة في العالم ونحن ليس لنا قانون مالية فمن حقي إذن أن أقول أنه ليست لنا سياسة ” .

وفي معرض إجابته عن ضرورة ختمه من طرف رئيس الجمهورية حتى يتم الإطلاع عليه وتدارسه وتقييمه قال سعيدان أنه من المنتظر أن يصدر هذا المشروع في شكل مرسوم رئاسي باعتبار أن مقتضيات الفصل 5 من الامر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بالتدابير الاستثنائية، قد اقرت ان تتخذ النصوص المتعلقة بقوانين المالية شكل مراسيم.

نورالدين الطبوبي - الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل
نورالدين الطبوبي – الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

من جهته صرح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي لموقع “إفريقيا برس” أن الاتحاد لن يوافق على الخيارات التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2022، على غرار تجميد الأجور، ولن يسمح بتمرير قرارات جاهزة دون التحاور حولها.

وفسر قوله بأن القدرة الشرائية للمواطنين تدهورت إلى أبعد الحدود وأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس صعب للغاية ولا يتحمل إجراءات ثقيلة يتضمنها قانون المالية الجديد.

الطبوبي اعتبر أن الوضع الاجتماعي المحتقن ينذر بتفجر اجتماعي تكون له انعكاسات سلبية على الدولة إذا ما تم مس قدرة المواطن الشرائية او دخله الشهري لافتا إلى أن إنقاذ الموقف يتطلب بناء تصورات جديدة.

مواقف حزبية

هيكل المكي - نائب في البرلمان التونسي
هيكل المكي – نائب في البرلمان التونسي

النائب المجمد عن حركة الشعب بمجلس نواب الشعب ورئيس لجنة المالية هيكل المكي أكد من جهته لموقع “افريقيا برس”  تأخر الإعلان عن مشروع قانون المالية لسنة 2022  موضحا “نحن على أعتاب الإعلان عن مشروع قانون مالية لم يناقش ولا أحد يعلم ما يبطنه وكيف سيمكن من اخراج البلاد من هذا الوضع”.

وأشار المكي إلى أن خيار عدم المناقشة حتى مع الأطراف المساندة للقرارات الرئاسية الصادرة في 25 جويلية نهج اختاره الرئيس، معتبرا أن مشروع قانون المالية لسنة 2022 لن يختلف عن مشاريع القوانين السابقة باعتبار أنه لا يوجد سياسات اقتصادية ومالية واضحة حسب قوله.

وقال المكي نتمنى أن تكون التسريبات المتعلقة بالميزانة  خاطئة لأنها تتضمن 70 إجراء ضريبي جديد لن يثقل كاهل أغنياء تونس بل فقراءها وفلاحيها حسب تقديره مطالبا في السياق ذاته بالعدالة الجبائية ومراجعة السياسات الجبائية.

وأبرز ضرورة أن يقع إعداد مشروع قانون ميزانية الدولة للسنة القادمة بشئ من التروي وعدم الاقتصار على الجانب التقني وذلك لتغيير المنوال التنموي خاصة بعد فرصة التغيير 25 جويلية، حسب تعبيره.

فاضل عبد الكافي – رئيس حزب افاق تونس

من جهته اعتبر رئيس حزب افاق تونس  فاضل عبد الكافي أن إعداد قانون مالية تكميلي وآخر لسنة 2022 دون استشارة أهل الذكر من خبراء اقتصاديين ودون عرضه على النقاش في مجلس النواب سابقة خطيرة.

وتابع قوله إنه يعتبر مواصلة تعبئة موارد الدولة عبر سن آداءات جديدة هو حل ذو أفق محدود. عبد الكافي يرى إن منوال اقتصادي يقوم على الأداءات ليس خاصية تونسية ولكنه يرى أن فرض الأداءات يجب أن يكون خيارا مدروسا بدقة حتى لا يشمل طبقات مفقرة.

ولفت محدثنا إلى أن الخيارات البديلة موجودة ومتعددة وليس من المفروض التقيد بخيار تعميم وتكثيف الآداءات ما تسبب طيلة سنوات في انخرام المالية العمومية.

وفي سياق متصل قال عبد الكافي إن الباب الثاني من قانون المالية التكميلي لسنة 2021 يكشف عن تراجع ميزانية التنمية واستثمارات الدولة من 7 الى 4 مليار دينار وهو ما يفتح باب تساؤلات كبيرة مؤكدا أنه  ”لا يمكن أن نواصل في منوال يعتمد على ارتفاع في نسبة المديونية ونسبة الآداءات وتعميم الجباية على كل الطبقات خاصة أن تونس تشهد أعلى مستوى فرض جباية على مواطنيها على مستوى القارة الإفريقية.

ما جديد قانون المالية؟

حسب ما ورد في الوثيقة المتداولة إعلاميا فإن الدولة تعول في مشروع قانون المالية لسنة 2022 على الترفيع في المداخيل الجبائية بتوفير ما يناهز 1881 مليون دينار منها 781 مليون دينار متأتية من فرض آداءات جديدة و حوالي 300 مليون دينار متأتية من قرار الترفيع في أسعار التبغ.

ودائما وفق هذه التسريبات فقد تم تحديد نسبة النمو الاقتصادي في السنة الجديدة ب2.6 بالمائة مع توقعات بأن تصل نسبة التضخم إلى حدود 7 بالمائة.

وستتجه الدولة تدريجيا نحو رفع الدعم عن منتجات الطاقة من خلال توجيه الدعم إلى مستحقيه ومراعاة الفئات الضعيفة وفي المقابل لن يتم رفع الدعم عن المواد الأساسية على المدى القريب.

وتضمّن مشروع قانون المالية لسنة 2022 أيضا إجراءات تخوّل للدولة التصرّف في حسابات وودائع الحرفاء المصرفية لدى البنوك عن طريق الاستحواذ عليها بعد التثبت من عدم مطالبتها من قبل أصحابها لمدة تفوق ال15 سنة.

وحسب النسخة الأولى من مشروع قانون المالية 2022 فإن هذا الأخير يتضمن قرارات تخص الأجور وتتمثل بالأساس في تجميد الرواتب ووقف الانتدابات الجديدة في الوظيفة العمومية، مع اعتماد التقاعد الاختياري في ما بين سن 50 و57 سنة، وصنف آخر من التقاعد الذي يعتمد سنوات الخبرة لمن لهم 5 سنوات من الأقدمية، بهدف توفير 1559 مليون دينار على كامل سنة 2022.

وتتضمن وثيقة مشروع قانون المالية أيضا قرارات جديدة تخص إعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي تعاني صعوبات مالية عبر آلية التطهير المالي وتسوية المتأخرات وإعادة جدولة الديون البنكية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here