بعد عام من انتخابه.. ما هي حصيلة البرلمان التونسي الحالي وكيف يقيم التونسيون إنجازاته؟

3
بعد عام من انتخابه.. ما هي حصيلة البرلمان التونسي الحالي وكيف يقيم التونسيون إنجازاته؟
بعد عام من انتخابه.. ما هي حصيلة البرلمان التونسي الحالي وكيف يقيم التونسيون إنجازاته؟

أفريقيا برس – تونس. أتم البرلمان التونسي في دورته الحالية، عامه الأول، بينما تتصاعد التجاذبات بشأن حصيلته التشريعية وقدرته على الاستجابة لتطلعات التونسيين والتونسيات وفي مقدمتها المطالب الاجتماعية والاقتصادية.

ووفقا للدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه في 25 يوليو/ تموز 2021 فقد تم انتخاب هذا المجلس النيابي على دورتين بعد تنقيح القانون الانتخابي الذي تم بمقتضاه تغيير نظام الاقتراع من القائمات الحزبية والمستقلة إلى نظام الأفراد.

ويتقاسم هذا البرلمان وظيفته التشريعية مع مجلس الجهات والأقاليم الذي استكمِل مسار تركيزه قبل يومين، بعد مصادقة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على النتائج النهائية لانتخابات أعضائه.

وتثير حصيلة القوانين التي صادق عليها البرلمان خلال سنته الأولى جدلا في الأوساط التونسية، حيث يصفها البعض بأنها “الأضعف” في تاريخ تونس، بينما يرى شق ثانٍ أن هذه الحصيلة تعتبر “عادية” على اعتبار أن النصف الأول من السنة خصص لتركيز أركان البرلمان.

وكشف تقرير لمنظمة “أنا يقظ” (منظمة رقابية خاصة) أن عدد مشاريع القوانين التي صادق عليها مجلس النواب خلال سنة لم يتجاوز 37 مشروع قانون، 97 % منها صدرت عن رئاسة الجمهورية.

ووفقا للتقرير ذاته، فإن البرلمان لم يمرر سوى مقترح قانون وحيد من ضمن 33 مقترح قانون تقدم بها، ويتمثل في مشروع قانون تجريم التطبيع الذي رفعت الجلسة العامة المخصصة للتصويت عليه وبقيت معلقة إلى حدود اليوم.

وحول طبيعة القوانين المصادق عليها، أظهر التقرير أن 19 منها تتعلق بالقروض والاتفاقات، و11 تتعلق بالتشريعات الجديدة أو القوانين المنقحة، و6 تتعلق بالموازنة والمالية، وقانون وحيد يتعلق بمنح امتيازات استغلال محروقات.

كما لم يقم مجلس نواب الشعب خلال هذه السنة، وفق التقرير، بنشر قائمة الحضور والغيابات المتعلقة بالنواب حتى يتم التمكن من مساءلة النائب المتغيب، وقياس مدى مردودية النواب، في مخالفة صارخة للفصل 26 لنظامه الداخلي.

كيف يقيم التونسيون حصيلة سنة برلمانية؟

وبحسب ما أكده عدد من التونسيين، يتفق عدد منهم على أن البرلمان لم ينجز بعد ما هو مطلوب منه من استحقاقات اقتصادية واجتماعية، معبرين عن امتعاضهم من غلاء الأسعار وتفاقم معدلات البطالة.

فيما يشير شق آخر إلى أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على هذا البرلمان وأن الملفات الكبرى تحتاج إلى مدة من الزمن لاستشعار نتائجها، خاصة في ظل وجود حصيلة سلبية راكمتها الحكومات والبرلمانات السابقة، وفقا لقولهم.

يرى محسن بن سالم، أنه من الضيم الحكم على هذا البرلمان في مدة وجيزة، وأن تغيير الواقع يحتاج إلى رسم مخططات وسياسات دقيقة ومبنية على دراسات يطول إنجازها.

وتابع “وفقا لتجارب دولية سابقة، تحتاج الانتعاشة الاقتصادية الحقيقية إلى ما لا يقل عن 30 سنة، والبرلمان ليس المسؤول الوحيد عن تحقيقها”.

ويرى بن سالم أن المسائل التنموية موكلة إلى الغرفة البرلمانية الثانية المتمثلة في مجلس الجهات والأقاليم الذي سيهتم بسن تشريعات وفقا لحاجيات كل جهة، معتبرا أن هذا الأمر سيقطع مع مسألة المركزية ومع سنوات من التهميش للجهات الداخلية.

وتستحسن حنان عوينات، غياب التجاذبات السياسية عن هذا البرلمان، مضيفة: “خلافا للبرلمان السابق غابت مشاهد العنف والمعارك الكلامية عن هذا المجلس”.

في المقابل، يقول خالد الخميري (33 سنة) وهو موظف في دار للطباعة والنشر، إن آماله بتحسّن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بدأت تتضاءل في ظل تفاقم المؤشرات السلبية وتوسع لهيب الأسعار الذي شمل جميع نواحي الحياة.

وأضاف: “كنت من ضمن الذين طالبوا بحل هذا البرلمان قبل سنتيْن أملا في تحسين معيشتنا وفي تحقيق انتعاش اقتصادي، ولكن يبدو أن الوضع يزداد سوءً يوما بعد يوم.

بدورها، تقول منية الجميّل إن هذا البرلمان لا يختلف عن سابقيه، وأن المسؤولين عموما حكومة وبرلمانا لا يعيرون اهتماما لأولويات الشعب، معتبرة أن الشعب ملّ من الشعارات وأن تقييمه يستند إلى ما يلمسه من نتائج في علاقة بواقع المعيشي.

مردود “ضعيف”

ويصف القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، حصيلة البرلمان في سنته الأولى بـ “المتواضعة” و”الضعيفة”.

وأوضح: “من حيث القوانين لم يختلف هذا البرلمان عن البرلمانات السابقة، فأغلبية القوانين التي صادق عليها هي قوانين تتعلق بالقروض، ومعظمها صادرة عن رئاسة الجمهورية”.

ويرى العجبوني أن هذه الحصيلة تثبت أن مجلس نواب الشعب “منزوع الصلاحيات”.

وأضاف “من مظاهر ضعف هذا البرلمان مشروع قانون تجريم التطبيع الذي تم إيقاف مناقشته ضمن الجلسة العامة بعد تدخل رئيس البرلمان.

ولفت العجبوني إلى أن البرلمان يشتغل بطريقة عرجاء، على اعتبار أنه منقوص من 7 أعضاء لم يتم انتخابهم إلى اليوم، مشيرا إلى أن التجاذبات تسيطر على غرفتيه.

وقال العجبوني إن الغرفة البرلمانية الثانية لا تزال مجهولة الوظائف وأن هناك خلطا كبيرا بين مهام الغرفتين، متسائلا: “كيف ستتم إدارة الخلافات بين الغرفتين؟ ومن سيحدد حدود العلاقة بينهما؟ وإذا كانت مهام مجلس الجهات والأقاليم تقتصر على قانون المالية والمخطط الاقتصادي، فما هو الدور الذي سيضطلع به بعد المصادقة عليهما؟”.

وانتقد العجبوني غياب الشفافية في العمل النيابي، مشيرا إلى أن البرلمانات السابقة دأبت على فتح أبوابها للصحفيين وللمجتمع المدني الذين كانوا يواكبون النقاشات داخل الجلسات العامة وأشغال اللجان، خلافا للبرلمان الحالي الذي باتت فيه مقترحات القوانين تناقش داخل غرف مقفلة، وفقا لقوله.

واعتبر المتحدث أن حصيلة السنة البرلمانية الأولى تكشف عن غياب المعطى الاقتصادي والاجتماعي الذي من المفترض أن يكون في قائمة أولويات النشاط البرلماني.

حصيلة مرضية رغم البطء التشريعي

على الجهة المقابلة، شدد النائب في البرلمان ورئيس كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات، على أن تقييم السنة البرلمانية الأولى لا يمكن أن يكون اعتمادا على تاريخ تنصيبه في مارس/ أذار 2023.

وأوضح: “العمل الفعلي للبرلمان انطلق من غرة أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والفترة التي سبقت ذلك خصصت لإعداد النظام الداخلي وتركيز اللجان والكتل وانتخابات رئيس المجلس ونائبيه”.

ولفت إلى أن مناقشة الموازنة أخذت حيزا زمنيا كبيرا امتد إلى العاشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، نظرا لأهميتها، قبل أن يتم فتح المجال لمناقشة مقترحات القوانين ومشاريع القوانين التي تحظى بأولوية النظر.

وقال عويدات إن أغلبية القوانين التي تمت المصادقة عليها تتعلق بالقروض، مشيرا إلى أن كتلة الخط الوطني السيادي عرضت 3 مقترحات قوانين، اثنان منها مرّا إلى النقاش، الأول يتعلق بإحداث صندوق الإصلاح التربوي الذي أدرج لاحقا ضمن قانون الموازنة، والثاني يتعلق بتجريم التطبيع الذي مر إلى الجلسة التي رفعت حينها.

وبيّن أن الكتلة بصدد تعديل هذا المقترح في اتجاه ضمه إلى المجلة الجزائية مع المحافظة على مطلبه الأساسي وهو تجريم التطبيع مع إسرائيل.

وبسؤاله عمّا تحقق من مطالب التونسيين التي رفعت في احتجاجات يوليو/ تموز 2021، قال عويدات إن البرلمان بصدد العمل على هذه المطالب، مشيرا إلى أن البرلمان صادق بالفعل على قانون يتعلق بإحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي الذي كان مطلبا أساسيا للتونسيين منذ الثورة.

وقال عويدات إن البرلمان سيشرع في القريب العاجل في مناقشة مشاريع القوانين التي ستحدث تغييرا جذريا في واقع التونسيين وخاصة الواقع الاقتصادي، وفي مقدمتها مجلة المياه ومجلة الاستثمار والقانون عدد 411 المتعلق بالشيك دون رصيد، مضيفا :هذه المشاريع بصدد النقاش في صلب مجلس الوزراء وسيقع تمريرها قريبا على أنظار البرلمان”.

ويقر عويدات بوجود بطء تشريعي في عدد من مشاريع القوانين المهمة التي لا تحظى بالاهتمام اللازم، على غرار المحكمة الدستورية التي تضمن استمرارية العمل السياسي، والقانون المنظم لعمل مجلس الجهات والأقاليم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here