تعاطف يسار تونس مع “حماس”.. مراجعات فكرية أم حتمية ظرفية؟

5
تعاطف يسار تونس مع
تعاطف يسار تونس مع "حماس".. مراجعات فكرية أم حتمية ظرفية؟

عادل الثابتي

أفريقيا برس – تونس. منذ بداية الحرب على قطاع غزة، أجمعت أحزاب تونسية ذات مرجعية ماركسية وقومية على مساندة المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة “حماس” حتى أن حزب العمال نعى العاروري وعبّر عن تضامنه مع القطاع ومقاومته و”حماس” ذات المرجعية الإسلامية، فيما رأى خبير تونسي أنها “مسألة ظرفية ولن تتم المراجعات الكافية”.

وقال حمة الهمامي الناطق باسم حزب العمال (ماركسي لينيني) متحدثا عن حماس إنها “حركة تحرر وطني والمهم فيها هو أن تُجَمِّع أغلب قوى الشعب الفلسطيني في مواجهة المستعمر ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب النازي”.

وأضاف الهمامي: “من يكون في القيادة مسألة ثانوية، “فتح” (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) كانت في القيادة في وقت من الأوقات إلى جانبها الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، واليوم حماس وإلى جانبها حركة الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وعدة أطراف أخرى”.

وتابع الهمامي “بالنسبة ما يهمنا هو من يوجه البندقية إلى الكيان الصهيوني العنصري النازي”.

ويتابع: “وبالتالي قلناها منذ اللحظة الأولى نعم نحن حزب يساري وإلى جانب حماس الجهاد (الإسلامي) وخلافاتنا الإيديولوجية حول النمط المجتمعي أوفي الاقتصاد مسائل ثانوية لتُتحرر فلسطين وسيكون للصراع والنقاش مجاله””.

وأوضح الهمامي خلفية موقفه بالقول “هل سنحاسب عبد الكريم الخطابي الثائر المغربي عن نظرته الاجتماعية أم سنحاسب الأمير عبد القادر الجزائري عن نظرته الاجتماعية أم عن وقوفه في وجه الاستعمار، هل سنحاسب عمر المختار عن أفكاره الاجتماعية أو عز الدين القسام عن أفكار الاجتماعية لا ليس هذا المطروح”.

– مع طوفان الأقصى

وقال الهمامي: “القضية الرئيسية والهامة والأساسية هي قضية تحرر وطني لذلك نحن من اللحظة الأولى وقفنا إلى جانب المقاومة واعتبرنا أن عملية طوفان الأقصى هي نتيجة لتراكم شاركت فيه كل الفصائل والشعب الفلسطيني على مدى عقود”.

وأضاف “المقاومة أنجزت ما عجزت عن إنجازه عدة جيوش عربية سنة 1967 التي منيت بهزيمة والحقيقة نحن كنا نتوقع مثل هذا التطور”.

وتابع الهمامي متحدثا عن التقاء كل فصائل المقاومة في عملية طوفان الأقصى: “طبعا لابد أن يلتقوا، الالتقاء ضرورة وطنية في الوضع والحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني”.

– لنا علاقة مع حماس

وقال الهمامي “لذلك نحن لنا علاقات مع حماس واستقبلنا في هذا المقر صديقنا سامي أبو زهري وناقشنا معه وثمة من استغرب هذا الأمر فأجبناهم أن من يستغرب هذا اللقاء بين حزب العمال وحركة حماس فهو لا يعرف شيئا عن حزب العمال ولا عن النضال”.

وأضاف الهمامي “النضال مراحل ولكل مرحلة قواها نحن لنا علاقات طيبة مع الجبهة العشبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني ونحن دائما وأبدا نعيد على مسامعهم نفس الخطاب، اتحدوا على الأساس والأساس اليوم هو تحرير فلسطين”.

– زعزعة الكيان الصهيوني

وحول ما نتج عن معركة طوفان الأقصى، قال الهمامي: “الكيان الصهيوني زعزعته معركة طوفان الأقصى وإلى حد الآن وبعد حوالي أكثر من ثلاثة أشهر من المعارك لم يحقق أي هدف أساسي من أهدافه العسكرية أو السياسية”.

وأضاف: “الكيان كشف مرة أخرى عن طبيعته النازية الهمجية ومن حسن حظ الشعوب العربية أيضا ومن نتائج هذه المعركة أنها عرت بشكل مطلق عن خيانة هذه الأنظمة (العربية)”.

“5 ملاين جندي لدى هذه الأنظمة العربية وأسلحة مكدسة وصواريخ ولكنها لا توجَّه إلا ضد شعوبها أو ضد بعضها البعض بأوامر أمريكية ولا توجه ضد العدو”، يضيف الهمامي.

منصف بوزازي عضو المكتب السياسي لحركة الشعب ( ناصرية) قال بدوره: في حركتنا في العقيدة السياسية والحزبية والثقافية لعموم كوادر الحركة ومناضليها وجمهورها هي أن القضية الفلسطينية هي مركزية في التكوين الأصلي للشاب للمناضل للمرأة”.

وتابع بوزازي: “نحن في حركة الشعب دعمنا ينطلق من فهمنا أنها (حماس) حركة تحرر وطني، وفي معركة تحرر وطني، اللون السياسي أو الحزب يزول، وما يوحد الناس هو تحرير الأرض وبناء المستقبل مع بعض”.

– حروب التحرير تذيب الخلافات الإيديولوجية

وقال بوزازي إنه “في كل حروب التحرير تذوب التجاذبات والحدود الحزبية والتنظيمية والأيديولوجية”.

وأضاف “في حركة الشعب هكذا نرى الأمور بقطع النظر عن لون من يحمل البندقية المهم من يحملها ومن يقاتل من يقود حرب التحرير بغض النظر عن أيديولوجيته”.

وأردف: “لذلك كنا في تواصل وفي علاقة جيدة مع حزب الله (اللبناني) أيّا كانت خلفيته المذهبية”.

وعن علاقتهم بحماس قال إن قياداتها كانوا في مقر حركة الشعب بتونس، واستقبلوها باعتبارها جزءا أصيلا ومكونا في معركة تحرير فلسطين”.

وطوال يومي السبت والأحد الماضيين نظّمت “حركة الشعب” التونسية ملتقى دعما لـ”المقاومة الفلسطينية”، شارك فيهعن حركة “حماس” كل من باسم نعيم (عضو مكتب سياسي) وسامي أبو زهري (متحدث الحركة)، ويوسف حمدان (ممثل حماس بالجزائر)، وعن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليلى خالد (عضو مكتب سياسي)، وحسين غريبيس ممثلا عن جماعة “حزب الله” اللبنانية.

وعلى هامش مشاركته في الملتقى، تستمر زيارة وفد من حركة حماس يقوده أبو زهري لتونس، وتم استقبال الوفد من قبل عدة أحزاب ومنظمات تونسية منها حزب التيار الديمقراطي وحركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وغيرها.

– ارتقاء صالح العاروري

وحول نعي حركة الشعب للقيادي في حماس صالح العاروري قال بوزازي “الشيخ صالح هو واحد من هذا الجيل الذي انطلق في الكفاح من خارج النظام العربي الرسمي، والكيان الصهيوني لما عجز في الميدان اعتمد الاستخبارات للاغتيال”.

واعتبر استشهاد القيادي العاروري “خسارة للمقاومة ولكن تلك طبيعة الأشياء تقبله الله شهيدا وهو واحد من أجيال الشهداء العرب في طريق تحرير فلسطين”.

وفي 2 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت “حماس” اغتيال إسرائيل لنائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري، و6 آخرين بينهم 2 من قادة كتائب القسام و4 من كوادر الحركة، بقصف مسيرة استهدفت شقة في الضاحية الجنوبية ببيروت.

– ظرفية المواقف؟

وحول ما إذا كانت مواقف الأحزاب القومية والماركسية من حركة حماس تأتي في سياق مراجعات فكرية تعكس تراجعا عن مواقفها الرافضة للتيارات الإسلامية، قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية مهدي مبروك: لن تحدث مراجعات وكل ما ينتجه اليسار الواسع سواء في تعبيراته القومية وحتى البعثية لم يُحْدِث مراجعات والأدبيات لم تتغير”.

وتابع مبروك قائلا: “هناك رغبة لدى البعض في اليسار في المراجعات والتقارب وفتح باب الحوار، لكن النواة الصلبة في هذه التنظيمات تمنع ذلك”.

وفي خصوص المواقف المعبرة عنها من أحزاب يسارية وقومية بمساندة حماس، قال مبروك: “إنها مواقف سياسية ظرفية تتعلق بالمقاومة باعتبار أن القضية الفلسطينية ذات أولوية ولا تعكس تحولات فكرية عميقة”.

وأضاف “أن التقاء الساحات لا يمكن أن يحدث في تونس ولن ينتج عن هذه المواقف التقاء بين اليسار والقوميين وحركة النهضة، وبناء الكتلة التاريخية لا يزال بعيد المنال”.​​​​​​​

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 24 ألفا و448 قتيلا و61 ألفا و504 مصابين، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here