تصريحات مثيرة صدرت على لسان مرشح حركة البناء الوطني، وزير السياحة الأسبق، عبد القادر بن قرينة، في إحدى خرجاته في الحملة الانتخابية، قال فيها بعض الحقائق، وهو مطالب اليوم من قبل الجزائريين، بواجب كشف ما تبقى من تلك الأسرار، على الأقل للتاريخ.
بن قرينة تحدث عن مؤامرة قال إن العصابة حاولت إشراكه فيها، وهي الشروع في تفتيت الوحدة الترابية للبلاد، تحت مسميات غريبة عن القاموس السياسي والمسطرة الدستورية، من قبيل “النظام الفدرالي” و”المجلس التأسيسي”، وكان مبرمجا إدراج كل ذلك في الدستور بعد مراجعته.
وزير حركة مجتمع السلم الأسبق، قال بالحرف: “كلمني بوتفليقة عن طريق رئيسي مؤسستين، أحدهما في السجن والآخر خارجه”، وأضاف: “قالا لي إن السعيد بوتفليقة يريد لقائي، فرفضت وعادا مجددا قائلين إن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة يريد لقائي مجددا”.
ووفق بن قرينة فإن الموضوع كان يتعلق بسن دستور جديد، وتأسيس فيدراليات، ومجلس تأسيسي للدولة الجزائرية، غير أنه رفض، والكلام للمرشح الذي رد عليه بقوله: “الجزائر تأسست منذ بيان نوفمبر، لسنا بحاجة لمجلس تأسيسي ولا تأسيس فيدراليات..”.
بن قرينة لم يكشف الكثير من الحيثيات التي رافقت هذه “المؤامرة”، مثل توقيتها والأسماء التي لعبت دور الوسيط بينه والرئيس السابق وشقيقه السعيد، الموجود بالسجن العسكري بالبليدة، ولماذا تأخر في الكشف عنها إلى غاية الحملة الانتخابية، الأمر الذي يعطي الانطباع بأنه يسعى لاستغلال هذه الحادثة في سباق الرئاسيات.
واضح من خلال سياق حديث وزير السياحة الأسبق، أن حيثيات هذه “المؤامرة” تؤشر على أن المبادر بها (الرئيس السابق)، كان في وضعية سياسية حرجة، ووضعه كان أشبه بالغريق الذي يحاول التشبث ولو بقشة، كما يقول المثل العربي السائر، وهو ما يرجح فرضية وقوع فصول هذه “المؤامرة” يوم اشتد ضغط “الحراك الشعبي” على “العصابة”.
وبعد مضي أشهر على الحادثة، يبقى أمام بن قرينة رفع السر عن الأسماء التي لعبت دور الوساطة بينه وبين رموز “العصابة”، على الأقل حتى يتمكن الجزائريون من محاسبتهم ولو معنويا، وجزائيا إن توفرت الشروط القانونية لذلك.
أما فيما يتعلق بالقضية في حد ذاتها، فهي تعبر عن مدى خطورة “العصابة” التي حكمت البلاد لعدة سنوات، بسبب تهورها وانزلاقها إلى ممارسات كانت ستؤدي إلى تفتيت الوحدة الترابية للبلاد، كل ذلك من أجل الاستمرار في التسلط على رقاب الجزائريين، بأي ثمن، ولو تطلب الأمر بقاءهم حكاما على بلد تحول إلى أطلال.
ما هو مقزز، أن فرنسا وعلى مدار 132 سنة من الاحتلال، فشلت في تحقيق مآربها التوسعية، وسياساتها الرامية إلى تفكيك أوصال البلاد، وقد كاد أن يتحقق ذلك على أيدي “عصابة” استهوت دفء الكرسي، لولا بركات الحراك ومرافقة الجيش، اللذين أسقطا مؤامرتها في مهدها.