سقوط الطائرة المسيرة يهدد علاقات الجزائر بالساحل

5
سقوط الطائرة المسيرة يهدد علاقات الجزائر بالساحل
سقوط الطائرة المسيرة يهدد علاقات الجزائر بالساحل

أفريقيا برس – الجزائر. فاجأت الطائرة المسيرة التي تم اسقاطها من طرف الجيش الجزائري، بأقصى الحدود الجنوبية، المتفائلين بانخفاض مستوى التوتر في منطقة الساحل الافريقي، فامتلاكها من طرف الجيش المالي، وتسييرها من طرف مجموعة فاغنر، وتصنيعها من طرف تركيا، واختراقها المجال الجوي الجزائري، يضع علاقة الجزائر مع باماكو وموسكو وأنقرة أمام اختبار حقيقي، لأن الهدوء المسجل مع الأولى خلال الأسابيع الأخيرة، والتقارب القائم مع الثانية والثالثة، لم يقدم الضمانات التي تطالب بها الجزائر لحماية سيادتها وأمنها الاستراتيجي.

علل مصدر أمني جزائري، فضل عدم الكشف عن هويته، بأن تضارب الروايات بشأن سقوط الطائرة المسيرة في الشريط الحدودي بين الجزائر ومالي، بسعي الأطراف الفاعلة لاستغلال الحادثة، بشكل يجسد الحضور الإيجابي في معادلة الصراع، خاصة وأن سقوط الطائرة المشهود لها دوليا بالأداء والتطور التكنولوجي.

وأضاف، لـ “أفريقيا برس”، بأن “الجيش المالي حاول إعطاء الانطباع للرأي العام المحلي، بأن الطائرة تحطمت ذاتيا، وأوكل مهمة معرفة ظروف وملابسات الحادثة الى التحقيق الذي فتحه، كما شدد على أنه ظل متحكما فيها الى غاية سقوطها في منطقة خالية من السكان، وحال دون انفجار الأسلحة والذخيرة التي كانت في حمولتها، أما الفصائل الأزوادية المسلحة، فقد تحدثت عن السقوط ولم تذكر المسؤول عنه، وأظهرت تسجيلات تظهر عناصرها حول الحطام المترامي”.

وجزم المتحدث، بأنه “لا أحد في المنطقة يملك الإمكانيات المضادة للتعامل مع مثل هذه الطائرة الا الجيش الجزائري، وهو ما تأكد في البيان الصادر عن وزارة الدفاع، ولو أنه أبقى على بعض مناطق الظل في المسألة، حيث تفادى ذكر نوع السلاح المضاد المستعمل، والمكان الذي سقطت فيه بدقة، ففيما تحدث عن بلدة تينزواتين الجزائرية، ذكر الجيش المالي وجبهة تحرير الأزواد أنها سقطت في تينزواتين المالية.

ومنطقة تينزواتين، هي بلدة حدودية مقسمة بين التراب الجزائري والتراب المالي، وساكنتها ينتمون الى اثنية واحدة في الغالب، غير أن كل جزء يخضع لسيادة البلد الذي تتبعه.

وكانت وزارة الدفاع الجزائرية، قد أعلنت إسقاط طائرة بدون طيار ببلدة تينزواتين، في أقصى الحدود الجنوبية، وذلك بعدما اخترقت المجال الجوي لمسافة كيلومترين، دون أن تقدم تفاصيل أخرى، وتترجم الحادثة العسكرية النادرة على الشريط الحدودي الفاصل مع منطقة الساحل، حجم التهديدات الأمنية المحدقة وامكانيات الانزلاق الى مواجهات ميدانية.

وقال بيان للوزارة، نشرته على صفحتها الرسمية في الفيسبوك، بأن “وحدة تابعة للدفاع الجوي تمكنت ليلة فاتح ابريل 2025 في حدود منتصف الليل، من رصد وإسقاط الطائرة بدون طيار”.

وأضاف: “إسقاط المسيرة جاء في سياق الجهود المبذولة لحماية الحدود الوطنية، وأن العملية النوعية تؤكد مرة أخرى، اليقظة العالية والاستعداد الدائم لوحدات الجيش لحماية حدودنا البرية والجوية والبحرية من أي تهديد يمس بالسيادة الوطنية”.

واللافت أن صور حطام الطائرة التي تم تداولها على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، تحمل بيانات تركية لنوعية “بيرقدار، أكنجي”، التي تدعم بها أنقرة الجيش المالي بموجب اتفاقيات تعاون عسكري بين تركيا والمجلس العسكري الحاكم في مالي، وهو ما يؤكد تورط الجيش المالي والسلاح التركي في الحادثة التي تعتبرها الجزائر، جر للمنطقة نحو عدم الاستقرار والمواجهات المسلحة.

وأفاد مصدر مطلع، بأن وفدا عسكريا وأمنيا تركيا تنقل الى مالي فور وقوع الحادث، بغرض الاطلاع على ملابسات الحادث، الذي سيلقي بظلاله على صناعة طائرات “بيرقدار” التي اكتسبت سمعة عالمية من حيث التطور التكنولوجي والأداء الميداني العالي، خاصة في الحرب الروسية- الأوكرانية.

وقالت مؤسسة النهضة الإعلامية المؤيدة لمعارضة الأزوادية، بأن طائرة “بيرقدار، أكينجي” التركية، هي من بين أكثر الطائرات المسيرة تطورا، وتستخدم عادة في عمليات الاستطلاع والضربات الدقيقة. وإسقاط مثل هذه الطائرة يشكل انتصارا استراتيجياً للقوات الأزوادية، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة. ويعكس هذا الحادث تطورا ملحوظا في القدرات الدفاعية لأزواد، سواء عبر أنظمة مضادة للطائرات المسيرة أو تعاون استخباراتي مع أطراف إقليمية، وردا وضحا على استهداف الجيش المالي ومرتزقة فاغنر للمدنيين الأزواديين بهذه المسيرات”.

وأضافت: “إسقاط الطائرة التركية ليس مجرد انتصار تكتيكي، بل هو مؤشر على تحول جيوسياسي في المنطقة، حيث تبرز القوات الأزوادية كفاعل رئيسي لا يُستهان به. في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الساحل صراعات متعددة الأطراف، تثبت أزواد أنها قادرة على الدفاع عن وجودها ومصالحها بقوة”.

وتأتي الحادثة في سياق شهد انخفاضا لمنسوب التوتر بين الجزائر وباماكو، بعد تنصيب السفير المالي الجديد محمد أماغا دولو، الذي صرح عقب تسليم أوراق اعتماده للرئيس عبدالمجيد تبون، بأن بلاده “تتقاسم مع الجزائر مصيرا مشتركا في مجالات السلم والأمن والتنمية، وأن البلدين تربطهما روابط عريقة”، فضلا عن تقارب كبير بين الجزائر وتركيا، حيث ينتظر أن يلتقي رئيسي البلدين قريبا، حسب ما جاء في آخر اتصال هاتفي جرى بينهما بمناسبة تبادل تهاني عيد الفطر.

ولا زالت قيادة الجيش المالي تتعامل مع الحادثة، بسردية الفعل المعزول، نظرا لخطورته على أمن المنطقة، فهو على طابعه الاستفزازي والاختراق المرفوض في التشريعات الدولية، رفع درجة اليقظة الجزائرية والقيام برد فعل حاسم، يؤكد أن مطلبها من القوى الفاعلة في مالي بعدم الاقتراب من الحدود المشتركة لمسافة 100 كلم، كان من أجل تفادي أي انزلاق قد يتحول إلى خطر على سيادتها وأمنها الإقليمي، وتلافي مثل هذه الحوادث، فضلا على فرضية استغلالها لأغراض ومهام أخرى.

وقال الجيش المالي، بأن “طائرة مسيرة تابعة له تحطمت ليل 31 مارس 1 أبريل في منطقة غير مأهولة في تينزاوتين بولاية كيدال، دون وقوع أضرار بشرية أو مادية على الأرض”.

وأضاف: “البروتوكولات الأمنية منعت من حصول أي انفجار للأسلحة الموجودة على متنها، وأنه تم فتح تحقيق فوري، لتسليط الضوء على ظروف الحادث، ومعرفة الأسباب وتحديد المسؤوليات المحتملة. وسيتم إبلاغ الرأي العام بشكل منتظم بنتائج التحقيق”.

ولفت الى أن الطائرة كانت في “مهمة اعتيادية لمراقبة التراب الوطني في إطار عمليات تأمين الأشخاص والممتلكات”، لكن ذلك يوحي الى النشاط الاعتيادي للسلاح الجوي في المنطقة، واختراقها للمجال الجوي يطرح فرضيات أخرى، حول التجسس والقيام بقصف داخل التراب الجزائري، كونها كانت محملة بالأسلحة.

وأعلن في اليوم الموالي (الأربعاء)، القضاء على مسلحين، إثر غارات جوية استهدفت سيارات رباعية الدفع، على بعد ثلاثة كلم جنوب شرق “تينزواتين”، قرب الحدود الجزائرية.

وقال: “السيارات كانت تحمل إرهابيين، وأن المعلومات الاستخبارية، أكدت طبيعة الهدف الذي تم التعامل معه بشكل ناجح، وأن تحليل الانفجار عن بعد، كشف عن وجود كميات كبيرة من المواد المتفجرة”.

وهو ما يؤكد ملاحقة الجيش المالي المدعوم من طرف مسلحي مجموعة “فاغنر” الروسية، وبالسلاح التركي، للمجموعات المسلحة المعارضة على تخوم الأراضي الجزائرية، مما يطرح إمكانيات الالتحام أو الاشتباك مع وحدات حراسة الحدود وتشكيل خطر على أمن وسلامة سكان الشريط الحدودي، بمن فيهم الأزواديين المدنيين الذين يلجأون اليها فرارا من الملاحقات العسكرية.

وفي المقابل أعلن ناشطون في جبهة تحرير أزواد، عن أن غارة الجيش المالي، استهدفت منقبين عن الذهب، وهو العمل الذي ينتشر في المنطقة، حيث سبق لبعضهم أن تعرضوا لاستهدافات عسكرية للاشتباه في وضعهم ونشاطهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here