وعي الجزائريين يشكّل جبهة داخلية “قوية” تتصدّى للمؤامرات!

4
وعي الجزائريين يشكّل جبهة داخلية “قوية” تتصدّى للمؤامرات!
وعي الجزائريين يشكّل جبهة داخلية “قوية” تتصدّى للمؤامرات!

مريم زكري

أفريقيا برس – الجزائر. في ظل التحوّلات الإقليمية والدولية، وما يرافقها من حملات دعائية مكثفة وموجات تضليل إعلامي عبر منصات التواصل الاجتماعي، وجدت الجزائر نفسها على غرار باقي الدول، أمام تحدّيات تمس أمنها القومي واستقرارها، وهو الواقع الذي فرض نفسه بتشكيل وعي جماعي لدى فئة واسعة من الجزائريين، الذين باتوا يتعاملون ويتفاعلون بحذر وذكاء مع الأحداث والأخبار المتدفقة يوميا، وأصبحوا يتمتعون بحصانة وقدرة على التمييز بين المعلومة المغرضة وتلك التي تخدم مصلحة الوطن.

ألقت الأحداث التي يعيشها العالم اليوم خاصة ما يحدث في قطاع غزة والضرائب التي فرضها الرئيس الأمريكي وما انجر عنها من تصعيدات تجارية، والتوترات الأمنية في دول الساحل وغيرها من الأخبار، بضلالها على الحياة اليومية للجزائريين، لم يسبق أن كانت مثل هذه المواضيع وبالأخص السياسية في الجزائر تحظى باهتمام كبير من طرف الشباب، غير أن التغيرات والمجريات المتسارعة حاليا دفعت هذا الجيل للتفاعل أكثر، بعدما لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في ذلك، وتحولت إلى وسيلة للتعبير عن القضايا وتبادل النقاشات.

تفاعل غير مسبوق مع القضايا السياسية والدولية

وتابع باهتمام كبير معظم الجزائريين ما تصدره السلطات الجزائرية ومؤسساتها السيادية من بيانات رسمية، وتداولها على نطاق واسع، وحرصهم على متابعة كل كبيرة وصغيرة والتفاعل معها لحظة بلحظة، لمعرفة آخر التطورات، ويتفق مختصون على أن هذه الظاهرة تمثل تطورا هاما في المشهد السياسي الجزائري والرأي العام، إذ أصبح الجميع يدرك أن الأمن القومي هو مسؤولية جماعية، تبدأ من أبسط مواطن إلى أعلى رتبة في الدولة، وهو ما ساهم في تشكيل جبهة قوية ومتراصة، وفي هذا السياق، صرح المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، حكيم بوغرارة، بأن هناك وعي ويقظة حقيقية لدى الرأي العام في الجزائر تجاه مختلف الملفات والقضايا، خاصة تلك التي تهم الأمن القومي، مشيرا إلى أن الجزائريين اكتسبوا هذه الحصانة من تاريخهم النضالي والكفاحي ضد الاستعمار، وضد كل أشكال المؤامرات والدسائس التي استهدفت الوطن عبر العقود.

الجزائريون تعلموا انتقاء ما يخدم مصلحة الوطن

وأوضح بوغرارة، أن ما عاشته الجزائر خلال تاريخها الطويل من تحدّيات وصراعات جعل شعبها يتمتع بوعي كبير، إضافة إلى الاهتمام الكبير من قبل الجزائريين بالإعلام واكتساب ثقافة كبيرة في جميع الملفات، سواء كانت دولية أم ثقافية أو رياضية وحتى سياسية، وهو ما يجعلهم قادرين على تصفية الأخبار وانتقاء ما يخدم مصالحهم ومصلحة وطنهم، كما يعرفون متى يمارسون النقد الإيجابي، ومتى يتنازلون عنه لصالح الوطن والأمن القومي، على حد تعبيره.

كما أشار بوغرارة إلى أن تكامل مؤسسات الدولة، والدور الذي يلعبه الإعلام، إلى جانب قوة المؤسسة العسكرية، ووجود فضاءات للنقاش في الجزائر، كلها عوامل ساهمت في تشكيل هذا الوعي، والتصدي للمؤامرات، وكشف الأخبار الزائفة والمغلوطة، ومحاربة الحروب النفسية والدعائية التي تبث عبر مساحات التواصل الاجتماعي.

ونوّه محدثنا إلى أن الحملات تستهدف الجزائر من خلال تجنيد بعض المقيمين في الخارج، والذين باتوا يعملون ضمن أجندات أجنبية تابعة لدول عدائية، لكن – يضيف بوغرارة- ردود فعل الجزائريين ووعيهم الكبير جدا شكل جبهة داخلية حصينة، تعلمت كيفية الرد في الوقت المناسب، وهو ما اعتبره أحد عناصر قوة الجزائر وقدرتها على مجاراة أعاصير المؤامرات القادمة من الشرق والغرب والجنوب..

وأكد ذات المتحدث على أن المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية تبقى بطبيعة الحال مسؤولة عن الشؤون الأمنية والدفاع عن الوطن وحدوده، لكن في المقابل، فقد أصبح واضحا اليوم أن كل مؤسسات الدولة، والمواطن البسيط على حد سواء، باتوا يدركون أن الأمن القومي هو مسؤولية جماعية، تبدأ من أبسط مواطن إلى أعلى رتبة في الدولة، وهو ما ساهم في تشكيل جبهة داخلية قوية ومتراصة، على حد قوله.

توافق المواقف السياسية للسلطة والشعب..

من جهته، أوضح الدكتور والمؤرخ عامر رخيلة، أن الشعب الجزائري على غرار بعض الدول الأخرى، أصبح يظهر تفاعلا قويا مع القضايا السياسية والدولية، وهو انعكاس لوعي سياسي نابع من تاريخ طويل من النضال، مضيفا أن هذا التفاعل ليس مجرد استجابة مؤقتة فقط، بل هو امتداد طبيعي لمواقف تاريخية راسخة في ذاكرة الجزائريين، الذين لطالما تفاعلوا مع الأحداث الكبرى التي تؤثر على الساحة الإقليمية والدولية.

وأضاف الأستاذ رخيلة، أن هذا التفاعل هو تجسيد حقيقي لقيم العدالة والمساواة التي ناضل من أجلها الشعب الجزائري، ويعكس، بحسبه، اهتماما متواصلا بالقضايا العامة والشأن السياسي خاصة المحلي، مشيرا إلى أن الجزائر كانت دائما متماشية مع مبادئها التاريخية في اتخاذ المواقف السياسية، واصفا ذلك بأنه “تفاعل قائم على مبدأ تاريخي”.

من جانب آخر، استحسن رخيلة تطابق وتوافق المواقف السياسية للسلطة والشعب، اتجاه القضايا العادلة، على غرار المتعلقة منها بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، سواء كانت محلية أم إقليمية.

وتابع محدثنا، أن التجاوب يعكس استمرارا للروح التي أبداها الشعب الجزائري في مناصرة الملفات العادلة في أصعب الظروف، وأوضح أن الجزائريين، الذين استقبلوا الثوار والأحرار من جميع أنحاء العالم خلال فترات تاريخية هامة، يظلّون اليوم ملتزمين بنفس الروح في دعم القضايا التي تتعلق بالعدالة وحقوق الإنسان.

وقال محدثنا، إن الخطاب السياسي الرسمي أصبح يجد صدى لدى المواطنين، حيث يعكس تطلعاتهم وطبيعة الشعب الجزائري، الذين يتفاعلون بشكل قوي مع القضايا المحلية والإقليمية بحس سياسي عميق، وأكد أن المواطن حتى في أبسط تفاصيل حياته، لا يتردّد في التعبير عن رأيه والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وهو ما يعكس تفاعلا حيويا مع المواقف السياسية ومعالجة القضايا الاجتماعية.

وفي هذا السياق، أشار رخيلة إلى أن اهتمام المواطن بالسياسة والشأن العام هو في الأساس تعبير عن إرادته في بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، مردفا أن هذا التفاعل السياسي المستمر هو جزء من هوية الشعب الجزائري، مشيرا إلى أن المواطن الجزائري يظل متمسكا بمواقف ثابتة تدعم العدالة الاجتماعية، وقال إن هذا التحوّل لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يعكس أيضا تغييرات ثقافية كبيرة في المجتمع الجزائري، حيث أن الشباب أصبحوا أكثر وعيا بأهمية دورهم في بناء وطنهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here