أفريقيا برس – الجزائر. يسعى اليمين المتطرف الفرنسي إلى توجيه بوصلة العلاقات الجزائرية الفرنسية مستغلا بداية التواصل بين البلدين، غير أن اللافت فيها كان التركيز على تحقيق المصالح الفرنسية، انطلاقا من المسائل التي تؤرق بال باريس، وفي مقدمتها فتح ملف الهجرة والتعاون في المجال الأمني ومراجعة اتفاقية 1968.
وبعد النكسة التي تعرضت لها الواجهة السياسية للتيار اليميني، من خلال استبعاد خطة وزير الداخلية السابق، برونو روتايو، في إدارة الأزمة مع الجزائر، كشفت افتتاحية صحيفة “لوفيغارو”، عدد الجمعة، عن خطة لإدارة مرحلة ما بعد العاصفة من وجهة نظرها اليمينية، حيث تحدثت عن قرب استئناف الحوار بين الجزائر وباريس، وهو الأمر الذي بات “ممكنا ومرغوبا وضروريا”، كما زعمت.
غير أنها سرعان ما تساءلت عن الصيغة والهدف، وراحت تتحدث عن مطلب “التعاون الجيد” بين أجهزة الاستخبارات، وقضايا الهجرة والأمن، فضلا عن استعادة المرحلين، ومراجعة اتفاقية 1968، وبالمقابل تتجاهل الملفات التي تضعف الموقف الفرنسي في أية مفاوضات قد تحدث، وعلى رأسها ملف الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر (الذاكرة)، بالإضافة إلى الموقف الفرنسي المثير للجدل من القضية الصحراوية، والذي يعتبر السبب الرئيس للأزمة التي تفجرت بين البلدين منذ ما يزيد عن السنة.
وكتبت الصحيفة اليمينية: “لا نطلب من السلطة الجزائرية محو التاريخ، بل إبقاء الزوارق الحربية في الميناء”، في إشارة إلى ترك هذا الملف الشائك بعيدا عن النقاش، حتى لا يؤثر على عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية، في موقف ينضح بالنفاق والأنانية، وذلك بالرغم من أن الجزائر وضعته على رأس الشروط التي لا يمكن التنازل عنها في أية مفاوضات مع الجانب الفرنسي، الذي لا يزال يرفض تحمل مسؤولياته.
ورغم إدراكها لحساسية هذا الملف، إلا أن المنبر الإعلامي اليميني، الذي يعبر عن شريحة واسعة من الساسة الفرنسيين الذين لا يزالون يحنون إلى “الجزائر الفرنسية”، تستخف بمطالب الجزائريين، متسائلة: “هل ستواصل (الجزائر) مطالبة فرنسا بمحاسبات حول تجاربها النووية السابقة في الصحراء (الجزائرية)، أو سياساتها تجاه المغرب وإسرائيل؟ ألم يحن الوقت لفتح صفحة جديدة؟.”
ويبدو الطرف الفرنسي مستعجلا في استئناف المباحثات الثنائية من أجل استعادة الجسور المقطوعة بين البلدين، مستندة في ذلك إلى ما اعتبرته “التغيير الجذري في الخطاب” الذي يقدمه وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان- نويل بارو، ووزير الداخلية لوران نونييز، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، بنيكولا ليرنر، وكلهم أكدوا على أن خطاب وزير الداخلية الفرنسي السابق، تسبب في تأزيم العلاقات الثنائية.
وكشفت الصحيفة في هذا السياق، عن قرب زيارة الأمين العام لوزارة الخارجية الفرنسية، آن – ماري ديسكو، إلى الجزائر، غير أنها لم تقدم موعدا لذلك، كما لا يزال مصير زيارة وزير الداخلية، لوران نونياز، محل شكوك أيضا، وهو ما يؤكد صعوبة استئناف المحادثات، بالنظر لحجم الضرر الذي أصاب العلاقات الثنائية، والذي يتحمل مسؤوليته الرجل الأول في قصر الإيليزي، إيمانويل ماكرون.
ولحد الآن لم يصدر أي موقف رسمي من الجزائر بخصوص الزيارات التي اقتصر الكشف عنها من الجانب الفرنسي فقط، لأن زيارة لوران نونياز، جاءت على لسان الأخير، كما أن زيارة الأمينة العام لوزارة الخارجية لم يؤكدها أي مسؤول من كلا البلدين، ولا يستبعد أن يعمد المسؤولون الفرنسيون إلى تسريب هذه المعلومات، بهدف امتصاص غضب النخب الفرنسية التي لم تهضم الاستعداء المجاني الذي تورط فيه ماكرون، لدولة لا يمكن التفريط في العلاقات معها، بالنظر للحسابات الجيوسياسية للنفوذ الفرنسي في المنطقة المغاربية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





