أفريقيا برس – الجزائر. يفتح المجلس الشعبي الوطني ملف التجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية والمكتسبة، عبر مقترح قانون يُحدد 6 حالات يشملها الإجراء، أبرزها الإضرار الجسيم بمصالح الدولة، والمساس بالوحدة الوطنية، وإظهار الولاء لدولة أجنبية، وتقديم خدمات لجهات خارجية بنية الإضرار بالجزائر، والتعامل مع دولة أو كيان معاد لها، مع إخضاع الإجراء لمرسوم رئاسي يسبقه إنذار مدته 60 يوما، وفتح إمكانية استرداد الجنسية بعد مرور 24 شهرا على الأقل من تاريخ التجريد.
وفي هذا الإطار، تستمع، اليوم الأربعاء، لجنة الشؤون القانونية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني إلى صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية، النائب هشام صفر، بحضور وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، ممثلا عن الحكومة، على أن تواصل اللجنة عقب ذلك دراسة أحكام الاقتراح، تمهيدا لعرضه على النواب في جلسة عامة يوم السبت المقبل على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان.
وحسب نص المقترح المنتظر عرضه أمام النواب، فإن الهدف منه يتمثل في تعديل وتتميم أحكام الأمر رقم 70-86 المؤرخ في 15 ديسمبر سنة 1970، والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية، وذلك من خلال إدراج أحكام جديدة تضبط بدقة حالات التجريد من الجنسية، سواء الأصلية أو المكتسبة، بما ينسجم مع التحديات القانونية والأمنية المطروحة.
وفي هذا السياق، تنص المادة 22 من القانون المقترح على أن كل شخص اكتسب الجنسية الجزائرية يمكن أن يُجرد منها إذا صدر ضده حكم من أجل فعل يُعد جناية أو جنحة تمس بالمصالح الحيوية للجزائر، أو تمس بالوحدة الوطنية، أو إذا صدر ضده حكم قضائي في الجزائر أو في الخارج من أجل جناية تساوي عقوبتها أو تزيد عن خمس سنوات سجنا، غير أن النص قيد تطبيق هذا الإجراء يشترط أن تكون الأفعال المنسوبة إلى المعني قد وقعت خلال العشر سنوات الموالية لتاريخ اكتساب الجنسية الجزائرية، وألا يتم إعلان التجريد إلا خلال خمس سنوات ابتداء من تاريخ ارتكاب تلك الأفعال.
أما المادة 22 مكرر، فقد وسّعت من نطاق الحالات، حيث تنص على إمكانية تجريد أي جزائري من جنسيته الجزائرية الأصلية أو المكتسبة إذا قام خارج التراب الوطني بأفعال من شأنها إلحاق ضرر بمصالح الدولة الجزائرية أو المساس بالوحدة الوطنية، أو أبدى نية الإضرار بالدولة، أو أظهر من دون لبس إصراره على نبذ الولاء للدولة الجزائرية.
ويشمل ذلك، وفق المقترح، أداء خدمات لدولة أخرى أو قبول أموال أو مزايا منها بهدف الإضرار بمصالح الدولة الجزائرية، مع الاستمرار في ذلك رغم الإنذار الصادر عن الحكومة الجزائرية، فضلا عن العمل لصالح جهات عسكرية أو أمنية أجنبية أو تقديم مساعدة لها إضرارا بمصالح الدولة، والاستمرار في هذا السلوك رغم الإنذار، إضافة إلى التعامل مع دولة أو كيان معاد للدولة الجزائرية.
كما أدرج المقترح ضمن هذه الحالات ثبوت نشاط ضمن جماعة أو منظمة إرهابية أو تخريبية في الخارج، مهما كان شكلها أو تسميتها، أو القيام بتمويلها أو الدعاية لصالحها، أو الانخراط فيها إضرارا بمصالح الدولة الجزائرية، ونصت المادة ذاتها على إمكانية التجريد من الجنسية الجزائرية المكتسبة في حال ارتكاب داخل التراب الوطني الأفعال المنصوص عليها في النقاط من 1 إلى 5 من هذه المادة.
وبخصوص الإنذار، يمنح أجل للمعني لا يقل عن 60 يوما للامتثال، وذلك في الحالات المنصوص عليها في النقطتين 3 و4 من المادة 22 مكرر، وفق ما ورد في نص المقترح.
أما من حيث الإجراءات، فتنص المادة 23 المقترحة على أن يتم التجريد من الجنسية الجزائرية بموجب مرسوم رئاسي، بعد تمكين الشخص المعني من تقديم ملاحظاته في أجل 30 يوما، تسري ابتداء من تاريخ انتهاء مدة الإنذار بالنسبة للأشخاص المذكورين في النقطتين 3 و4 من المادة 22 مكرر، وتسري ابتداء من تاريخ الإخطار بالنسبة لبقية الحالات المذكورة في المادة نفسها.
ويلزم النص بإعلام الشخص المعني بكل الطرق القانونية، بما في ذلك الوسائل الإلكترونية، قصد تمكينه من تقديم ملاحظاته المكتوبة، وفي حال تعذر ذلك، يتم اللجوء إلى النشر في جريدتين وطنيتين، تكون إحداهما بلغة أجنبية.
24 شهرا على الأقل من تاريخ التجريد لاسترداد الجنسية
ومن جهة أخرى، نصت المادة 23 مكرر على إمكانية استرداد الجنسية الجزائرية الأصلية التي تم التجريد منها تطبيقا لأحكام المادة 22 مكرر، وذلك بناء على طلب يقدمه المعني بعد مرور أربعة وعشرين شهرا على الأقل من تاريخ التجريد، ووفق الإجراءات المنصوص عليها في الفصل الخامس من قانون الجنسية، على أن يتم الاسترداد بموجب مرسوم رئاسي.
وفي عرض أسباب اقتراح القانون، أوضح صاحب المبادرة التشريعية أن هذا التعديل يأتي بعد أكثر من 20 سنة على آخر تعديل لقانون الجنسية، وفي إطار السعي إلى تكييفه مع أحكام الدستور، لاسيما المادة 36 منه، وكذا جعله متوافقا مع الآليات الدولية التي تنظم الحقوق والحريات، بهدف تأطير حالات التجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية والمكتسبة.
وأضاف أن الأحكام الجديدة ترمي إلى معالجة ظاهرة تستهدف الإضرار الخطير بالمصالح الأساسية والحيوية للبلاد، والاعتداء الصارخ على رموز الدولة ومقوماتها، من قبل أشخاص يحملون الجنسية الجزائرية ويعتقدون أنهم بمنأى عن سلطة القانون والقضاء، بالنظر إلى ما يتوفرون عليه من حماية لدى دول معروفة بسياساتها العدائية تجاه الجزائر.
سحب الجنسية مسموح به كإجراء استثنائي
وأكد صاحب المقترح أن للدولة الحق في التجريد من جنسيتها ما لم يكن ذلك تعسفا، وهو التوجه نفسه الذي أقرّه بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، لاسيما في مادته الثالثة، الفقرة الثانية، التي تنص على أنه لا يجوز حرمان أي شخص، على نحو تعسفي، من جنسيته أو رفض الاعتراف بها أو إنكار حقه في تغييرها.
كما أشار، بالرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس بتاريخ 10 ديسمبر 1948، إلى أن المادة 15 منه تقر بأن لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، ولا يجوز تعسفا حرمان أي شخص من جنسيته أو من حقه في تغييرها.
وفي السياق ذاته، ذكر بأن لجنة القانون الدولي، خلال دورتها لسنة 1985، أكدت أن التجريد من الجنسية يمكن اللجوء إليه كإجراء استثنائي، حتى وإن أدى إلى حالة انعدام الجنسية، في حال ارتكاب جرائم خطيرة تمس بأمن وسلامة واستقرار الدول، في وقت تتطلع فيه الدولة الجزائرية إلى ترقية الحس الوطني وتكريس قيم المواطنة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





