أفريقيا برس – الجزائر. تواصلت محاكمة المتابعين في قضية إرهاب على مستوى محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء وهران، إلى غاية مساء الاثنين، حيث ناقشت التشكيلة القضائية جناية إعادة طبع ونشر مطبوعات وتسجيلات تشيد بالأعمال الإرهابية، وجناية استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال لتجنيد الأشخاص لصالح جماعة أو منظمة إرهابية تنشط بالخارج، التي تورطت فيها شبكة مكونة من 28 فردا، ينحدرون من مختلف ولايات الجزائر، اتخذوا محلا للنجارة كمركز لتدبير العمليات بمنطقة بلقايد التابعة لبلدية بئر الجير شرق عاصمة الغرب الجزائري وهران.
وقائع القضية حسب المناقشة المعمقة التي دارت بقاعة المحاكمة، كشفت عن ممارسات خطيرة لهذه الشبكة الإرهابية، التي نجح أفراد المصلحة الجهوية للتحقيق القضائي التابعة للأمن الداخلي بوهران بتاريخ 12 ديسمبر 2022، في تفكيكها بتوقيف كل من المشتبه فيهم “د.ا” المكنى “أبو مصعب” وشقيقه “د.م”، “ب.ز.ن” إلى جانب “ع.ي.ج”، بمحل لنجارة الخشب، كائن بحي بلقايد ببلدية بئر الجير الواقعة شرق وهران، بعد رصد نشر أفكار التنظيمات الإرهابية ودعم أفعالها والإشادة بها من قبل أفراد الشبكة، كما تم بنفس التاريخ توقيف المشتبه فيه “ل.م”، مع حجز الهواتف النقالة للموقوفين، التي عثر بداخلها على منشورات تدعو إلى التحريض على ارتكاب عمليات إرهابية، والالتحاق بصفوف الجماعات المسلحة، إلى جانب قصاصة ورقية تحمل في محتواها عبارات تحريضية على القتال والرغبة في الموت، مكتوبة بخط المشتبه فيه “ع.ي.ج”، كما تم عرض مجموعة من الحواسيب على الخبر ة العلمية، التي كشفت احتواءها على أشرطة فيديو وكتب إلكترونية تحريضية، منشورات وأناشيد تمجد ما يقوم به التنظيم الإرهابي “داعش”، ناهيك عن وجود ملفات خاصة بتطبيق الموقع الالكتروني “تليغرام” الذي يسمح بتتبع عدد من القنوات الإعلامية الالكترونية الخاصة بالتنظيم المذكور.
يلقن طفليه الأفكار الإرهابية
ومواصلة للتحريات، كشف الإرهابي “ابو مصعب”، عن تخطيطه للالتحاق بمعاقل الجماعة الإرهابية الناشطة خارج التراب الوطني بدولة مالي، معترفا أنه شخص مقتنع بالفكر الجهادي، وراح ينشر فكر جماعة تنظيم “داعش” بين أفراد المجتمع وينقلها لولديه البالغين من العمر 10 و14 سنة، وسعى لتنشئتهما على إتباع جماعة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأكد المذكور أنه عنصر ناشط ضمن جماعة تضم حوالي ثلاثين 30 عنصرا، كلهم من مناصري ومؤيدي تنظيم “داعش” ويتبنون نفس الفكر الجهادي، والبعض منهم يرغب بشدة في الالتحاق بمعاقل جماعة “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، والقتال تحت رايتها، وهذا بمساعدة المشتبه فيه المدعو “ب.س”، الذي تم توقيفه في 14 ديسمبر 2022 ببلدية باش جراح بالجزائر العاصمة، أين تم العثور بحوزته، على قرص مضغوط تم إخضاعه للخبرة التقنية، وتبين أن الموقوف مقتنع ومتشبع بالفكر التكفيري “الجهادي” منذ نشأة الجماعات الإرهابية في الجزائر، وأضاف أن تعلقه بفكر جماعة تنظيم “داعش” يعود لسنة 2014، وزاد هذا التعلق بعد اتساع نشاط عناصر تنظيم “داعش” الارهابي في كل من دولتي سوريا والعراق، والمكاسب التي حققها هناك وقتها، واعترف المتهم بأنه يعرف أشخاصا يتبنون الفكر “الداعشي” في ولاية المدية، اثنان منهم ساهما في اعتناقه فكر التنظيم المتطرف.
“فتوى” لتشريع الاحتيال
وقد تبين بأن المشتبه فيه “د.أ” قد استفاد من قرص للتشغيل بقيمة 80 مليون سنتيم سنة 2019، وحسب تصريحاته أن الاستفادة من دعم الأنظمة الطاغية والدولة الكافرة من دون إعادة إرجاع المبلغ يعتبر غنيمة حسب “فتوى” أحد المراجع التكفيرية، وأضاف أنه عمل بالفتوى، ليقرر استعمال الأموال في الالتحاق بجماعة تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى الناشطة بدول الساحل وتحديدا مالي للجهاد في صفوفها، بعد اجتماع مع قادة الشبكة بمحل النجارة، ليتوجهوا إلى ولاية تمنراست، أين تعرفوا على مسالك مؤدية إلى مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في شمال مالي والتي قرروا العودة إليها في 2023.
ومن جهته كشف الإرهابي “ل.م” عن قائدي التنظيم بحي العقيد لطفي بوهران، اللذين كانا يشرفان على مسجد بذات الحي، ويتعلق الأمر بالإمام “ي” ومعلم المدرسة القرآنية “س”، اللذان شحنا عقله بالمواضيع التكفيرية، حيث توصل من خلال النقاشات ومتابعة الكثير من الدروس التي يقدمانها من خلال الحلقات الدينية، إلى تبني عقلية تكفيرية متشددة.
وأردف أيضا أنه تنقل إلى ولاية المدية مع “س” أين تعرف على “أحمد” وشقيقه، لتتوطد العلاقة بينهما، بعد ما كان يتنقل من ولاية عين الدفلى إلى المدية، قبل أن يعود إلى وهران، وكانوا يقومون بتنظيم لقاءات يومية بمحل النجارة، التي تم خلالها الاتفاق على القيام برحلات لعدد من الولايات مثل المدية، بوقطب بالبيض، ولاية تمنراست، بغية الالتحاق بالجماعات الإرهابية، كما قاموا بدراسة مقاطع فيديو مختصة في كيفية تصنيع المتفجرات وتسيير المجموعات الإرهابية.
بعد انتهاء التحقيقات، وتوقيف جميع المشتبه فيهم، تم إحالتهم على محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء وهران التي أدانتهم بعقوبة 4 سنوات حبسا نافذا، قبل أن يتم الطعن في الحكم وإعادة فتح الملف صبيحة أمس، أين أنكر المتهمون كل ما نسب إليهم من أفعال، متراجعين بذلك عن كل ما جاء في تصريحاتهم أمام الضبطية التي وقعوا على محاضرها، في حين أن النائب العام خلال مرافعته، تطرق لكل النقاط القانونية، وواجههم بالأدلة التي تؤكد تورطهم في ارتكاب الجناية المتابعين بها، ملتمسا تشديد العقوبة في حقهم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





