الجزائر: مستعدون للتطبيع مع إسرائيل إذا قامت دولة فلسطينية

12
الجزائر: مستعدون للتطبيع مع إسرائيل إذا قامت دولة فلسطينية
الجزائر: مستعدون للتطبيع مع إسرائيل إذا قامت دولة فلسطينية

أفريقيا برس – الجزائر. تضاربت القراءات بشأن محتوى التصريح الذي أدلى به الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية، خاصة فيما يتعلق بالرسائل الموجهة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وفرنسا، وتلعب وضعية العلاقات مع كل طرف دور تحديد الحاضر وافراز مخرجات المستقبل، فالرغبة للتقارب مع واشنطن، ليست هي فكرة التطبيع مع تل أبيب، ولا هي احتواء الأزمة المتفاقمة مع باريس.

في افادة صوتية وجهها المحلل السياسي إسماعيل معراف، لوسائل الاعلام، أكد أن مسألة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي لا تهم وليست من صلاحيات الرئيس تبون لوحده، بل هي قضية شعب وأجيال كاملة، هي التي تقرر نوع العلاقة بين الطرفين سواء في الحاضر أو المستقبل، لأن الموقف من الاستعمار والاحتلال ارث مشترك لجميع الجزائريين.

واعتبر اختيار الصحيفة الفرنسية المملوكة لرأس مال أمريكي، رسالة مبطنة من الرئيس الجزائري للإدارة الأمريكية الجديدة، مفادها استعداد بلاده الى مزيد من التقارب والتعاون، وتكريسا للخطوات الأخيرة، حيث كان قائد قاعدة “أفريكوم” مايكل لانجلي، قد أدى زيارة للجزائر أفضت لتوقيع مذكرة تفاهم عسكري بين البلدين، كما أجرى الوزير المنتدب للدفاع الوطني سعيد شنقريحة اتصالا مع رئيس لجنة رؤساء الأركان المشتركة الأمريكية الفريق أول تشارلز براون.

وتابع: “اللجوء الى صحيفة فرنسية لمخاطبة الرأي العام الفرنسي والنخب السياسية والرسمية، تنطوي على خطوة تستهدف احتواء الأزمة المتصاعدة بين البلدين، واذا كانت الخطوة معمول بها في العلاقات الدولية، فانها من الصعب عزلها عن رغبة في التنازل عن سقف التصعيد المعبر عنه مؤخرا، بطرح مشروع قانون في البرلمان الجزائري لتجريم الاستعمار، وحتى رفض متجدد لاستلام أحد المهاجرين قامت السلطات الفرنسية بترحيله”.

وفي هذا الشأن رد الرئيس تبون، على سؤال حول ما إذا كانت الجزائر وواشنطن لن تتعثرا في قضية غزة التي يريد ترامب تطهيرها من سكانها، رد بالقول: “التعبير المستخدم مؤسف”، وأنه في ذهن الرئيس الأميركي “ليس الأمر كذلك”.. “إن الأمر لا يتعلق بالشعب الفلسطيني الذي يحظى بالدعم في أوروبا، وفي العالم، وفي أفريقيا”

وتابع: “بعد أن حصلت الجزائر على اعتراف 143 دولة عضو في الأمم المتحدة بفلسطين لن نمحو كل ما تم إنجازه”.

وفي رسائل طمأنة لمستقبل العلاقات الجزائرية- الأمريكية، أكد الرئيس الجزائري، بأن “علاقات البلدين ظلت دائما جيدة، بما في ذلك خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب، وعندما انتخبت في عام 2019، أرسل لي رسالة لتهنئتي بعد ساعات قليلة من ظهور النتائج، بينما استغرق الرئيس ماكرون أربعة أيام للاعتراف بانتخابي”.

وأضاف: “الولايات المتحدة هي التي طرحت القضية الجزائرية على الأمم المتحدة، وأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تحمل مدينة تحمل اسم الأمير عبد القادر، وأن أكبر مشاريع الجزائر في قطاع المحروقات تم تنفيذها مع الأميركيين”.

ولفت الى أنه، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، فإن الجزائر تحافظ على علاقات جيدة مع كل القوى الكبرى وكل دول البحر الأبيض المتوسط التي تستثمر معنا، فخلال الأيام الأخيرة تم استقبال قادة روس في الجزائر، وزيارات أمنية ودبلوماسية، وجرت مشاورات على أعلى المستويات مع الولايات المتحدة.

وأبدى المحلل السياسي عبدالسلام فيلالي، في تصريح لـ “افريقيا برس”، تفاؤلا بشأن مستقبل العلاقات الجزائرية- الأمريكية، وهو ما تجسده الاتصالات والزيارات المستمرة لكبار المسؤولين في البلدين، الأمر الذي يوحي الى أن عودة الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض لن تكون عائقا أمام علاقات تاريخية بين البلدين، تزداد في الظرف الراهن قناعة بضرورة دعمها وترقيتها.

وقال: “زيارة الفريق أول مايكل لانجلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) للجزائر الذي صرح حين تناوله لمستقبل علاقات التعاون بين الجزائر والولايات المتحدة الأمركية) بأنهما تتقاسمان: الاهتمامات ذاتها بخصوص الاستقرار والأمن، وأنهما سويا ستزدهران وستواصلان حماية وسلامة الشعوب، وأن الجزائر بلد رائد في المنطقة، وكل الدول الأخرى ستستفيد من هذه الريادة، يوحي الى قناعة تترسخ بشكل لافت لارساء شراكة أخذت في التوسع من التعاون الأمني في اطار محاربة الإرهاب، ثم التعاون العسكري والطاقي، والباب مفتوح الى قطاعات أخرى”.

وأضاف: “هناك تقدير جديد للإدارة الأمريكية لدور الجزائر إقليميا، بما يعني بروز تحول مهم جدا في نوعية وتطور هذه العلاقة بين البلدين التي كانت تأسس في فترة سابقة (سبعينيات القرن الماضي) على مقاربة جزائرية مفادها إرساء سياسة التعاون المكثف مع الولايات المتحدة”.

وذهب الخبير العسكري وشؤون التسليح، المالك لموقع “مينا ديفونس” أكرم خريف، الى أن التوقيع على مذكرة التعاون العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة، مهدت للتصورات التي حملها تصريح الرئيس تبون، لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية حول علاقات البلدين، رغم الانطباع الذي ساد بعد عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض.

وأكد، لـ “افريقيا برس”، بأن “رسائل الرئيس تبون، لدوائر صنع القرار في واشنطن كانت واضحة، وحملت استعداد الجزائر الى تطوير وتنويع التعاون بين البلدين، كما أنها جاءت لتكرس النسق المتصاعد بين البلدين المرتبطين بتعاون وثيق في مجالات مهمة كالطاقة والسلاح، ولم يستبعد أن يتوج ذلك بصفقات لافتة، فضلا عن توسيع التعاون الى قطاعات أخرى، لاسيما وأن التفكير البراغماتي يطبع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما تحتاجه الجزائر للخروج من تبعات شراكات مكلفة مع أطراف أخرى”.

وتابع: “اليمين الفرنسي المتطرف يعرض العلاقات مع الجزائر الى الانهيار التام، ويدفع بها الى قطيعة غير مسبوقة، وهو ما أراد الرئيس تبون، التعبير عن استعداده لانقاذها، حفاظا على المصالح المشتركة بين البلدين، والنأي بالمنطقة عن أزمة قد تعصف بالوضع في حوض المتوسط برمته”.

وأثار الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، انتباه الرأي العام المحلي والعربي، بتصريحه المتعلق باستعداد بلاده للتطبيع مع إسرائيل، المشروط بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما تضاربت بشأنه الآراء بين من يرى أنه تطبيع مستحيل في ظل الرفض الإسرائيلي لجميع المبادرات ذات الصلة، وبين يراه تمهيدا لمرحلة جديدة في خيارات الجزائر الديبلوماسية تجاه من ظلت تصفه بـ “الكيان المغتصب”، وترديدها لشعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.

واستند الرئيس تبون، في طرحه على مواقف سلفيه في قصر المرادية، وهما الرئيسان الراحلان الشاذلي بن جديد، وعبدالعزيز بوتفليقة، اللذان أكدا أن المانع الوحيد في وجه أي علاقة بين الجزائر وإسرائيل، هو عدم تمكين تل أبيب لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

وكانت الديبلوماسية الجزائرية، قد فعّلت حراكا داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بوصفها عضو غير دائم، الأمر الذي أعطى الانطباع بأنها ثابتة على مواقفها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية رغم موجة التطبيع التي سادت المنطقة، وترديدها لخطاب ناقد للحكومات العربية المطبعة، حيث سبق له أن رد على سؤال عن ذلك، بأن “الجزائر لن تبارك ولن تهرول للتطبيع مع إسرائيل”.

وقال الرئيس تبون، في هذا الشأن “الجزائر ستطبع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، في نفس اليوم الذي توجد فيه الدولة الفلسطينية، بالطبع، في اليوم الذي ستكون هناك دولة فلسطينية”، مما يوحي بأنه لا مشكلة للجزائر مع الكيان الإسرائيلي الا القضية الفلسطينية، رغم أن تصريح وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد، في المغرب العام 2021، حول ” قلق بلاده من التقارب الجزائري الإيراني”، قد أثار حينها غضبا جزائريا، واعتبر تدخلا في شؤونها الداخلية وفي علاقاتها الديبلوماسية.

وأضاف تبون، “هذا الأمر يتوافق مع التاريخ، وأن سلفيه الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة سبق وأن أوضحا أنه ليس لديهما أي مشكلة مع إسرائيل، وأن همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية”.

وبشأن الأزمة القائمة بين الجزائر وفرنسا، أكد الرئيس تبون، للصحيفة الفرنسية، بأنه “من الآن فصاعدا الكرة في ملعب الإيليزيه، حتى لا نسقط في افتراق غير قابل للإصلاح، وأن المناخ مع فرنسا أصبح ضارًا ونحن نضيع الوقت مع ماكرون”، في تلميح الى ضرورة استغلال الإمكانيات المتبقية لإنقاذ العلاقات بين البلدين من الانهيار التام.

وتابع: “وزير داخلية فرنسا أراد توجيه ضربة سياسية للجزائر بمحاولة طرده لمؤثر جزائري، وفرنسا تلاحق نشطاء جزائريين على التواصل الاجتماعي وتحمي مجرمين ومخربين بمنحهم الجنسية وحق اللجوء”، في إشارة لبعض المعارضين واللاجئين السياسيين، وعلى رأسهم قيادة حركة استقلال القبائل “ماك”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here