أفريقيا برس – الجزائر. يمارس التكتل المعادي للجزائر الذي يوصف بـ”الثلاثي المَرَضي” ضغوطا غير مسبوقة على أعضاء مجلس الأمن من أجل تمرير القرار المتعلق بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
تتحرك في كواليس الأمم المتحدة هذه الأيام جبهة غير معلنة، تضم فرنسا والإمارات وإسرائيل، في مسعى منسق لفرض مشروع قرار يكرس سيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية، وسط ضغوط مكثفة على أعضاء مجلس الأمن لاستصدار موقف يخالف صراحة قرارات الشرعية الدولية ومبدأ تقرير المصير.
تحالف وصفته الأوساط الدبلوماسية بأنه “ثلاثي مَرَضي”، لأنه لا يكتفي بالدفاع عن مشروع استعماري قديم بثوب جديد، بل يذهب أبعد من ذلك عبر شيطنة الجزائر وتشويه مواقفها الثابتة دفاعا عن حرية الشعوب واستقلالها.
فرنسا، التي كانت تاريخيا الطرف الأكثر انحيازا إلى المخزن، لم تخفِ دعمها السياسي والإعلامي لما تسميه الوحدة الترابية للمغرب. بل تجاوزت حدود الخطاب إلى التحرك الميداني، حين قررت توسيع خدماتها القنصلية إلى مدينة العيون المحتلة، مع تداول تقارير حول نيتها فتح قنصلية عامة ومعهد فرنسي هناك، في خطوة تعد الأولى من نوعها لدولة أوروبية في الإقليم المحتل.
هذا الموقف الذي يمثل انقلابا خطيرا في السياسة الفرنسية، اعتبرته الجزائر تحديا صريحا للقرارات الأممية واعتداء على دور الأمم المتحدة التي تصنف الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، خاضع لتصفية الاستعمار.
أما الإمارات، فقد سبقت باريس ميدانيا حين افتتحت قنصليتها بمدينة العيون في نوفمبر 2020، مكرسة دعمها المعلن لـ”مغربية الصحراء”.
جاءت هذه الخطوة ضمن صفقة نفوذ سياسية واقتصادية مكنت أبوظبي من موطئ قدم في منطقة تعتبرها البوابة الأطلسية نحو غرب إفريقيا، مستفيدة من شراكتها الإستراتيجية مع الرباط في ملفات الطاقة والاستثمار.
ويشير مراقبون إلى أن الموقف الإماراتي لم يكن وليد اللحظة، بل جاء في سياق تنسيق ثلاثي مع فرنسا وإسرائيل لتعزيز المحور الداعم للمغرب على حساب الموقف الجزائري، خصوصا بعد توتر العلاقات بين الجزائر وأبوظبي في السنوات الأخيرة.
من جهتها، دخلت إسرائيل على خط النزاع بعد اتفاقيات التطبيع مع المغرب نهاية 2020، حيث سعت إلى تحويل صفقة “أبراهام” إلى مظلة جيوسياسية تمنحها نفوذا متزايدا في شمال إفريقيا.
وساهمت تل أبيب خلال العامين الماضيين في تزويد المغرب بتقنيات عسكرية متطورة، فضلا عن اتفاقيات تعاون أمني وصناعي، وهو ما تعتبره الجزائر تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي.
كما شاركت الدبلوماسية الإسرائيلية في الضغط على بعض الدول الإفريقية الصغيرة داخل الأمم المتحدة لتأييد الموقف المغربي، عبر صفقات اقتصادية ومساعدات تقنية، في محاولة لتشكيل كتلة تصويتية موالية للمغرب داخل المنظمة الأممية.
وفي مواجهة هذا المحور، تتمسك الجزائر بموقف مبدئي ثابت يرتكز على ألا حل لقضية الصحراء الغربية إلا عبر استفتاء حر ونزيه يعبر فيه الشعب الصحراوي عن إرادته، وفق لوائح الأمم المتحدة وقرارات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار.
وترى الجزائر أن التحركات الأخيرة لفرنسا والإمارات وإسرائيل ليست سوى محاولة يائسة لإعادة إنتاج منطق الوصاية الاستعمارية وتحجيم الدور الجزائري المتصاعد في القارة الإفريقية.
كما أن شيطنة الجزائر عبر حملات إعلامية ودبلوماسية متكررة تدخل ضمن حرب مركبة تستهدف ضرب مكانتها الإقليمية وتشويه رموزها الوطنية، وصولا إلى التأثير في مواقف الدول الإفريقية التي ترى في الجزائر صوتا مبدئيا للقانون الدولي.
إن التحركات الحالية داخل مجلس الأمن، المدفوعة من باريس وأبوظبي وتل أبيب، تعد وفق مراقبين خرقا سافرا لقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الصحراء الغربية إقليما محتلا يقع النزاع عليه تحت وصاية واختصاص منظمة الأمم المتحدة، ولا سيادة لأي طرف عليه، وأن مصيره يحسم فقط عبر حق تقرير المصير.
ومهما تنوعت الوسائل بين الضغط السياسي والإغراء الاقتصادي، يبقى المشروع المغربي ومن يقف وراءه مهزوزا في جوهره، لأنه قائم على السطو على أرض محتلة وتجاهل إرادة شعب يناضل منذ عقود لاسترجاع حريته.
المصدر: الخبر
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





