زينب هاشم
أفريقيا برس – الجزائر. بعد أسبوع من تسلمه المقعد غير الدائم بمجلس الأمن، لفت أداء الوفد الجزائرى أنظار الرأى العام الدولي، حيث تداولت وسائل الإعلام الدولية ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي، دور رئيس الوفد، عمار بن جامع للتنسيق بين الدول العربية والجزائر، لطرح الأجندة والقضايا العربية فى مجلس الأمن، بما فيها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبلغة دبلوماسية واضحة، قدم ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن مداخلة، منحت مساحة واسعة للفت أنظار العالم إلى ما يرتكبه الاحتلال الصهيونى بحق الفلسطينيين فى غزة منذ شهر أكتوبر الماضى، ومن قبل ذلك بسنوات طويلة.
تحدثت د. جميلة بو شطيطح رئيس المبادرة الجزائرية لنصرة غزة وفلسطين، قائلة: بعد أقل من ثلاثة أشهر من استلامها لمهامها داخل مجلس الأمن، حققت الجزائر أول انتصار دبلوماسى لها فى ساحة الكبار، حيث يشكل مشروع القرار الجزائرى سابقة فى عمل مجلس الأمن، ويبرز حنكة الدبلوماسية الجزائرية، وتمكنها من دواليب العمل فى أروقة الأمم المتحدة، وهى المرة الأولى التى يقدم فيها الأعضاء المنتخبون جميعا مشروعا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية.
أضافت: قادت الجزائر مفاوضات مكثفة طيلة الأيام التى سبقت التصويت على مشروع القرار، وعملت خلالها على صياغة مقترح مقتضب، يعالج العناصر الأكثر تعقيدا بما فيها وقف فورى لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع المسجونين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الطبية، والمطالبة برفع الحواجز التى تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، بما يتماشى مع القانون الدولى الإنساني.
وكان وزير الشئون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج السيد أحمد عطاف قد تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن حيث تبادل الوزيران تطورات الأوضاع بقطاع غزة، مع التركيز بصفة خاصة على المفاوضات الجارية فى إطار مجلس الأمن، بشأن مشروع القرار المقدم من قبل مجموعة الأعضاء العشرة المنتخبين فى المجلس، وذلك بهدف تفعيل التدابير المؤقتة التى أصدرتها محكمة العدل الدولية، وإقرار وقف فورى مستدام غير مشروط لإطلاق النار فى قطاع غزة.
وتصنيف فى الحديث جميلة: وفى كلمة له عقب التصويت على القرار، أثنى الممثل الدائم للجزائر بالأمم المتحدة عمار بن جامع على المرونة والعمل البناء، الذى مكن من اعتماد هذا القرار الذى طال انتظاره، من أجل وضع حد للمجازر التى لا تزال مستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر ذاق خلالها الشعب الفلسطيني، كل أشكال العذاب والمعاناة، كما أن الجزائر أكدت الحرص على تنفيذ القرار، والعزم على مواصلة المرافعة إلى غاية تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، كما أكدت أن مجلس الأمن من واجبه ضمان تنفيذ أحكام هذا القرار.
وتضيف: الجزائر وعدت بعدها بأنها ستعود للمجلس مرة أخرى للعمل، على أن تكون دولة فلسطين فى المكان الذى يليق بها عضوا كاملا وسيدا بالأمم المتحدة، وأنها ستبقى تركيزها دائما على قيام الدولة الفلسطينية على حدود الـ 67 وعاصمتها القدس الشريف. كما وعدت الجزائر بنصرة الشعوب المستعمرة، والتزمت بالدفاع عنها برغم الضغوطات والتهديدات والتحديات الخطيرة ووفاء منها بوعدها وضعت بعدها الجزائر مشروع قرار طلب عضوية فلسطين بالأمم المتحدة، قدمته باللون الأزرق فى نسخة نهائية غير قابلة للتعديل، وجاءت هذه الخطوة عقب جهود كثيرة بذلها الجهاز الدبلوماسى الجزائرى للعمل على حشد أكبر قدر ممكن من الدعم لتمكين دولة فلسطين من الحصول على عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة، وكانت الجزائر قد قدمت المشروع باسم المجموعة العربية التى دعت فى رسالتها جميع أعضاء المجلس إلى التصويت لصالح مشروع القرار الذى قدمته الجزائر باسم المجموعة العربية، وناشدت أعضاء المجلس عدم عرقلة هذه المبادرة الأساسية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض (الفيتو) وأجهضت مشروع القرار الذى قدمته الجزائر، حيث إن المشروع تحصل على دعم 12 عضوا من أصل 15 فى مجلس الأمن وامتناع بريطانيا وسويسرا عن التصويت، وبهذه النتيجة أكدت الجزائر أنها لن تعوق جهودها للعودة على المجلس حتى حصول فلسطين على العضوية الكاملة، أى أن الجزائر جعلت من القضايا العادلة والتى تتعلق بتصفية الاستعمار أولويتها داخل مجلس الأمن، الجزائر كانت وستبقى وفية لمبادئها.
ويستكمل الحديث د .حكيم بوغرارة إعلامى ومحلل سياسى جزائري، قائلا: دور الجزائر فى مجلس الأمن كعضو غير دائم، يدخل فى سياق الصلاحيات التى يمنحها المنصب فى الأمم المتحدة، فعندما تصبح فى مجلس الأمن تكتسب صفة حامل اللقب صاحب القلم، وهذا كناية على أن الدول الخمس عشرة المشكلة لمجلس الأمن، سواء بعضوية دائمة أو بالانتخاب يحق لهم عبر هذه الصفة اقتراح مشروعات القرارات والتوصيات والبيانات، من أجل تبنيها أو التصويت عليها استغلت الجزائر هذه الصفة من أجل تقديم العديد من المشروعات الخاصة، لرفض التهجير القسرى للفلسطينيين والدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى لغزة وتم التصويت عليه فى مجلس الأمن وكانت هذه خطوة مهمة لشكلية مهمة جدا فى سياق الدعم للقضية الفلسطينية، لأن مشروعات القرارات قبل التصديق عليها تخضع لنقاش كبير جدا وجدوى دعم إعلامى كبير جدا، وبالتالى فالضغط العالى عبر الشارع والجامعات والمسيرات أكدت بأن النقاشات فى مجلس الأمن والأمم المتحدة تفيد بأن دفع الرأى العام فى تبنى القضية الفلسطينية وفضح الاعتداءات الصهيونية وفضح الدول المنحازة لهذا الكيان برغم محاولات تسويقها بأنها مع السلام والأمن وردود فعل اليوم للجامعات الأمريكية والمسيرات فى مختلف عواصم العالم، ضغطت على البيت الأبيض والأمم المتحدة وكثير من الدول التى تنحاز للكيان الصهيونى.
ويلتقط أطراف الحديث البروفيسور د. إسماعيل معراف باحث الشئون القانونية والسياسية قائلا: كان الدور الجزائرى مهما ومؤثرا فى مجلس الأمن، وهو دور يعبر عن قلق عربى وإسلامى تجاه ما يحدث من قتل وتنكيل تجاه الفلسطينيين، وكان هناك فرصة تاريخية للانضمام إلى المقترح الجزائرى، من أجل تثبيت عضوية فلسطين كدولة كاملة الحقوق داخل المجتمع الدولي، وبالتالى هذا الطرح ليس طرحا جزائريا أو عربيا خالصا تقريبا فمن قبل معاهدة السلام فى بيروت عام 2000أشارت إلى ضرورة الذهاب إلى أن هناك دولتين، وأن فلسطين دولة معترف بها فى حدود 1967 كدولة فلسطينية، وهذا المقترح مازالت كل الدول العربية ملتزمة به٫ ومن ناحية أخرى، فإن الأمريكيين سواء الرئيس الأمريكى بايدن أو بلينكن يؤكدون على ضرورة حل الدولتين كحل لهذا النزاع الذى استمر منذ 76 سنة، والآن بإمكان المجموعة العربية أن تتواصل مع المجموعة العربية فى أمريكا اللاتينية، لا سيما أن هناك الكثير من الدول لديهم فرصة أن يقوموا بتقديم مقترح للكثير من دول المنطقة العربية للتتأسس كطرف وكفعل من أجل إرباك العدو الإسرائيلى وكدفع بالولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا يمكن أن تستعمل دوما الفيتو، وأتصور الآن بأن الجزائر تستطيع لعب هذا الدور مع المجموعة العربية.
ويختلف مع الآراء السابقة أبو الفضل بهلولي، المحلل السياسى الجزائرى وأستاذ العلوم السياسية قائلا: تصورى أن مجلس الأمن لن يقدم أى شيء للقضية الفلسطينية، نظرا لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية على صناعة القرار داخل مجلس الأمن، كما أن مجلس الأمن يشهد انقساما داخله، وهذا ما انعكس على صون وسلم الأمن الدوليين، حيث إن مجلس الأمن أصدر قرارات لكن بدون نتائج عملية، وأهم مثال هو فشل مجلس الأمن فى إصدار توصية لانضمام فلسطين كعضو كامل، حيث إنه لا يوجد توافق داخل المجلس الأمن، فالولايات المتحدة تريد حل القضية عن طريق الدبلوماسية، وهى مسألة سياسية وليست قانونية وهذا يعنى الولايات المتحدة ضد قرار أممى وعليه تصورى عدم الاعتماد على مجلس الأمن فى حل القضايا العربية، لأن الركيزة الأساسية للقانون الدولى تنتهك من قبل إسرائيل وعليه التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إصدار قرار من أجل طرد إسرائيل من الجمعية العامة على أساس أن إسرائيل خالفت ميثاق الأمم المتحدة، وهذا ما حدث مع جنوب إفريقيا فى الحكومة العنصرية.
ويمضى أبو الفضل فى الحديث قائلا: حان الوقت لإصلاح مجلس الأمن وإصلاح الأمم المتحدة، لأنه من غير مقبول أن إسرائيل موجودة كعضو كامل فى الأمم المتحدة منذ عام 1949 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 181، وهو نفس قرار الذى يعترف بالدولة الفلسطينية، لكن للأسف لم تحصل فلسطين على العضوية حتى الآن، كما أن مجلس الأمن له ممارسات مختلفة فى انضمام الدول إلى الأمم المتحدة، حيث إن قبول دولة جنوب السودان استغرق أربعة أيام وهذه ازدواجية فى المعايير، إن القضية الفلسطينية قضية عدالة والعدالة مفقودة عن الشعب الفلسطيني، ويمكن الجزائر استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة تقديم مشروع قرار، يضمن جزاءات ضد إسرائيل تتضمن حظر الأسلحة على إسرائيل، كما يمكن للجزائر تقديم مشروع إجراءات عقابية من خلال قرار لمجلس الأمن، من أجل حظر دخول الأسلحة إلى إسرائيل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس