عباس ميموني
أفريقيا برس – الجزائر. يتجه الجزائريون، السبت، إلى صناديق الاقتراع للتصويت بالانتخابات الرئاسية المبكرة التي يتنافس فيها 3 مرشحين ينحدرون من تيارات سياسة مختلفة.
وتجرى الانتخابات تحت الإشراف الكامل للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات (هيئة دستورية) التي أنشئت عام 2019، وحلت محل السلطات العمومية (الإدارة)، في خطوة إصلاحية رمت إلى ضمان نزاهة العمليات الانتخابية.
السلطة المستقلة اختارت عبارة “ساهم في تثبيت المسار الديمقراطي الانتخابي” كشعار رسمي لهذا السباق، أرادت من خلاله حث الناخبين على المشاركة القوية والإدلاء بأصواتهم.
وفي 21 مارس/آذار الماضي قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تبكير تنظيم الانتخابات الرئاسية عن موعدها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبرر ذلك “بأسباب تقنية محضة”.
وستفتح صناديق الاقتراع، ابتداء من الساعة الثامنة صباحا (9:00 ت.غ)، في 7 سبتمبر/أيلول الجاري، لتغلق على الساعة الثامنة مساء (21:00 ت.غ).
3 مدارس سياسية
ودعي 24 مليون و351 ألف و551 ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم والاختيار بين ثلاثة مرشحين ينتمون لمدارس سياسية مختلفة.
ودخل الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون (78 عاماً) السباق بصفته “مرشحا حرا” أي أنه ليس مرشح حزب معين، ودائما ما يردد أنه مرشح جميع الجزائريين، وخاصة الشباب والطبقة المتوسطة والضعيفة.
وينتمي تبون إلى مدرسة التيار الوطني، وهو خريج المدرسة الوطنية العليا للإدارة، وتدرج في المسؤولية السامية بوزارة الداخلية، أهمها والي بعدة محافظات، ليشغل حقائب وزارية، أهمها وزارة السكن، قبل أن يعين عام 2017 وزيرا أول.
وفاز تبون في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، بنسبة 58 بالمئة من الأصوات، ويحظى بدعم عشرات الأحزاب، أهمها أحزاب الأغلبية في البرلمان، إلى جانب كبرى التنظيمات الوطنية.
ويعد تبون بتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية، تسمح ببلوغ 400 مليار دولار كناتج إجمالي داخلي خام، في آفاق 2027، وبناء 2 مليون وحدة سكنية ودعم الفئات الضعيفة.
أما المرشح عبد العالي حساني شريف (58 عاماً)، فهو رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر (معارض)، والذي دائما ما نسب إلى مدرسة الإخوان المسلمين.
شريف، وهو مهندس دولة في الهندسة المدنية، انتخب عام 2023 ليكون رئيسا للحزب خلفا لعبد مقري، لينال ثقة مجلس الشورى، في الترشح للرئاسيات، متخذا “فرصة” شعارا لحملته الانتخابية.
ويحظى شريف بدعم بعض أبناء مدرسة التيار الإسلامي، على غرار حزب “النهضة”، ويركز في برنامجه على إجراء إصلاحات دستورية عميقة بمنح صلاحيات واسعة للبرلمان، وإقرار إصلاحات دستورية وجعل البلاد “دولة محورية” في السنوات القادمة.
أما يوسف أوشيش (42 عاماً)، السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي يعتبر أقدم حزب سياسي معارض في الجزائر تأسس عام 1963، ويجسد مدرسة اليسار المعارض للسلطة طيلة 6 عقود.
أوشيش هو خريج العلوم السياسية، اشتغل صحافيا ثم ملحقا برلمانيا، ليصبح فيما بعد رئيسا للمجلس الشعبي الولائي بمحافظة تيزي وزو (وسط)، وحاز على تزكية الحزب، للترشح لهذه الرئاسيات بشعار “رؤية للغد”.
ويقترح في برنامجه إصلاحات دستورية عميقة تسمح بتعزيز الحريات وتدعم لامركزية السلطة، ويتعهد بمضاعفة الرواتب والأجور، وبحل البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات تشريعية في السداسي الأول من عام 2025.
وفي ظل غياب مؤسسات مختصة بإجراء استطلاعات للرأي في الجزائر، يتوقع معظم المراقبين فوز تبون بولاية ثانية مدتها 5 سنوات.
قواسم مشتركة
ورغم انتمائهم لمدارس سياسية مختلفة، إلا أن المرشحين الثلاثة يلتقون في قواسم مشتركة، برزت في خطابهم أثناء فترة الدعاية الانتخابية التي جرت في الفترة بين 15 أغسطس/آب الماضي و3 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويتخذ كل من عبد المجيد تبون، عبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، من بيان الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1954، الذي يمثل إعلان اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، مرجعية لبرامجهم وتوجهاتهم.
ويتوافق المرشحون الثلاثة في مبادئ السياسة الخارجية، خاصة مواصلة الدعم القوي للقضية الفلسطينية، ونصرة القضايا العادلة في العالم، وتقوية المكانة الدولية للبلاد.
ويدعون أيضا، جمهور الناخبين إلى التوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع، معتبرين أن رفع نسبة المشاركة رهان يجب كسبه، لضمان نجاح الموعد الانتخابي.
محاربة المال
وتميزت الانتخابات الرئاسية المبكرة بالتدخل الصارم للقضاء ضد استخدام المال بطريقة غير قانونية من قبل بعض الراغبين بالترشح.
ومطلع الشهر الماضي أعلن مجلس قضاء الجزائر (العاصمة)، عن إيداع 68 شخصيا، الحبس المؤقت، في قضية شراء التزكيات، مع وضع 3 راغبين في الترشح تحت نظام الرقابة القضائية.
جاء ذلك على إثر تحقيق معمق، أفاد بقيام بعض الراغبين في الترشح في شراء استمارات تزكيات الاكتتاب الفردي، الواجب تقديمها ضمن ملف الترشح، وهو ما يتعارض مع قانون الانتخابات وقانون مكافحة الفساد.
في سياق آخر، التزم المترشحون، بخطاب هادئ طيلة فترة الدعاية الانتخابية، ركزوا فيه على الوعود والالتزامات التي يقدموها للمواطنين في تجمعاتهم الانتخابية.
وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية، لم تسجل سلطة الانتخابات شكاوى من قبل المرشحين تتعلق بتراشق كلامي، أو خطاب كراهية، أو قذف أو تحريض.
في المقابل، عبرت الحملة الانتخابية لكل من عبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، عن استيائها مما أسمته، انحياز بعض وسائل الإعلام، لصالح المرشح عبد المجيد تبون، وقدمت شكاوي لسلطة الانتخابات.
والاثنين، بدأ الناخبون الجزائريون خارج البلاد، ويفوق عددهم 865 ألف مسجل، التصويت في الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة بالداخل في 7 سبتمبر/ أيلول الجاري.
والأربعاء، بدأت عملية الاقتراع عبر المكاتب المتنقلة، المخصصة للبدو الرحل، والمقدر عدد المسجلين منهم في القوائم الانتخابية بـ 116 ألفاً و64 ناخباً مسجل في 134 مكتب تصويت.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس