عشوائية التداوي بالأعشاب والنباتات تهدد صحة الجزائريين

1
عشوائية التداوي بالأعشاب والنباتات تهدد صحة الجزائريين
عشوائية التداوي بالأعشاب والنباتات تهدد صحة الجزائريين

أفريقيا برس – الجزائر. تشهد تجارة الأعشاب والنباتات العطرية، مع بداية موجة البرد، والإصابة بالأنفلونزا الموسمية، انتعاشا ملحوظا، سواء عند التجار، الذين يملكون محلات الطب البديل التي تحولت إلى شبه صيدليات، أم عند باعة الأرصفة، الذين يأتون بأنواع منها، ارتبط اسمه بعلاج نزلات البرد، والفيروسات، من مناطق جبلية وصحراوية.

وباتت النباتات والأعشاب في الجزائر محل اهتمام من طرف منتجي الزيوت العطرية، الذين غزوا السوق الجزائرية، من خلال عدة مؤسسات مصغرة، ولكن يؤكد الخبراء أن النباتات من حيث العلاج والتداوي تبقى خطرا يهدد صحة الجزائريين، لما تحمله كل نبتة من مواد تختلف في مكوناتها في نفس النبتة.

وفي السياق، أكد جمال بوخالفة، أستاذ كلية الصيدلة ومختص في العقاقير الطبيعية الخاصة بصناعة الأدوية، خبير في النباتات الطبية والعطرية، أن الاستغلال العشوائي لهذه الأخيرة خطر يهدد صحة الإنسان، حيث توجد بحسبه عشرات النباتات في الجبال والغابات، وفي الصحراء منها إكليل الجبل، تقوفت، حبق، خزامة، رند، الريحان، الزعتر، وشجرة مريم، والفيجل، فليو، مريوة، تباع بحسبه على الأرصفة ويتم تناولها دون كميات مضبوطة، في حين إحصاء مخابر الصيدلة حدد وجود 160 نبتة عطرية معروفة في الجزائر، لم تستغل كلها.

وقال محدثنا إن اكتشاف النباتات واستغلالها يتطلب الاستنجاد بالخبراء، حيث نجدهم في المخابر وكليات الصيدلة، يقومون بدراسة مثل هذه الأعشاب والمواد الطبيعية، مشيرا إلى أنه قام باكتشاف 11 نوعا من نباتات يمكن أن تستخلص منها زيوت عطرية.

وأوضح بوخالفة أن الزيوت الأساسية المستخلصة من النباتات والأعشاب، يمكن استخدامها للتجميل والغذاء الصحي، ولكن إذا تعلق الأمر بحسبه، بالعلاج من بعض الأمراض، فإن ذلك يخضع لمعايير كثيرة، موضحا أنه في الدول المتقدمة هناك قوانين صارمة لإنتاج الزيوت النباتية.

وأشار الدكتور جمال بوخالفة إلى أن هناك لجنة مراقبة وإنتاج وتوزيع وبيع النباتات العطرية في الجزائر، لكن النشاط توسع إلى الكثير من “البزناسية” الذين يبحثون عن الربح من خلال الزيوت ومواد التجميل.

وأكد أن الفضل في اكتشاف أنواع من النباتات في الجزائر يعود إلى الجامعات والمعاهد التي تدرس هذه المواد الطبيعية، حيث كانت هناك دراسة من طرفه تتعلق بريحان الهقار جنوب الجزائر، الذي يختلف عن ريحان الشمال، وتم اكتشاف أن المتعلق بالجنوب يقلل من داء السكري بنسبة 23 بالمائة، وهي نبتة مستوطنة يجب بحسبه، الحفاظ عليها، فهي تدخل في إطار النباتات المحمية، لأن هناك قانونا جزائريا يحمي النباتات بشكل أو بآخر.

ويرى بأن مثل هذه النباتات الموجودة في الجزائر، لا يمكن نقلها إلى مخابر في الخارج، لأنها ملكية محلية، حيث يمكن بحسب بوخالفة، دراستها من طرف خبراء أجانب داخل المخابر الجزائرية لتبقى اكتشافات باسم الجزائر.

وأشار إلى أن هناك فدرالية جزائرية لمنتجي الزيوت الأساسية، تساهم هي أيضا في البحث عن الزيوت المناسبة، وتستقبل الطلبة وتساهم في رفع القيمة العلمية التي يبذلها الطالب.

ودعا المتحدث إلى تطبيق جانب تشريعي سلطوي منظم ومؤطر لاستغلال زيوت النباتات، مع إخضاع صناعة هذه الزيوت العطرية للقوانين، قائلا: “إن كل المتعاملين الاقتصاديين لديهم مشكل في إيجاد المادة الأولية لصناعة الزيوت العطرية، وعليه ينبغي أن توحد القوانين حول تصنيف ما تحتويه كل نبتة من مكونات طبيعية”.

مكونات النبتة الواحدة تختلف بحسب أماكن تواجدها

وأوضح ذات المتحدث أن مكونات نفس النبتة أو العشب تختلف بحسب أماكن تواجدها، وهذا يجعل استعمالها للعلاج معقدا، ويتطلب دراستها من طرف مخابر، فمثلا إكليل الجبل والزعتر، نجدهما في منطقة الشمال الجزائري يختلفان في مكوناتهما عن مناطق صحراوية أو في الغرب الجزائري. وقال إن بعض المصنعين الذين ينتمون للقطاع العام، يمكن لهم الحصول على مثل هذه النباتات من طرف محافظة الغابات، في حين إن الخواص يواجهون مشكل ندرة النباتات المدروسة، التي لديهم معرفة بمكوناتها، حيث دعا إلى ضرورة المحافظة على النباتات من خلال إعادة زرعها في مشاتل تساهم في الحد من نقص المادة الأولية.

وأكد أن الانتقال من النباتات البرية إلى المزروع، مثل الخردل الأبيض والأسود، يحتاج إلى زراعة عضوية، ووسائل مكافحة بيولوجية، وباستعمال التبخير، وتحاليل دقيقة، لتفادي عدم استعمال المبيدات، بإدخال تقنيات جديدة.

وأفاد مصدرنا بأن استغلال النباتات المدروسة، التي تضمنتها بعض البحوث، لا يتعدى 10 بالمائة من الدراسات الموجودة، قائلا إن نبات الزعتر مثلا مضاد حيوي يستعمل في الشتاء لعلاج السعال ونزلات البرد، لكن هناك صنفين منه، الأول معروف بـ”كارفاكرول”، والثاني” بالتيمور”، الأول استعمل حتى ضد فيروس كورونا، لأنه مضاد حيوي يمكن إعطاؤه للأطفال أكثر من 3 سنوات، بينما زعتر “بالتيمور” لا يمكن إعطاؤه للأطفال الأقل من 15 سنة.

ويرى الدكتور بوخالفة بأن دراسة النباتات والأعشاب في الجزائر وتصنيفها يمكن أن تقوم به مؤسسات مصغرة تأخذ بعين الاعتبار هذا الجانب، وتوظف أصحاب الخبرات والكفاءات في تطوير سوق زيوت النباتات العطرية، وتساهم بذلك في النمو الاقتصادي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here