في مقابل “التجميد” الروسي؛ “إنزال” أوروبي على الجزائر “بحثا عن شتاء دافئ”

15
في مقابل “التجميد” الروسي؛ “إنزال” أوروبي على الجزائر “بحثا عن شتاء دافئ”
في مقابل “التجميد” الروسي؛ “إنزال” أوروبي على الجزائر “بحثا عن شتاء دافئ”

أفريقيا برس – الجزائر. وضعت أزمة الغاز الجزائر في مركز اهتمام كبرى الدول الأوربية التي تريد البحث بكل الطرق عن التخلص من الاعتماد على روسيا في ظل الحرب المشتعلة بينها وبين أوكرانيا المدعومة من قبل الغرب وقرار موسكو عمليا تمديد “تجميد” صادراتها عبر الإغلاق الكامل لخط أنابيب الغاز نورد ستريم، الذي يربطها بأوروبا.

وشهدت الأيام الأخيرة، إنزالا دبلوماسيا لمسؤولين أوربيين كبار، بحثوا مع الجزائر إمكانيات رفع إمداداتها للقارة العجوز، في ظل توفر أنابيب جاهزة تربط ضفتي المتوسط، ما يسهل نقل الغاز عبر الجزائر، فضلا عن إعادة إحياء المشروع الأوربي لإنشاء أنبوب يربط البرتغال وإسبانيا وفرنسا ويصل إلى ألمانيا أكثر الدول تضررا من قطع الإمدادات الروسية.

ومن أبرز الوافدين أول أمس، رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي زار الجزائر وأجرى لقاء على انفراد مع الرئيس عبد المجيد تبون، أعقبه اجتماع موسع ضم عدة وزراء من الحكومة الجزائرية ومسؤولين عن قطاع الطاقة. وقال ميشال بعد لقائه الرئيس تبون “نظرًا للظروف الدولية التي نعيها جميعًا، من الواضح أنّ التعاون في مجال الطاقة أساسي، ونعتبر الجزائر شريكًا موثوقًا به ووفيًا وملتزمًا في مجال التعاون الطاقوي”.

وقبل ذلك، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد زار الجزائر. ورغم نفيه لأن يكون الغاز محور الزيارة إلا أن وسائل إعلام فرنسية ذكرت أن شركة إنجي الفرنسية تتفاوض مع شركة سوناطراك لزيادة واردات الغاز من الجزائر بنحو 50 بالمائة. ويتخوف الفرنسيون من شتاء قارس، بعد طلب الحكومة بعدم رفع درجات التدفئة في المنازل إلى أكثر من 19 درجة توفيرا للطاقة.

وفي تصريحاته بالجزائر، قال ماكرون إن الغاز الجزائري لن يغير كثيرا من المعادلة في فرنسا، لأن بلاده تعتمد في مزيجها الطاقوي فقط 20 بالمائة من الغاز والجزائر لا تمثل سوى 8 بالمائة فقط٠ من استهلاك فرنسا للغاز، لكنه أكد في المقابل أن الغاز الجزائري مهم بالنسبة لأوربا في إطار تنويع مصادرها، وقال يجب أن نشكر الجزائر على زيادة إمداداتها عبر الأنبوب الذي يربطها بإيطاليا فهناك هامش للزيادة بنسبة 50 بالمائة، لأن هذا سيساعد على التضامن الأوروبي في مجال الطاقة والسماح بتنويع مصادر الغاز.

وواجه ماكرون انتقادات كبيرة خاصة من زعيم المعارضة اليسارية جون لوك ميلونشون على تأخره في زيارة الجزائر والاتفاق معها على صفقة للغاز على أعتاب فصل الشتاء. وقال ميلونشون إن ماكرون ترك الإيطاليين يظفرون بعقود الغاز مع الجزائر ثم ذهب إلى هناك ورجع بخفي حنين، على حد قوله.

وزار الجزائر أيضا في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب، وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن، وهي دولة فاعلة في الاتحاد الأوربي رغم صغر مساحتها. والتقى هذا المسؤول الرئيس تبون ووزير الخارجية لعمامرة، واستعرض معهما المجالات ذات الأولوية للتعاون الثنائي وتعزيز الحوار والتنسيق حول القضايا الراهنة تحسبا للأحداث الإقليمية والدولية القادمة، وفق ما أورده بيان الخارجية.

وعلى الرغم من الأزمة الشديدة بين البلدين، لم يخف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، رغبته في أن يكون الضيف الأوربي المقبل للجزائر. وقال في ندوة صحفية قبل أيام مع المستشار الألماني أولاف شولتز في بون، على هامش مشاركته كضيف في اجتماع الحكومة الألمانية حول الأمن والطاقة: “بشأن الجزائر أقول لك يسعدني أن أكون أنا من يذهب إلى الجزائر”، وذلك في رده على سؤال حول تطورات الأزمة الإسبانية مع الجزائر.

ويسعى سانشيز في خلفية دعوته السلطات الجزائرية لاستقباله، إلى استعادة حصة الغاز التي ضاعت من إسبانيا عقب تفجر الأزمة بين البلدين منذ آذار/مارس الماضي، بحيث نزلت واردات الغاز الإسبانية من 40 بالمائة إلى نحو الربع من تستهلكه إسبانيا. وقد اضطرت مدريد لشراء كميات كبيرة من الغاز الأمريكي عبر الناقلات مما كلفها أعباء جديدة كبيرة، انعكست على فواتير الكهرباء والغاز في البلاد التي ارتفعت بنحو 60 بالمائة وفق الإعلام الإسباني. كما أن مدريد زادت مشترياتها من الغاز من روسيا، التي كانت تتهمها بأنها هي من تحرك الجزائر ضدها، وليس تغير موقف حكومة سانشيز من قضية الصحراء الغربية. والمفارقة أن روسيا ثاني مورد للغاز لإسبانيا خلال الشهر ما قبل الماضي، فيما تراجعت الجزائر المورد التاريخي لإسبانيا بالغاز للمرتبة الثالثة خلف الولايات المتحدة وروسيا.

وفي ظل المسارعة لتأمين شتاء دافع في أوروبا، جددت إيطاليا التي تحظى بالتفضيل في صادرات الغاز الجزائرية، تمسكها بالشراكة الاستراتيجية التي تربطها بالجزائر. وأجرى الرئيس تبون قبل ثلاثة أيام مكالمة هاتفية مع نظيره الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، تم خلالها تبادل الرؤى بخصوص العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الصديقين في عديد المجالات، حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية.

كما بحث الرئيسان بالمناسبة “سبل تسريع تطبيق مخرجات زيارتي قادتي البلدين ومختلف القرارات المتخذة خدمة لصالح الشعبين، مؤكدين أيضا، إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة للتنسيق والتشاور الدائمين”. ومن أهم الاتفاقات التي وقع عليها خلال زيارات الرئيس الإيطالي ورئيس الوزراء للجزائر وزيارة الرئيس تبون إيطاليا، مسألة الغاز، بحيث تم الاتفاق على الرفع من الواردات الجزائرية بنحو 9 مليارت متر مكعب سنويا.

وكانت مجموعات سوناطراك الجزائرية وإيني الإيطالية وأوكسيدنتال الأميركية وتوتال الفرنسية، قد وقعت، في تموز/يوليو الماضي، عقدًا ضخمًا بقيمة أربعة مليارات دولار ينصّ على “تقاسم” إنتاج النفط والغاز في حقل بجنوب شرق الجزائر على مدى 25 عامًا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here