أفريقيا برس – الجزائر. تحولت المعابر الحدودية والمطارات، إلى منافذ سرية استغلتها العصابات ومروجو الأقراص المهلوسة لتمرير “عقاقير” وأدوية لعلاج الأمراض المزمنة، والتحايل في تسريبها، على أساس برامج علاجية مكثفة يتم وصفها عادة من قبل أطباء أجانب، وتبرير الكميات المضبوطة على أنها كمية احتياطية لتغطية حاجتهم للدواء خلال فترة تواجدهم بالجزائر.
وتكشف قضايا وملفات شهدتها أروقة المحاكم مؤخرا، لمغتربين استغلوا فرصة عودتهم إلى أرض الوطن من أجل تهريب أدوية مصنفة في خانة المهلوسات على رأسها دواء الـ “سيبوتاكس” داخل حقائب سفرهم، من دول أوروبية وبالتحديد فرنسا، أين يتم حجز كميات معتبرة بحوزتهم من قبل شرطة الحدود، وتحجج المشتبه فيهم بذريعة البرامج العلاجية، بتقديم وصفات طبية، لإبعاد الشبهة عنهم وتضليل رجال الأمن بخصوص ضلوعهم ضمن شبكات لترويج وتجارة المهلوسات.
.. مهلوسات مموهة داخل علب شكولاطة وأدوية
واستعرضت محكمة جنايات بالعاصمة، مؤخرا، ملفا قضائيا يخص عصابة دولية تتكون من 15 شخصا، من بينهم جمركي، تورطوا في استيراد كميات معتبرة من المؤثرات العقلية من مدينة مرسيليا الفرنسية وإدخالها إلى الجزائر بطريقة غير شرعية عبر مطار هواري بومدين، قبل أن يفتضح أمرهم في آخر عملية لتسريب ألفي قرص مهلوس من صنف “السيبوتاكس”، كانت موجهة للترويج في العاصمة وضواحيها، بتواطؤ جمركي بالمطار، كان يتلقى رشاوي نظير خدماته.
واتضح بعد استغلال نظام التعريف والبحث للشرطة القضائية بخصوص حركة العبور عبر المطار، أن العصابة استطاعت استيراد الحبوب المهلوسة بصفة منتظمة طيلة فترة طويلة، كانت تتم عن طريق رحلات جوية نحو فرنسا بعد تسجيل 16 رحلة ذهابا وإيابا لمدة تدوم ما بين يومين إلى عشرة أيام، وتتمكن الأجهزة الأمنية بعدها من إحباط نشاطها المشبوه في آخر عملية، وحجز حقيبة بنية اللون تحتوي على الأقراص مموهة بمواد غذائية عبارة عن علب بسكويت وشكولاطة.
وعن نفس التهم، استمعت المحكمة في ملف أخر، لأقوال طيّار متربص بشركة الخطوط الجوية الجزائرية بعد الاشتباه في تورطه بملف جماعة إجرامية خطيرة مختصة في استيراد الحبوب المهلوسة من صنف “سيبوتاكس”، كانت تقوم بتهريب المؤثرات العقلية على أساس أنها علاج لمرض السرطان.
وكشفت التحريات حينها أن العصابة تضم سبعة أفراد تمكنوا خلال الفترة الماضية من نقل كميات معتبرة من المهلوسات في إطار سفرياتهم من فرنسا نحو الجزائر، وبسماع أقوال المشتبه فيه لدى أعوان الشرطة اعترف بإدمانه على المهلوسات، كما أقر بأسماء عناصر كانت تموله، واستنادا لتصريحاته توصلت الشرطة لشخص آخر ضمن العصابة يقطن بمنطقة باب الواد، وفي إطار ذلك تم حجز كميات معتبرة من “السيبوتاكس” و”الكوكايين”، ومبلغ مالي من عائدات البيع والترويج.
“السوبيتاكس” مهلوس “نادر”.. يُهرب بوصفات أطباء أجانب
ويصنف عقار “سيبوتاكس” علميا ضمن عائلة الأفيونات، ويتكون من مادة “بيوبرينوفين” التي يشبه تأثيرها تأثير المخدرات كما تستخدم بجرعات عالية لمعالجة إدمان الأفيونات كالهيروين والمورفين، كما أنه نادر بالجزائر، ولذلك تسعى بعض العصابات والشبكات الإجرامية بمجال ترويج الممنوعات لتوفيره وبيعه في أوساط المدمنين، بتمديد خيوطها نحو دول أخرى أبرزهم فرنسا والحصول على وصفات طبية هناك تمكنهم من استيراده بطرق غير شرعية.
وفي السياق، عالجت محكمة الدار البيضاء مؤخرا، نشاطا إجراميا لعصابة تضم ثلاثة أشخاص من بينهم مغترب بأوروبا، وقيامهم خلال الفترة الماضية بتهريب أدوية مصنفة بخانة المهلوسات عبر المطار لترويجها بعدة أحياء في العاصمة.
وسبقت عملية توقيف المتهم تحريات مكثفة انتهت بحجز كميات معتبرة من الأقراص المهلوسة، أين برر المتهم حيازته لها بحجة الاستهلاك الشخصي والعلاج من الإدمان الذي يعاني منه منذ فترة، وكشف أن الطبيب المعالج له بفرنسا وصف تلك الكمية بعد علمه بسفره لقضاء عطلته رفقة عائلته بالجزائر.
كواش: الاستعمال الخاطئ لأدوية العلاج من الإدمان قد تسبب
من جهته، صرح الدكتور أمحمد كواش، طبيب مختص في الصحة العمومية، أن الأدوية المصنفة ضمن خانة المهلوسات لابد من استهلاكها تحت إشراف طبي ومرافقة وتأطير من مختصين، بعد ثبوت إصابة الشخص بالمرض المخصص لعلاجه أو أن المريض يعاني من الإدمان ولا يتحمل الانقطاع عن المخدر “كالهيروين” و”الكوكايين”، لتجنب المضاعفات الصحية التي قد تنجم عن ذلك.
وأضاف المتحدث أن دواء “السيبوتاكس” دواء لعلاج الإدمان من “الأفيونات” يستهلك من طرف المريض على شكل أقراص أو حقنه وريديا، كما يتم استيراده فقط من قبل الجهات المختصة وإخضاعه لرقابة شديدة، لتفادي تهريبه عن طريق” الكابة” وبطرق أخرى غير شرعية بعدما أصبح نادرا جدا بالصيدليات وكذا تخوف الأطباء من وصفه للمرضى بسبب تفشي استغلاله من طرف المروجين، وحذر كواش من خطورة استعماله دون الخضوع للرقابة الطبية، لأنه قد يدخل مستهلكه بمرحلة معقدة من الإدمان تصاحبها مضاعفات صحية خطيرة تصل إلى الوفاة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس