آلية ثلاثية على أنقاض اتحاد مغاربي مشلول

2
آلية ثلاثية على أنقاض اتحاد مغاربي مشلول
آلية ثلاثية على أنقاض اتحاد مغاربي مشلول

عبد السلام سكية

أفريقيا برس – الجزائر. في خضم لقاء اقتصادي مهم للغاية على الساحة العالمية، وهو القمة السابعة لمنظمة الدولة المصدرة للغارة، أعلنت الجزائر عن اتفاق ثلاثي بين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي محمد يونس المنفي، على عقد لقاء دوري يجمعهم كل 3 أشهر، ينتظر أن يبحث مسائل التكامل الاقتصادي والتحديات التي تواجهها الدول التي ترتبط معا بحدود شاسعة، في ظل أوضاع إقليمية مضطربة.

وشغل الإعلان الثلاثي، الساحة الدولية، خاصة أن الدول الثلاث المعنية بهذا “الفضاء الجديد” منضوية ضمن اتحاد المغرب العربي الذي يوجد في حكم “الموت السريري”، فهل محاولة لبعث “اتحاد المغرب العربي” أم هو بحث عن قطب مغاربي يزيد من التكتل داخل منطقة بلغ فيها التنافس السياسي والاستراتيجي حدودا كبيرة؟

وما ميز الإعلان عن اللقاء الذي سيتم بشكل دوري بعد رمضان، وأولى محطاته ستكون في الجارة تونس، أنه تشكل في ظرفية لا تزال فيها العلاقات المغربية-الجزائرية تعيش مرحلة القطيعة التامة، نتيجة المناورات الخطيرة التي تمارسها المملكة ضد جيرانها وبالأخص الجزائر، ما جعل المراقبين يؤكدون أن الخطوة الأخيرة ستجعل الرباط في عزلة غير مسبوقة، بعدما فضلت الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني والإمارات المعادية للجزائر حاليّا، متنازلة عن سيادتها لتكون مجرد دولة وظيفية.

مدير تحرير المجلة الإفريقية للعلوم السياسية الدكتور بشير شايب: المغرب عمل على الإضرار بجيرانه والمبادرة الجزائرية متقدمة جدا

اعتبر المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية الدكتور بشير شايب، أن الإعلان عن لقاء رئاسي ثلاثي جزائري تونسي ليبي، هي “مبادرة جزائرية متقدمة جدا وخطوة استراتيجية في الاتجاه الصحيح”، ونبه إلى ضرورة المضي نحو فضاءات أوسع في ظل الجمود الذي يعتري اتحاد المغرب العربي، والمناورات الخطيرة للمملكة المغربية ضد جيرانها.

قدم الدكتور بشير شايب، وهو مدير تحرير المجلة الإفريقية للعلوم السياسية، مسببات المضي نحو “فضاء ثلاثي يجمع الجزائر وتونس وليبيا”، وقال “في ظل تعثر بناء الاتحاد المغاربي، لم يعد ممكنا تحقيقه حيث بالأدبيات القديمة على أرض الواقع، على اعتبار صراع المحاور في المنطقة، طبعا في ظل هذا الجمود في البناء المغاربي، البناء المؤسساتي، أو البناء السياسي، وجب البحث عن بدائل أو أطر جديدة للتعاون المغاربي”.

وذكر الدكتور شايب ردا على سؤال إن كان هذا الفضاء هو بحث عن قطب مغاربي يزيد من التكتل داخل منطقة بلغ فيها التنافس السياسي والاستراتيجي حدودا كبيرة، أن “الخطوة الجزائرية تدخل في إطار لم شمل الدول المغاربية الفاعلة لتكون نواة تعاون مغاربي وفق مقاربات جيوسياسية جديدة تأخذ في الحسبان التحديات الاقتصادية والأمنية في المنطقة للمنطقة وتأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي تتعرض لها المنطلقة من الجانب الأمني وأولها ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا والتعاون الاقتصادي البيني بين كل دولة مغاربة”.

ونبه المتحدث إلى فعالية توسيع هذا الفضاء إلى الساحل، قائلا “لم لا تفعيل نواة جديدة لتكتل مغاربي ليس بالضرورة اتحاد المغرب العربي، بل ربما يشمل بعض دول الساحل والصحراء على الأقل في الجوانب السياسية”.

وشدد المتحدث على أن “المبادرة الجزائرية متقدمة جدا وهي خطوة استراتيجية في الاتجاه الصحيح نأمل أن تكلل ببناء مؤسساتي، سواء من حيث الأطر السياسية والأمانة العامة والإعلان عن تكتل إقليمي جديد في شمال إفريقيا”.

وبخصوص القراءات التي تذهب إلى أن التعاون بين الجزائر وجارتيها تونس وليبيا من شأنه أن يعزز عزلة المملكة المغربية، قال الدكتور شايب “في اعتقادي أن الطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريتانية هو طريق جديد لسد أو قطع تغلغل المغرب في دول الساحل، المغرب حاول محاصرة الجزائر في دول الساحل والجزائر في خطوة استباقية ليس أمامها سوى عزل المغرب اعتمادا في علم السياسة على قاعدة الرد بالمثل”.

ويتابع المتحدث أن “الأمر أكبر سياسيّا واستراتيجيّا من التعاون بين دول المغرب العربي، وإنما هو بناء تكتل تعاوني جديد بمعزل عن المغرب الذي طالما كان حجر العثرة أمام بناء المغرب العربي، وطعنة في ظهر الدول المغاربية خاصة بعد تطبيعه مع الكيان الصهيوني والمؤامرات التي تحاك ضد الجزائر بتواطؤ دولة خليجية معروفة وأخرى أوروبية لمحاولة إثارة إحداث مشاكل واضطرابات”.

الكاتب الصحفي الليبي عصام الزبير: التكتل الجديد يضم الدول المتجانسة في المغرب العربي

عدّد الكاتب الصحفي الليبي عصام الزبير، الأسباب الكامنة وراء الدعوة لعقد قمة ثلاثية بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، وأكد الحاجة الكبيرة للدول في التعاون في ظل حالة “الموت السريري” التي صار عليها اتحاد المغرب العربي.

وقال عصام الزبير إن “القمة الثلاثية التي أقيمت بالجزائر والتي ضمت رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي والرئيس عبد المجيد تبون والرئيس التونسي قيس سعيد، عقب القمة السابعة للغاز، أعطت دفعا لتكثيف الجهود وتوحيدها بشكل إيجابي في التعامل مع أزمة الطاقة التي تحتاجها أوروبا بالذات بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتدني الاقتصاد العالمي والتحرك نحو خلق كيان اقتصادي وسياسي إقليمي بعد تجميد فاعلية اتحاد المغرب العربي والتفاعل الأمني لضمان استقرار المنطقة وسط تحديات الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والتحركات الروسية والأمريكية في إفريقيا.

ووصف الكاتب الصحفي، “الفضاء المستحدث”، بأنه “ايجابي للغاية” موضحا أنه “فضاء إقليمي إيجابي من دول متوافقة ومتجانسة تدفع بهذا الفضاء للنجاح عكس اتحاد المغرب العربي الذي ارتهن بالفشل نتيجة الصراع السياسي”.

وتابع المحلل الليبي “من شأن هذا الفضاء أن يعزز التعاون وبشكل إيجابي لعدم وجود صراع بين هذه الدول سواء حدودية أو سياسية وحتى اقتصادية، وأن الاتفاق على عقد لقاء مغاربي ثلاثي كل ثلاثة أشهر، حيث سيتم اللقاء القادم في تونس بعد شهر رمضان المبارك، هو دفع لنجاح هذا الفضاء للتعاون في كافة المجالات وتبادل وجهات النظر لتحسين التعاون الإقليمي”.

وأكد المتحدث في تعليقه على إعلان القادة الثلاثة عقد قمم دورية بينهم، أولها في تونس، دعم بلاده لهذا المسعى، وقال، إننا “في ليبيا ندعم كل جهد عربي لتوحيد الجهود والدفع بالأمن والاستقرار بالمنطقة، خاصة وان ليبيا تحتاج لدعم أشقائها الإقليميين، فليبيا عمق أمني استراتيجي لتونس والجزائر والعكس، بينما هي تعاني من وضع هش نتيجة الانقسام السياسي وأدلجة أغلب الكتائب المسلحة وتعامل بعضها مع أطراف خارجية لا تخدم مصالح الوطن”.

وشدد الزبير على المصلحة المشتركة للدول المنخرطة في هذا المسعى الجديد، وذكر “اعتقد أن من مصلحة تونس والجزائر مساعدة ليبيا والأخذ بيدها وسط أطماع دول مجاورة أخرى وخارجية، ومن شأن تونس والجزائر المساهمة في معالجة الشرخ والانقسام السياسي ودعم الشرعية”.

وقال إنّ “الدفع بالتعامل وفق مصلحة الشعب الليبي مع دعم التعاون الاقتصادي والأمني واللوجستي في المحافل الدولية من شأنه أن يخلق تجمعا او فضاء إقليميا للغاز، يساهم في استثمار الطاقة واستغلال التعاون والربط بين إفريقيا وأوروبا، وبالذات خط الغاز من نيجيريا إلى أوروبا والاستفادة من استثمار الجزائر مع أوروبا في الغاز، والدفع بين شركات هذه الدول في مجال الطاقة، حيث هناك استثمار لشركة سوناطراك الجزائرية في ليبيا وغيرها من مختلف المجالات”.

الباحث التونسي في العلاقات الدولية البشير الجويني: الفضاء المغاربي الجديد تشكل في ظل سياقات متغيرة لأعضائه

قال الباحث التونسي في العلاقات الدولية البشير الجويني إن الإعلان عن لقاءات بين قادة الجزائر وتونس وليبيا، والذي تم الإعلان عنه على هامش انعقاد ندوة الدول المصدرة للغاز في الجزائر، بداية الأسبوع الجاري، يأتي في سياقات متغيرة تمر بها الدول الثلاث إن على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، مؤكدا أن “هنالك مكاسب لكل البلدان في حالة المزيد من تدعيم مواقفها باتجاه التعاون المشترك وتبادل المنافع والمصالح”.

يشرح الجويني دلالات عقد اللقاء المغاربي، والذي ستكون تونس أولى محطاته، بعد شهر رمضان، بالقول “لكل دولة من الدول الثلاث عدد من العقبات يتعين مجابهتها، ففي ليبيا هنالك حالة انقسام سياسي مع تواجد أجنبي، إضافة إلى التدخلات الخارجية في مسار الحل، وفي الحالة التونسية هنالك توترات على الساحة السياسية وغياب لشروط التنافس النزيه، إضافة إلى مشاكل اقتصادية جمة، وكلا الأمرين يغذي الآخر، وفيما يتعلق بالجزائر هنالك عودة للساحة الدولية بعد غياب طويل ومؤثر، كل هذه العوامل تجلب مجموعة من التحديات متعلقة بالمحافظة على الاستقرار والأمن في المنطقة المغاربية ودول الطوق شمالا وجنوبا”.

وفيما إذا كان هذا “الفضاء الثلاثي” الذي يجمع هذه الدول المتجاورة بديلا عن اتحاد المغرب العربي الذي أصبح في حكم “المنتهي”، يقول الجويني “هنالك خسائر تتكبدها الدول بسبب الوضعية التي يعرفها الاتحاد المغاربي والتي يطلق عليها كلفة اللامغرب، على اعتبار أن كل دولة من الدول المغاربية تفكر في نفسها وتحدياتها بشكل منفرد وليس في إطار مشترك، وهذا اللقاء أو القمة، هي خطوة مقدرة ونقول ما تم تحقيقه في دولنا المغاربية أقل بكثير مما هو مطلوب الوصول إليه، كما أن المسالة لا تتلخص في القيادات السياسية، فهنالك الجانب المجتمعي التشريعي والمدني، ولكن المسؤولية الكبرى هي للقيادة السياسية التي فشلت في بناء الفضاء المغاربي”.

وأضاف الجويني أن “هذه فرصة تاريخية، ويمكن الانطلاق بشراكة ثلاثية على الأقل يتم توسيعها لاحقا وفق المتاح لتشكل الاتحاد المغاربي، وقد ساهم استقبال الرئاسة الجزائرية للرئيس الموريتاني في توضيح هذا التوجه”.

ويبزر الباحث المكاسب التي يمكن تحقيقها للدول الجارة الثلاث من هذا الفضاء “هنالك مكسب لكل البلدان، خاصة المزيد من تدعيم المواقف والمكانة الدولية الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، فالتفاوض مثلا مع وزن 100 مليون نسمة ليس في نفس الكفة حين يكون تفاوضا لا يشمل إلا دولة واحدة والقوة الاقتصادية لهذه الدول مجتمعة بموارد بشرية واقتصادية كالبترول والفلاحة والسياحة أفضل لها، ونحن في عصر التكتلات والاقتصاد”.

ويتابع “يمكن لهذه الدول أن تشكل قوة إقليمية في منطقتها، خاصة في حالة تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، والتفكير بمنطق الربح البراغماتي، خاصة أن العالم يشهد تكتلات في كل مناطقه وفي جل المجالات”.

والملفات التي يمكن أن تتصدر النقاشات فيه “لحد الساعة لم يرشح شيء رسمي عن الملفات التي ستتكون في صلب النقاش، لكن التحليلات الأولية تفيد أن الملفات الأمنية والاقتصادية والوضعية التي تعيشها ليبيا وتمس بحدود جيرانها ستتصدر المشهد، إضافة إلى الوضع الاقتصادي في تونس الذي لا يخفى على أحد، اعتقد أنه يكون على الطاولة والنقاشات”.

واستفسرت موقع “الشروق” الباحث إن كان الملف الاقتصادي من شأنه إحداث توافق بين هذه الدول، فأجاب “الاقتصاد يصلح ما أفسدته السياسة، والاقتصاد عصب السياسة وقد يساهم في إضفاء حالة ايجابية، وفي نهاية الأمر الإرادة العملية قد تكون السبيل لإخراج البلدان مما هي فيه، مع ضرورة الإسناد وتبادل المنافع، واستثمار الفرص وبحث أشكال مستحدثة للتعاون، منها الاقتصاد المستدام والاستثمار في التقنيات الحديثة والطاقات الشبابية”.

أما عن الملفات المتوقع أن تكون مطروحة بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، فيقول بشأنها الجويني “هنالك تعقيدات في العلاقات الدولية، والحديث عن تركز النقاش في الجانب الاقتصادي اعتقد انه غير صحيح كلية، فالجانب الأمني في معناه الواسع له أهمية إلى جانب الوقاية من التطورات التي تمس أمن هذه البلدان الثلاثة، نعم قد تكون النقاشات منصبة على الجانب الاقتصادي ولكن الأمن الشامل يحتوي الاقتصاد ويتجاوزه”.

ويتابع الباحث مفصلا عن ملف كل دولة وانشغالاتها “طبعا الملف الليبي حارق، ولكن هنالك ملفات استراتيجية ينظر إليها في التعامل الاقتصادي والملف الأمني والتهديدات الاستراتيجية في المنطقة والساحل لا تقل أهمية عن الاقتصاد، لأن التقارير الدولية تفيد أن نسبة الاندماج الاقتصادي في منطقتنا المغاربية هي من أضعف النسب في العالم، والسبب المتعلق للاندماج الاقتصادي دليل على سلامة النظم الاقتصادية، أما في تونس فالوضع الاقتصادي وما يطرحه من تحديات ليس بخاف، خاصة على دول الجوار، واعتقد أنه من المهم ان يكون على الطاولة للنقاش من اجل استدامة الأمن والاستقرار “.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here