أسواق التوابل في الجزائر تزخر بـ”نكهات مسمومة”

8
أسواق التوابل في الجزائر تزخر بـ
أسواق التوابل في الجزائر تزخر بـ"نكهات مسمومة"

أفريقيا برس – الجزائر. يبدو أن الصحة العمومية باتت آخر اهتمامات تجار الغش في #الجزائر بعد ترويج توابل وبهارات ممزوجة بأتربة وبقايا مادة القرميد بغرض #الاستهلاك_البشري، الأمر الذي أحدث حالاً من الغضب والاستنفار لدى المواطنين والجهات المعنية وأثار تساؤلات حول مصير من استهلكوا هذه المواد.

ورشات سرية

كشفت مصالح الأمن الجزائرية في مدينة مستغانم غرب البلاد أخيراً عن ورشة سرية تقوم بتسويق منتجات غذائية منتهية الصلاحية وأخرى مغشوشة، فتم حجز كميات من التوابل الممزوجة بالأتربة والحصى وبقايا مادة القرميد ومواد تجميل مقلدة ومجهولة المصدر، وكذلك مراهم من دون علامات تجارية.

وفي أعقاب المداهمة ألقي القبض على شخص في عقده الرابع، وأوضحت الجهات المعنية أن “المواد المضبوطة تشكل خطراً على صحة المستهلكين، وعليه يتوجب على المواطنين الحذر عند اقتناء المواد الاستهلاكية من المحال والأسواق، لا سيما التي تباع بأثمان زهيدة بينما أسعارها في الأصل مرتفعة، كما يتطلب الأمر الاطلاع على المكونات ومدة الصلاحية وتجنب تجارة الأرصفة والسوق الموازية، مع ضرورة تكثيف حملات المراقبة من طرف وزارة التجارة”.

كما مكنت عملية مداهمة في محافظة البويرة وسط البلاد من حجز 120 قنطاراً من التوابل المغشوشة ومجهولة المصدر كان صاحبها يخلطها بمواد عدة لبيعها في الأسواق المحلية، بينما فتحت مديرية التجارة لمحافظة قسنطينة شرق البلاد تحقيقات حول ترويج أكياس تراب على أساس أنه فلفل أسود، بعد اكتشاف الأمر خلال إحدى حملات مراقبة دورية لمختلف المحال.

فرص للغشاشين

يستهدف التجار الغشاشين المواد واسعة الاستهلاك من أجل ترويج سمومهم، ولعل التوابل والبهارات أبرزها نظراً إلى مكانتها في أطباق الجزائريين، ويعتبر كريم صاحب محل لبيع المواد الغذائية في منطقة الشراقة بالجزائر العاصمة أن هذه الفئة من الباعة تظهر إلى العلن خلال المناسبات مثل رمضان، وكذلك في الصيف حين تكثر الأعراس والأفراح ويتصاعد الطلب على البهارات من أجل تحضير مختلف الأطباق، مما يسمح بتسلل هؤلاء المحتالين بسلعهم المغشوشة والمسمومة إلى الأسواق.

ويضيف كريم أنهم يستعملون مواد سامة لا تصلح للاستهلاك البشري، فتبدو في الظاهر بهارات لكنها في الواقع مزيج من مواد البناء كما هي الحال مع الفلفل الأحمر الذي يمزج بمادة الآجر التي يتم طحنها وتحويلها إلى حبيبات دقيقة، كما يستعمل بعضهم ملونات البلاط وأرضيات الأرصفة.

ويتابع أن هناك من يمزج الفلفل الأسود بنواة الزيتون التي تطحن، كما يدور الحديث عن استخدام مادة طحين الخشب في بعض أنواع التوابل، مؤكداً أن هذه الممارسات الغاية من ورائها البحث عن الربح السريع من دون مراعاة لصحة المستهلك.

وحذر مهنيون من اقتناء التوابل والبهارات من دون التأكد من مصدرها وحقيقة مكوناتها بعد أن باتت التوابل المغشوشة منتشرة في السوق الجزائرية، لا سيما خلال المناسبات الدينية والوطنية.

أبرز المتحدث الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار أن الأسواق باتت تعج بالتوابل المغشوشة التي يتم خلطها بمواد سامة وخطرة، بخاصة الفلفل الأحمر أو “العكري” الذي يمزج بفرينة القرميد، والفلفل الأسود المختلط بمادة الأسمنت، محملاً التجار الفوضويين مسؤولية ذلك في ظل ضعف مراقبة السلطات.

وقال إن بعض التجار يلجأون إلى تسويق توابل منتهية الصلاحية، فيما يعمد آخرون إلى خلط التوابل بمواد خطرة بإمكانها أن تتسبب في أمراض الكلى والكبد.

ودعا بولنوار السلطات المعنية إلى محاربة الأسواق الموازية وتشديد الرقابة ومنع نقاط البيع التي تمرر مواد غذائية فاسدة وتوابل مغشوشة، مضيفاً أن الجزائريين يستهلكون قرابة 30 ألف طن من التوابل سنوياً، في حين يبلغ الاستهلاك السنوي للفرد الواحد ما يقارب 800 غرام من التوابل المستوردة من الهند ودول آسيوية أخرى.

وأشار إلى تحول عدد من المحال الشاغرة إلى ورشات سرية لتعليب مواد غذائية منتهية الصلاحية أو فاسدة، ومن ثم طرحها في الأسواق على أساس أنها مواد صالحة للاستهلاك.

الرقابة والتوعية

من جانبه، دعا رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي المواطنين، وعلى الخصوص ربات البيوت، إلى توخي الحذر في اقتناء واستعمال هذه المواد وتفضيل الطرق التقليدية الضامنة للسلامة وصحة المستهلك، مؤكداً أن وزارة التجارة، بالتنسيق مع جمعيات حماية المستهلك، تبحث سبل إيجاد آلية لاستغلال المخابر التابعة للقطاع لتحليل عينات من المواد المشبوهة.

وأوضح أن هذه التوابل المغشوشة التي انتشرت منذ مدة في السوق تتسبب في أمراض الكبد والكلى والمعدة والقولون، وقد تؤدي بمستهلكها إلى ما لا تحمد عقباه، مشيراً إلى أن الفلفل الأسود والعكري والزعفران وحتى القرفة هي التوابل الأكثر عرضة للغش.

وأوصى زبدي ربات البيوت بالعودة للطرق التقليدية في استعمال التوابل، وذلك بشرائها على شكلها الأصلي، أي في صورة بذور أو عيدان وغير ذلك، وطحنها في المنزل، أو الاعتماد على بائع موثوق به، مشدداً على ضرورة قيام المصالح المعنية بالدور المنوط بها في هذا المجال والإسراع باتخاذ الإجراءات الآلية للرقابة.

وأردف أن معيار مصالح المراقبة وجمعيات حماية المستهلك الذي تعتمده للتحرك هو المستهلك، “الذي ندعوه إلى المشاركة في المعركة التي نخوضها ضد الغش والتلاعب بصحة الناس وسلامتهم”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here