أفريقيا برس – الجزائر. طبيب كتب لي سْكانير باش نتهنّى” أو “راني موسوس أعطيني اندير راديو على صدري”.. وغيرها كثير من توسلات مرضى، يطلبون فيها الخضوع لمختلف الأشعة الطبية للاطمئان على وضعيتهم الصحية، بحسب اعتقادهم، لكنهم يجهلون أنهم يُعرّضون جسدهم لمخاطر كبيرة جدا، في حال لم تكن وضعيتهم الصّحية تستدعي الخضوع للأشعة الطبية.
أصبحت ظاهرة طلب إجراء أشعة طبية من طرف المرضى، منتشرة جدا مؤخرا، فكثير من الأطباء يتلقون ويوميا مثل هذه الطلبات، حتى من طرف حالات صحية بسيطة جدا.
فالمواطن أو المريض، يحسب أنه بالخضوع لأشعة طبية، سيكتشف مرضه “المجهول” أو سيزيل “الوسواس” من رأسه، والغريب، أن كثيرا من المرضى يصرّون على طلبهم، رغم أن الطبيب يرفض ذلك بمبرر أن الحالة لا تحتاج لأشعة طبية، بل يكفيه الفحص السريري وشرب الأدوية المناسبة.
مرضى يُصرّون على إجراء “سكانير”..!
وفي هذا الصدد، أكدت لنا طبيبة عامة من مؤسسة الصحة الجوارية بالقبة، أنها كثيرا ما تتلقى طلبات من المرضى لإجراء “إيكوغرافي أو سكانير أو حتى إيَرامْ”، ليطمئنوا على صحتهم، وعندما أرفض يهاجمونني أو يتوسلون.. وحتى مع تأكيدي لهم أن الخضوع العشوائي لمختلف الأشعة الطبية ضار بالصحة، فلا يقتنعون”.
وروت قصة مريضة كانت تقصدها دوريا في مكتبها، وهي تعاني من أعراض ما بعد الصدمة، يعني أن مرضها نفسي بحت، ومع ذلك، كانت تصر على الطبيبة لتكتب لها ورقة لإجراء “سكانير” للاطمئنان على صحتها، والمؤسف، أن هذه المريضة خضعت لقرابة 10 أشعة “إيكوغرافي” على مختلف أعضاء جسدها في سنة واحدة فقط بسبب وسواس المرض.
وتقول محدثتنا: “عندما رفضتُ إعطاءها ما تريد قصدت طبيبا بعيادة خاصة لبّى طلبها، وأجرت أشعة إيرامْ على كامل جسدها، واطمأنّت بأنها لا تعاني من أي مرض جسدي..!”.
الطبيب المخول الوحيد للترخيص بإجراء الأشعة من عدمه
وفي هذا الصدد، يكشف المختص في الأمراض الصدرية عبد الكريم زواوي، أن غالبية المرضى الذي يطلبون الخضوع لأشعة طبية هدفهم هو “الاطمئنان على صحتهم، أو لطرد الوسواس لا غير”، وكشف أن المرضى الذين يقصدونه في مصلحة الاستعجالات بالمستشفى، كثير منهم يطلب الأشعة الطبية، لمعاناتهم من آلام على مستوى اليد أو الرجل أو الظهر.
وقال: “بعض الأطباء يخضعون لطلب المريض في مصلحة الاستعجالات، بسبب ضغط المرضى وكثرتهم، خاصة وأن بعض المرضى يلجؤون لأسلوب عنيف وغير أخلاقي مع نحو الطبيب لتحقيق ما يريدون”.
وتأسّف زواوي لانتشار ما سماه ثقافة “إجراء مختلف الأشعة الطبية”، عكس سنوات ماضية، واعتبر أن كثيرا من الأمراض يكشفها الطبيب بالفحص السريري فقط، ولا حاجة له بالأشعة الطبية، التي ليست ضرورية دائما، وقال: “بعض المرضى يأتون للفحص وهم يحملون صور الأشعة الطبية التي أجروها دون طلب من الطبيب..”.
الإشعاعات الكثيرة تتلف الحمض النووي للخليّة
وبخصوص تأثير الأشعّة الطبية على جسد الإنسان، كشف مُحدّثنا أن الإشعاعات “x” الصادرة خصوصا من جهاز “سكانير” الطبي، وفي حال تجاوزت نسبة معينة، تصل إلى غاية الحمض النووي للخلية البشرية “ADN”، وتقوم بكسر أو تغيير هذا الحمض عن طريق تغير البنية الجسدية للخلية البشرية مع مرور الزمن، وقد تتبدل حتى خلاياه الوراثية التي ينقلها إلى أطفاله مستقبلا، زيادة على ظهور مخاطر صحية على المدى القريب والمتوسط والبعيد. كما تعبر فئتا الأطفال والنساء الأكثر عرضة لمخاطر الإشعاعات الطبية مقارنة بفئة الرجال، والتأثير يختلف في حالات إجراء أشعّة على عضو واحد أو على كامل الجسد، والنساء مهددات بسرطان الثدي، في حال الخضوع الدوري لـ “سكانير” منطقة الصدر.
الشخص قد يكبر 3 سنوات كاملة في جلسة سكانير واحدة..!
وكشف محدثنا، أن الشخص الطبيعي يتلقى يوميا نسبة معينة وضئيلة جدا من مختلف أنواع الإشعاعات، وبحسب كل منطقة، سواء الصادرة من جسده أم من محيطه، ومن الشمس والهواء ومن المعادن، أم بسبب التلوث،”ولكن في حال خضع لجلسة “سكانير” واحدة فهو يمتص ما مقداره اشعاعات ثلاث سنوات كاملة تلقاها في 10 دقائق فقط. وكأن الشخص أضاف ثلاث سنوات لعُمره، وعليه، فتلقي الإشعاعات الطبية بصفة متكررة يسبب الشيخوخة المبكرة، بسبب تلف الأنسجة الخلوية، مع إمكانية الإصابة بمختلف أنواع السرطان.
وبحسبه، يتوقف الأمر دائما على كمية الإشعاعات التي يتلقاها الشخص ونوعيتها واستمراريتها، قائلا: “بعض الأشعة الطبية عند وصولها لنسبة معينة تسبب فقر الدم والعقم المزمن، إضافة إلى تغيير لون الجلد، وظهور التجاعيد والشيخوخة المبكرة”، وأوضح: “التعرض لإشعاعات سكانير ثلاث مرات في السنة أمر خطير، خاصة إذا كانت بصورة عشوائية، بينما لا ضرر من أشعة إيكوغرافي وإيرام لعدم احتوائهما على أشعة x”.
وينصح زواوي المرضى، بترك الطبيب المعالج هو من يحدد حاجة المريض إلى إجراء أشعة طبية من عدمها، ولابد من التوعية بخطورة هذه الظاهرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس