إدراج الجزائر في اللائحة الرمادية يطعن في التفاؤل الاقتصادي للرئيس تبون

15
ادراج الجزائر في اللائحة الرمادية يطعن في التفاؤل الاقتصادي للرئيس تبون
ادراج الجزائر في اللائحة الرمادية يطعن في التفاؤل الاقتصادي للرئيس تبون

أفريقيا برس – الجزائر. شكل ادراج مجموعة العمل المالي الدولية، للجزائر في المنطقة الرمادية، طعنا في الخطاب الاقتصادي المتفائل للرئيس عبد المجيد تبون، فالانتشاء بمؤشرات وشهادات دولية ايجابية حول اقتصاد البلاد، اصطدم برسالة المجموعة من أجل اطلاق آليات لمراقبة وتدقيق حركة رؤوس الأموال، وهو ما يتطلب جهودا اصلاحية جديدة من أجل محاربة الفساد وتبييض الأموال، وقد يحتم مراجعة خيارات عديدة من طرف السلطة.

أعلنت مجموعة العمل المالي دولا جديدة في لائحة المنطقة الرمادية، ويتعلق الأمر بكل من الجزائر التي تروج قيادتها السياسية لخطاب متفائل حول وضعها المالي والاقتصادي وتطمح لأن تكون بلدا صاعدا في غضون سنوات قليلة، بينما يرزح لبنان تحت وطأة وضع أمني واقتصادي متدهور نتيجة العدوان الإسرائيلي والأزمة الاقتصادية، الى جانب كل من أنغولا وكوت ديفوار.

ويرى المحلل الاقتصادي الياس جبايلي، بأن “معايير الإدراج في اللائحة الرمادية تختلف من بلد الى آخر، ففي موناكو مثلا؛ السبب يكمن في أنها واحدة من الملاذات الضريبية في العالم، أما في الجزائر هناك أسباب أخرى تتعلق بالفساد وغياب الشفافية في حركة رؤوس الأموال وإبرام الصفقات الخارجية، ففتح بنوك في الخارج دون عوائد مالية واقتصادية عملية واضحة، أو السماح للأفراد باستيراد السيارات والمركبات، هو شكل من أشكال غسيل الأموال، لأن إيداع العملة الصعبة في حساب بنكي لهذا الغرض يفتح المجال أمام فرصة ادخال أموال مجهولة الهوية والمصدر في قنوات رسمية، والأمر سيكون أخطر لأن غسيل الأموال هو إحدى آليات تمويل الإرهاب.

وصرح المتحدث لـ “أفريقيا برس”، بأن “مجموعة العمل المالي هي آلية مستجدة بعثت من مجموعة السبعة الكبار، بغية حماية المال العالمي من التبييض والفساد واتخاذ قرارات مناسبة للعمل البنكي ومراقبة حركة الأموال، وأن ضم الجزائر للائحة هو أمر مقلق ورسالة سلبية للسلطة ومشوهة لسمعة البلاد، لأنها تؤكد على أن سياسة الحرب على الفساد ومحاربة التبييض المرَوّج لها من طرف السلطة لا أثر لها في الواقع، بل هي على دراية بذلك، فوجود سوق موازية للعملة الصعبة بحجم سوق “السكوار” في العاصمة لا يمكن أن يكون إلا بوجود وحماية جهات نافذة في السلطة.

وكان مدير الأمن الخارجي السابق جبار مهنا قد اتهم العام 2019 من طرف القضاء وحتى الاعلام الحكومي، بإدارة وتسيير خفي للسوق المذكورة، قبل أن يحكم عليه بالسجن النافذ، غير أن التوازنات الداخلية في المؤسسة العسكرية، مكنته من مغادرة السجن والعودة الى النشاط الرسمي بقيادة مديرية محاربة التشويش في جهاز الاستخبارات العام 2020، ثم مديرا للأمن الخارجي قبل أن يطاح به مجددا منذ أشهر قليلة.

ويقول المحلل الاقتصادي، بأن قرار الادراج في اللائحة الرمادية هو رسالة من المجموعة للسلطة الجزائرية، على أنها فشلت في محاربة الفساد وغسيل الأموال، وأن السنغال التي شطبت من اللائحة جاء بفضل القيادة السياسية الجديدة المنبثقة عن الشرعية الشعبية، والتي أعلنت حربا حقيقة على الفساد وتبييض الأموال، في اطار مناخ ديمقراطي مثالي يحترم تعدد السلطات.

واستطرد “نتابع أخبار تهريب أموال وإقامة استثمارات وعقارات في مدن وعواصم أوروبية من طرف شخصيات نافذة في السلطة، وهو ما يعتبر تهريب للأموال، الأمر الذي يدحض خطاب السلطة ويؤكد على عدم جدوى السياسة المنتهجة”.

وتابع “بمثل هذا الوضع، لا أحد يستثمر في بلد يسود فيه الفساد زيادة على أنه مدرج في القائمة الرمادية، فحظر مناقشة ومراقبة مؤسسة الجيش والديبلوماسية هو سبب يؤدي لاضفاء الغموض والشكوك، ويضرب معيار الشفافية في الصميم، والتضييق على الاعلام من أجل عدم الخوض في المسائل الاقتصادية والمالية هو أيضا وسيلة لاثارة الغموض حول إدارة وتسيير شؤون البلاد”.

ولفت المتحدث الى أن “القائمة الرمادية بمثابة رسالة تحذير للدول والحكومات لاطلاق آليات رقابة حقيقية على النشاط المالي، وليست مصدرا للعقوبات الدولية، لكنها تضع أصحابها في موقع مشبوه يبعد المؤسسات المالية والاقتصادية والاستثمار تدريجيا عن البلاد، كما أنها تعتبر الدرجة الأخيرة قبل القائمة السوداء التي تترتب عليها عقوبات، كما هو الشأن لإيران وكوريا الشمالية وبورما”.

وكانت المكسيكية إليسا دي أندا مادرازو، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للمنظمة قد صرحت، بأن “هذا الإدراج ليس إجراء عقابيا، إنما يندرج في إطار مساعدة دول على وضع خطط عمل من أجل إجراء تحسينات”.

وكان البنك الجزائري قد أصدر شهر أوت الماضي، نظاما جديدا يتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتهما.

ويهدف النظام المذكور إلى تحديد نظام الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتهما، الذي يتوجب على البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر وضعه.

وجاء في الجريدة الرسمية، بأنه “يتعين على هذه المؤسسات وضع برامج مكتوبة في هذا الصدد، وتحيينها. كما يجب عليها رسم نظام لتحديد وتقييم المخاط، والتكيف معها، على أن تكون الإجراءات المتخذة متناسبة مع طبيعة المؤسسة وحجمها”.

وشمل النظام “المخاطر المتعلقة بالتقنيات الجديدة، بما في ذلك تطوير منتجات وخدمات وممارسات تجارية جديدة أو استخدام تكنولوجيات جديدة أو قيد التطوير، ويفرض على المؤسسات المعنية وضع تدابير فعالة في مجال معرفة الزبائن، حيث يمنع فتح أي حساب أو اقامة أي علاقة أعمال أو اجراء أي عمليات إذا لم تتمكن من التعرف على هوية الزبون والمستفيد الحقيقي والتحقق منها”.

كما يحدد النص الجديد كيفيات الإخطار بالشبهة، ومراقبة التحويلات الالكترونية وحجز أو تجميد الأموال والممتلكات، وإيقاف العمليات المرتبطة بأصول افتراضية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here