الإطعام المدرسي في الجزائر بانتظار الأفضل

13
الإطعام المدرسي في الجزائر بانتظار الأفضل
الإطعام المدرسي في الجزائر بانتظار الأفضل

أفريقيا برس – الجزائر. وضعت الحكومة الجزائرية ملف الإطعام المدرسي على رأس أولوياتها منذ بدء العام الدراسي الجديد قبل شهرين، وباتت إداراتها تتشدد في مراقبة مطاعم المدارس الابتدائية خصوصاً عبر متابعة حكام الولايات أنفسهم الإجراءات، وتنفيذ فرق تدابير تفتيش. وتزامن ذلك مع إصدار الرئيس عبد المجيد تبون تعليمات للحكومة عشية الدخول المدرسي في سبتمبر/ أيلول الماضي بتوفير وجبات ذات قيمة غذائية للتلاميذ.

يؤكد تقرير رسمي قدمته وزارة التربية الجزائرية إلى البرلمان قبل شهر، أن أكثر من 81 في المائة من تلاميذ المرحلة الابتدائية يستفيدون من الإطعام المدرسي، أي حوالى 5 ملايين، علماً أن الجزائر تضم أكثر من 20 ألف مدرسة ابتدائية يحتوي معظمها على مطاعم، وتعتبر 90 في المائة من المؤسسات التربوية والمدارس الابتدائية خصوصاً مزودة بمطاعم، مع توقع أن تصل إلى التغطية الشاملة مع نهاية السنة المالية الحالية في 31 مارس/ آذار المقبل، في ظل عمل السلطات مع الإدارات المحلية لإنشاء 587 مطعماً جديداً في مدارس ابتدائية.

وخصصت موازنة الحكومة لعام 2022 مبلغ 205 ملايين دولار لتغطية نفقات التغذية والإطعام المدرسي، وفرضت على المدارس التي تمولها البلديات تقديم وجبات ساخنة إلى التلاميذ.

وخلال الفترة الماضية، وافقت الحكومة على زيادة كلفة الإنفاق على الإطعام المدرسي للتكيّف مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بعدما أثار برلمانيون خلال مناقشات الموازنة مشكلات الإطعام المدرسي، وطالبوا بزيادة الإنفاق عليه، وإعادة النظر في تسيير المطاعم المدرسية، وفرض تناول التلاميذ وجبات ساخنة تتمتع بقيمة غذائية عالية، علماً أنهم انتقدوا تخصيص وجبة مدرسية واحدة قيمتها 45 ديناراً جزائرياً (20 سنتاً) لكل تلميذ، “لأنها لا تكفي لإشباعه”.

ودفعت النقاشات البرلمانية الى إصدار قرار مشترك بين وزارات التربية والمالية والداخلية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قضى برفع قيمة الوجبة الغذائية المقدّمة إلى التلاميذ في مطاعم المدارس من 45 ديناراً إلى نحو نصف دولار للوجبة الواحدة، مع تأكيد مساهمة الموازنة العامة للدولة في تمويل المطاعم المدرسية، إلى جانب مساهمات أخرى من البلديات والولايات، بحسب الإمكانات المالية لكل منها. كذلك سمح القرار بمساهمة جمعيات أولياء التلاميذ في كل مدرسة في دعم وجبات المطاعم المدرسية، وحدد لائحة المواد الغذائية التي يجب أن تقدم إلى التلاميذ، مثل البقوليات والخضار والفواكه واللحوم والمعجنات والبيض والأجبان.

من جهته، يرى مفتش المطاعم المدرسية بو جمعة قشور، أن “الحرص الكبير الذي تبديه السلطات في شأن توفير الإطعام المدرسي، وخصوصاً لتلاميذ المدارس الابتدائية والأرياف، يعكس التطلع إلى ضمان حق الطفل في الحصول على نمو طبيعي لقدراته البدنية والإدراكية. ووجود المطاعم المدرسية في المناطق الداخلية حيث توجد مدارس ومؤسسات تربوية بعيدة نسبياً عن التجمعات السكنية يساهم في مكافحة التسرّب المدرسي، ويضمن إبقاء التلاميذ داخل النسق التعليمي ومسلك النظام التربوي، علماً أن المطاعم المدرسية تلعب دوراً مهماً في تغيير العادات الغذائية السيئة عبر توفير تغذية سليمة ومستدامة، ما يعود بمنافع كثيرة على الأسر والسكان”.

وفيما تشرف مديريات التربية على الجانب البيداغوجي والتربوي والتنظيم الداخلي للمدارس، والبلديات على التسيير المالي وتوفير التموين والاحتياجات، تحدث أحياناً مشاكل في التنظيم تنعكس على أداء المطاعم المدرسية، باعتبار أن مديري المدارس لا يتدخلون بالموازنة الخاصة بالمطاعم وبمهمات تسييرها التي تنفذها البلدية، فرض ذلك إنشاء ما يعرف بمجلس التنسيق والتشاور الذي يضم ممثلين للمدارس والبلديات التي تتولى تحديداً توفير مهنيين وعمال يشرفون على المطاعم المدرسية، علماً أنه جرى دعم الموارد البشرية المؤهلة للبلديات بموجب عقود للإدماج المهني من أجل ضمان حسن سير خدمات المطاعم في المدارس الابتدائية.

لكن ذلك لا يمنع واقع أن الصورة ليست مثالية بالكامل في ما يخص مطاعم المدارس والوجبات المقدمة، إذ أظهرت زيارات أخيرة أجراها حكام ولايات في مناطق داخلية وضعاً سلبياً لبعضها على صعيد تقديم وجبات باردة بدلاً من الساخنة للتلاميذ. وفي بلدة الحساسنة بولاية سعيدة (غرب)، اشتكى تلاميذ خلال زيارة حاكم الولاية من عدم وجود مطعم مدرسي. كذلك كشف شريط فيديو لزيارة فجائية لمدرسة قام بها حاكم ولاية الأغواط (وسط) تقديم وجبة غير كافية للتلاميذ، وهو ما انتقده الوالي بشدة، فيما أمر حاكم ولاية تيارت بفتح تحقيق في نوعية الوجبة المقدمة إلى التلاميذ بمدرسة تفقدها في بلدة الفايجة.

وقال النائب محمد السعيد معنصر، على هامش مناقشة قانون الموازنة الجديدة لعام 2023، إن “الوجبة الساخنة في المطاعم المدرسية ما زالت مجرد حبر على ورق في بعض الولايات بسبب غياب المتابعة الحقيقية لعملية تسيير هذه المطاعم”، وطالب بإصدار تعليمات صارمة لمتابعة الإطعام المدرسي، وسأل عن موعد إنشاء الديوان الوطني للخدمات الاجتماعية الذي يتولى إدارة المطاعم المدرسية للحد من معضلة الإطعام المدرسي، فرغم الزيادة التي قررها الرئيس تبون في قيمة الوجبة، ما زال التلاميذ بين فكّي كماشة الممولين والصفقات”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here