الدين  والدم والبارود في التوظيف الإستخباراتي الأمريكي

24

الجزائر – افريقيا برس. في كتاب “الدين  والدم والبارود في التوظيف الإستخباراتي”، تحت إشراف  تحرير الدكتور، نسيم بلهول، الباحث الجزائري في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، يكشف مجموعة من المؤلفين المرموقين في الاختصاص عن الخطط الأمريكية لاختراق الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط.

وبحسب مقدمة هذا العمل العميق، الصادر مناصفة عن داريْ ابن النديم الجزائرية والروافد الثقافية اللبنانيّة، فإنّ الخطط التي وضعها وزير الدفاع  سابقا رامسفيلد تقضي بأن يجرى تنشيط العمل الاستخباراتي البشري، أي المعتمد على التخابر الإنساني، والذي بدوه سيساعد على التخابر الفضائي باستخدام الأقمار الاصطناعية، وهو ما اعتمدت عليه وكالة الاستخبارات الأمريكية، وثبت فشله الذريع في التعرف على أهداف الحركات الإسلامية وتكويناتها وخططها وممارساتها.

وبالتالي سوف يعمل الجهاز الجديد تحت اسم “فرع الإسناد الاستراتيجيSSB“، ويعتمد على فرق ووحدات من أفراد يندسون في المجتمعات الأجنبية ويتدخلون بسرعة ويمارسون الأعمال نفسها التي يقوم بها الجهاديون.

وقد تحدث أوكونيل مساعد وزير الدفاع الأمريكي عن تدريب هؤلاء العملاء وتأهيلهم فقال، إنه التدريب أو التأهيل الذي يسمح لهم بأن يضمنوا لأمريكا أن يكون أي رئيس دولة مجاورة غير معاد لنا، لأنهم سيتدخلون في لمح البصر إذا تغيرت القيادة السياسية في هذه الدولة أو تلك في شكل مفاجئ.

وقال سئول كبير في البنتاغون سنعمل داخل الدول الحليفة، وخاصة تلك التي يحدث اضطراب في بعض أقاليمها، وتلك التي تخرج فيها بعض الأقاليم عن نفوذ الحكومة وسيطرتها، وتلك التي تسمح لعناصر معادية لأمريكا باستخدام أراضيها. بمعنى آخر لن تستأذن وزارة الدفاع الأمريكية الدول الأجنبية لسد فراغ أمنى نشأ فيها أو قبل القيام بعمل استخباراتي إرهابي فيها، لأن الوحدات أو الفرق الاستخباراتية التابعة لفرع الإسناد الاستراتيجي الموجودة في الدولة الأجنبية مدربة على التخطيط والتنفيذ دون العودة إلى قيادة سياسية في واشنطن.

وقد استخدم معلق أمريكي تعبيراً آخر لوصف هذه المهمات الاستخباراتية الجديدة بقوله، إن استخبارات التنفيذ الفوري لا تنتظر التحليل أو التمحيص ولا تتحمل التردد، كما كان يحدث في وكالة الاستخبارات الأمريكية.

ولم يتطرق أحد بعد إلى سؤال منطقي هو، هل يعنى هذا التطور بأن جهاز الأمن الداخلي في دولة ما لن يعرف إن كان الإرهاب الذي يحاربه محلياً أم أمريكياً كون الوحدات الاستخباراتية الأمريكية لن تبلغ الدول بوجودها أو بنشاطها لكي تنجح في اختراق الإرهاب المحلي. كما حدث في الصومال حيث شكلت الاستخبارات الأمريكية فريقاً من أمراء الحرب لمواجهة الإسلاميين  الذين شكلوا المحاكم الإسلامية هناك.

الكتاب في فصوله الخمسة ومن خلال محطاته المعرفية يتطرق إلى تأريخ صناعة وسائط الموت والإرهاب من خلال الأجهزة الإستخباراتية الأمريكية وهو ما يتضمنه الفصل الأول من الكتاب (الإستخبارات الأمريكية.. وهندسة ورشات الموت في العالم).. ففي أواخر السبعينيات من القرن الماضي وبعد نجاح مشروع مستشار الأمن القومي الأمريكي (زبغنيو بريجنسكي) في توظيف الأصولية النصرانية لكبح التمدد الشيوعي.  هو ما شجع إدارة واشنطن إلى تبني  مشروعه الثاني (الأصولية الإسلامية) قصد لي ذراع الدب السوفياتي في حيث أوكلت مهمة  هندسة تنفيذ المشروع إلى وكالة المخابرات المركزية بالتنسيق مع الخارجية الأمريكية هذا تحت إدارة دقيقة لمصفوفة الرعب من خلال مكاتبها في كل من الشرق الأوسط والمغرب العربي لتنفيذه في استنساخ لتجربة جغرافيا فرق الموت المنفذة سابقا في أمريكا اللاتينية.

وفي إطار خليط هجين من المناهج المستغلة لتحليل موضوع الكتاب في إطار بوصلة منهاجية أكاديمية يتوازن فيها منهج التحليل الإستراتيجي مع التحليل الإستخباراتي تأتي بقية الفصول وهي أربعة لتفكك ظاهرة انحسار التغيير من على الدبابة في المنطقة الشرق أوسطية لصالح الورشات الإستخباراتية المؤسسة لنعش زوال كيانات الدولة القطرية من خلال إستراتيجية التقسيم وصناعة الموت وذلك في إطار ما بات يعرف اصطلاحا منذ 2003 بالفوضى الخلاقة، التي من شأنها تسهيل تحقيق الأهداف المدروسة لتقسيم العالم العربي.

الكتاب بصفة عامة يكشف ما مفاده أن علاقات الجماعات الإرهابية بأجهزة الاستخبارات كشفت حقيقة أن هذه الجماعات كان أغلبها ولا يزال يعمل وفق أجندة مخابرات دولية وإقليمية. وذلك في إطار تشابك إستخباري رهيب ما بين الحكومات والجماعات الإرهابية.

ولقد خضعت في الكثير من الأحيان قيادات تلك التنظيمات إلى صفة العميل المزدوجين خلال التغذية الإستعلاماتية التي تتلقاها تلك الأخيرة بالمعلومات ما يمكنها من  كسب ثقة التنظيمات ويمنحهل أدوارا قيادية، وهذا ما يحصل في روايات الإستخبارات، فهنالك الكثير من العملاء المزدوجين وصلوا إلى صدارة المواقع القيادية.

كما وتبرز فصول هذا الكتاب الرابع والخامس كيف يمكن لتلك التنظيمات أن تستعين بخبرات رجال أمن واستخبارات منشقين عن الأنظمة ليلتحقوا بعدها بتلك التنظيمات. وهو ما يدخل في إطار ما يسمى بأكبر حملة ارتداد رجال الدفاع والاستخبارات في حروب المنطقة الشرق أوسطية.   إن العلاقة بين الاستخبارات، إقليمية أو غربية، مع الجماعات المتطرفة، هي واحدة من مهام الاستخبارات بتنفيذ سياساتها الخفية التي تعجز عنها الدبلوماسية. لقد اعتمدت الجماعات المتطرفة هي الأخرى على الجهد الاستخباراتي المعلوماتي داخل تنظيماتها، وبدأت تستقطب رجالا خدموا في أجهزة أمن واستخبارات ودفاع في وقت سابق لتوظف هذه الجماعات تلك الخبرات لصالحها، وهذا يعني أن هذه الجماعات المتطرفة لم تعد مجموعات ساذجة، تعتمد عل النشاط الدعوي أو القوة البدنية والتدريب بقدر ما تتبنى دروس في الاستخبارات وحماية الشخصية وتنفيذ العمليات الإرهابية. إن التطور الحاصل في تقنية عمل هذه الجماعات المتطرفة، صعد من حدة الحرب الذكية ما بينها والحكومات، وهذا ما عمل على مطاولة المواجهة وتمدد هذه الجماعات المتطرفة. أصبحت الاستخبارات من الركائز الأساسية للتنظيمات المتطرفة أبرزها «القاعدة» و«داعش»، لتكون الحروب استخبارية ومعلوماتية، بالإضافة إلى الحروب الميدانية. الجماعات المتطرفة، لم تعد مجرد مجموعات دعوية أو مسلحة، بقدر ما تقوم على بناء نفسها من الداخل، تبدأ بحلقات مغلقة، لتتوسع وتتحول إلى شبكة أكثر من تنظيم.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here