“الرياض”… سطو باسم الخوصصة!

8
“الرياض”… سطو باسم الخوصصة!
“الرياض”… سطو باسم الخوصصة!

أفريقيا برسالجزائر. تقرير المفتشية العامة للمالية يكشف عن فضائح التسيير

شراكة بالتراضي بذريعة” الاستعجالي” وبن عمر الرابح الأكبر

بيع العتاد بالدينار الرمزي وتحويل الملايير إلى بنوك سويسرا

الوزيرة تامزيرت تمسح الموس في أويحيى وسلال وبن عيسى

امتيازات بالجملة وقروض بالملايير لتحطيم مركّب قورصو

كشف تقرير المفتشية العامة للمالية في ملف مجمع “الرياض الجزائر” عن كيفية تحطيم هذه المؤسسة بعد 30 سنة من العطاء كرائد للعجائن ومختلف أنواع الدقيق، جراء شراكتها مع مجمع “عمر بن عمر”، فيما مسحت الوزيرة السابقة للصناعة، جميلة تمازيرت “الموس” في الوزيرين الأولين السابقين أويحيى وسلال، وبن عيسى الذي أعطى تعليمات بتنفيذ الشراكة، قبل أن يتم دراسة الملف من قبل مجلس مساهمات الدولة.

وقد توصلت مهمة الرقابة التي قامت بها المفتشية العامة للمالية إلى تسجيل العديد من النقائص والاختلالات المتعلقة بتسيير الشراكة بين مجمعي “الرياض” و”عمر بن عمر”، ليس فقط قبل إبرامها، بل وأثناء تنفيذها كذلك وخروج مجمع الرياض في سنة 2016، حيث أن الشراكة تمت بصيغة مباشرة أي عن طريق “التراضي” مع مجمع بن عمر تحت الطابع الاستعجالي، من أجل إعادة تأهيل مركب قورصو وبعث نشاطه من جديد.

وإلى ذلك، فإن اختيار مجمع بن عمر حسب نفس ـ التقرير ـ يبقى غير مبرر لاسيما فيما يخص القيام بإجراءات غير رسمية، قبل تقديم طلب دعوة المشاركة، وكذا عدم تقديم تقرير مفصل يبرر الصيغة المتبعة، ما يعد خرقا للمادة 26 الفقرة 3 من الأمر 01 ـ 04 المؤرخ في 20 أوت 2001 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها، كما أن المشروع بعد أن كان موجها لإعادة بعث نشاط المخابز الصناعية تمت توسعته ليشمل مطحنة ومصنع للسميد عبر تقديم مشروع استثمار جديد.

وبالمقابل، فقد عرف تسيير مشروع الشراكة عدم احترام الالتزامات المتخذة من طرف ” MEDITERRNEAN MILLS COMPANY ” MMC” لعمر بن عمر ، فيما يتعلق بالاستثمار والآجال القانونية ورفضه إخلاء موقع “قورصو” على الرغم من خروج “الرياض” من مشروع الشراكة بعد قرار المجلس الوطني للاستثمار “CNI”، رقم 15 الجلسة 147 بتاريخ 24 مارس 2016، إلا أنه بتاريخ مرور بعثة المفتشية العامة للمالية في أوت 2020 كان المجمع الخاص لا يزال يشغل جزءا هاما من المركب، ويرجع سبب هذه الوضعية دائما حسب التقرير إلى غياب الإجراءات والتدابير الملموسة من مختلف المتدخلين المعنيين وخاصة مصالح وزارة الصناعة والمناجم.

امتيازات بالجملة وقروض بالملايير لتحطيم مركب “قورصو”

وحسب التقرير ذاته، فإن مجمع عمر بن عمر استفاد من العديد من الامتيازات صادق عليها مجلس مساهمات الدولة، على غرار تلك التي منحتها له الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، بالإضافة إلى قروض بنكية “بنسب تفضيلية” من دون بلوغ الهدف المرجو، ألا وهو إعادة بعث نشاط مركب قورصو، فيما لم يتم اتخاذ أي إجراءات ملموسة تهدف إلى إلغاء أو تعليق قرارات منح الامتيازات من طرف الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ضد شركة “MMC”، بالرغم من عدم إطلاق المشروع منذ تاريخ منح الامتيازات في 9 أكتوبر 2014، أي بتأخير يقدر بأكثر من 5 سنوات وعشرة أشهر، وعدم إيداع كشوفات تقدم الأشغال لسنوات 2015، 2016، 2017.

وخلص التقرير إلى أن منح الامتياز لمجمع بن عمر كان بغير وجه حق، حيث يشير تقييم أصول “مركب قورصو” الذي قام به محافظ الحصص “تقرير رقم 001 / 2013، المؤرخ في 28 أفريل 2013″، أن قيمة المركب تتوافق تماما مع مبلغ الرأسمال الاجتماعي للشركة “MMC”، لصاحبها بن عمر، مما يعني أن الطرف العمومي يصبح صاحب الأغلبية بـ100 بالمائة، إلا أن مجلس مساهمات الدولة قرر من خلال القرار المؤرخ في 10 فيفري 2013، أن كل قيمة من أصول المركب، حددها محافظ الحصص، تتجاوز النصيب المقرر من شركة “الرياض” الجزائر في رأسمال الشركة، سيتم نقلها إلى الحساب الجاري للشركاء وتعوض لشركة “الرياض” على أرباح الشركة الجديدة، وعليه تم تكليف مجمع بن عمر بتولي تسيير وإدارة مجلس إدارة شركة “MMC”، ويعني هذا أن القرارات التي اتخذها الوزير الأول الأسبق، أحمد أويحيى، وتلك التي اتخذها أعضاء مجلس مساهمات الدولة قد سمحت بمنح الامتياز للشريك الخاص.

كما أوضح تقرير المفتشية العامة للمالية عدم احترام التزامات وأحكام ميثاق المساهمين ومخطط الاستثمار المدرجة في قرار مجلس مساهمات الدولة رقم 04/ 132 المؤرخ في 10 فيفري 2013، ونتج عن هذا تجاوز الآجال القانونية لإنجاز مخطط العمل، وتسجيل عجز خلال السنوات المعنية، وتراجع قيمة الأملاك التي تمثل مساهمات الرياض الجزائر فيلا شركة “MMC”.

تحويلات بالملايير.. وبيع عتاد “الرياض” بالدينار الرمزي

أما بخصوص التجاوزات في عملية الشراكة، فقد كشف تقرير المفتشية العامة للمالية، عن إرسال مجمع بن عمر شكاوى بالجملة إلى الوزير الأول الأسبق أحمد أويحيى مباشرة والذي تدخل في الحين عوضا عن الوزير المكلف بالقطاع، ما يشير إلى المعاملة الخاصة التي كان يحظى بها مجمع بن عمر.

وإلى ذلك، توصل المحققون إلى بيع عتاد وحدة إنتاج العجائن التابعة لمركب قورصو، والتي يقدر ثمنها بقرابة 80 مليار سنتيم، بسعر أقل بكثير من قيمته الحقيقية، حيث بيع بملياري سنتيم كنفايات حديدية لمؤسسة الاسترجاع للوسط، بعد أن تم تفكيك العتاد بطريقة عشوائية، أدى إلى عدم التمكن من إعادة جرده، حيث يتكون العتاد من آلات إنتاج وأدوات إدارية ووسائل تبريد وأدوات صيانة، أغلبها في حالة جيدة وقابلة للاستغلال والخدمة.

كما تم تسجيل التقارب بين أصول قورصو سابق “نهاية 2012” وأصول 2017 “بعد إعادة الدمج” أنتج فائض قيمة قدرها 2084661100.58 دج / قيمة صافية محاسبية، ويمكن تبرير فائض القيمة بحكم الزيادة بعنوان المباني والتي ارتفعت قيمتها الصفية المحاسبية من 600535812.27 دج في سنة 2013 إلى 2.717935000.00 دج في 2017 أي بفائض قيمة قدره 2117399187.73 ما يمثل زيادة بنسبة 352.58 بالمائة.

هذا إلى جانب عدم كفاية الضمانات المطلوبة والتي تم جمعها بخصوص قرض ممنوح بقيمة 954 مليون دينار جزائري، هذه الضمانات لا تتعدى سوى الرهن الحيازي للعتاد “وهي لم تكن موضوع زيارة وتفقد من قبل مصالح بنك الجزائر الخارجي” والكفالة التضامنية للشركاء.

وعلى الرغم من تحفظات شركة “الرياض” بخصوص تقديم كفالة تغطي إجمالي تكلفة القرض باقتراحها تغطية حسب مساهمتها في رأسمال شركة “MMC” أي 40 بالمائة، فقد منحت شركة “الرياض” ضمان الكفالة البنكية، أي بنفس مستوى ضمان الذي قدمه مجمع بن عمر، ويتعارض هذا القرار مع ما يقتضيه اتفاق الشراكة الذي ينص في المادة 8 منه أن يقدم كل طرف الضمانات الضرورية حسب مساهمته في الرأسمال الاجتماعي للشركة.

كما أنه وبالرغم من انسحاب شركة “الرياض” الجزائر من رأسمال شركة “MMC”، بتاريخ قيام المفتشية العامة للمالية بمهمتها على مستوى البنك بتاريخ 8 جويلية 2020 فإنه لم يتم الرد على إرسال “الرياض” رقم 098 / م.ع/ 2017 المؤرخ في 14 جوان 2017″ المرتبط بتحيين الضمانات وإلغاء كفالة التضامن لشركة “الرياض”.

وفي سياق متصل، كشف التقرير عن عملية تحويل حر لمبلغ 547000.00 فرنك سويسري أي ما يعادل 462939473.63 دج تمثل تسبيقا جزافيا لصالح الممون “BUHER” بتاريخ 4 جويلية 2013 إلى بنك “COMMERZBANK” في الحساب رقم “DE 93270400800510878200″، ومثل هذا المبلغ تسبيقا قدره 15 بالمائة من قيمة العقد المبرم مع الممون “BUHER” بتاريخ 11 جوان 2013، الذي يهدف إلى التزويد بالتجهيزات المكيانيكية والكهربائية من أجل إنجاز مصنع السميد ومطحنة، وعلى الرغم من قدم هذا العقد وتاريخ التحويل لم يتم إنجاز أي استثمار، ولقد كان هذا الملف ـ حسب التقرير ذاته ـ موضوعا للعديد من تمديدات ضمان إرجاع التسبيق أصدرتها مديرية العلاقات الدولية التي تتبع المديرية العامة لبنك الجزائر الخارجي.

الوزيرة تامزيرت وحيلة “CNI” للتهرب من العقاب

حاولت الوزيرة السابقة للصناعة المتواجدة رهن الحبس المؤقت التنصل من مسؤوليتها عندما كانت تشغل منصب الرئيس المدير العام لمجمع “الرياض” الجزائر ومسح “الموس” في “الوزيرين الأولين السابقين”، أحمد أويحيى، وعبد المالك سلال، ووزير الفلاحة سابقا رشيد بن عيسى.

وقالت خلال ردها على أسئلة قاضي التحقيق للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي “خلال سنة 2003 وبعد الزلزال الذي ضرب مدينة بومرداس توقف فرع مطاحن قورصو عن العمل نتيجة لتضرر هياكله ولتشكيله خطرا، خاصة مع تصنيفه في الخانة الحمراء، وقد تضررت جميع هياكل مركب قورصو بما فيها مطحنة القمح والفرينة، ووحدة العجائن المخبزة الصناعية والمخازن الإستراتيجية للقمح، وباعتبار أن المركب يتشكل من هياكل تكمل بعضها البعض وينطلق إنتاج المخازن الإستراتجية التي تزود باقي الوحدات بالمواد الأولية، فإن تضرر المخازن أدى إلى توقف المركب، وخلال سنة 2006 أصدر مجلس مساهمات الدولة لائحة في شهر أفريل تتضمن حل مركب فرع “قورصو” وتسريح عماله مقابل تعويضات، وتسجيله في إطار الخوصصة”.

وأضافت تامزيرت “وخلال سنة 2012 ونظرا لوجود الكثير من المتعاملين مهتمين بمركب قورصو، قام والي بولاية بومرداس بمراسلة وزير الفلاحة رشيد بن عيسى حول وضعية المركب وعروض المتعاملين حول هذا الأخير، وبعدها قام وزير الفلاحة بتاريخ 5 أكتوبر 2012 بزيارة موقع مركب قورصو برفقة والي بومرداس، ليقرر تسجيل مركب مطاحن قورصو في إطار الشراكة مع الخواص”، وبعدها وبتاريخ 10 أكتوبر 2012، اتصل مجمع بن عمر بمجمع الرياض، الذي كنت فيه الرئيس المدير العام الذي قدم طلبا بزيارة الموقع واقترحنا من الناحية الاقتصادية ولنجاعة المركب دخوله كشريك على كامل المركب وليس المخبزة الصناعية فقط.

وتابعت الوزير السابقة للصناعة “بتاريخ 30 أكتوبر 2012، وردتنا مراسلة من شركة تسيير المساهمات “سقرو”، تضمنت أن مجمع الرياض مكلف بتنفيذ مشروع الشراكة وتضمنت في طيها مراسلة الوزير الأول المؤرخة في 21 أكتوبر 2012 والتي تنص على الشروع في المفاوضات مع مجمع بن عمر بين شركة تسيير المساهمات “سقرو” ومجمع الرياض مع مجمع بن عمر، على أن يتم دراسة الملف من قبل مجلس مساهمات الدولة بعد الانتهاء من المفاوضات، وخلال سنة 2013 وردت إلى مجمع الرياض لائحة الشراكة مع مجمع بن عمر والتي ورد فيها المصادقة على الشراكة مع مجمع بن عمر بنسبة 60 / 40 بالمائة دون العتاد المؤرخة في 10 فيفري 2013، وإنشاء شركة مختلطة بين المجمعين”.

وأوضحت تامزيرت أن عملية البيع لعتاد مركب قورصو تم على عدة مراحل، وأن 80 بالمائة من العتاد تم بيعه لمؤسسات عمومية، وكان حاصل البيع إلى غاية 2018 يقارب 66 مليون دينار بالتقريب.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here