المغرب يُشوش على المبادرة الجزائرية وموريتانيا تُقبر “المبادرة الأطلسية”

7
المغرب يُشوش على المبادرة الجزائرية وموريتانيا تُقبر “المبادرة الأطلسية”
المغرب يُشوش على المبادرة الجزائرية وموريتانيا تُقبر “المبادرة الأطلسية”

محمد مسلم

أفريقيا برس – الجزائر. مظهر آخر من مظاهر الأزمة المتفاقمة بين الجزائر والنظام المغربي، يتجلى من خلال “سباق المبادرات” في الأسابيع الأخيرة. ويشكل الاجتماع التنسيقي المرتقب بعد شهر رمضان في العاصمة التونسية بين كل من الجزائر وتونس وليبيا، لتشكيل تكتل مغاربي جديد، أحد هذه المظاهر، التي تؤكد مدى العزلة المغاربية التي يعاني منها النظام المغربي.

ولم تكن الفكرة التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون وليدة اليوم، فقد سبق طرحها في وقت سابق من قبل أطراف سياسية في كل من الجزائر وتونس، لمواجهة تعطل آليات الاتحاد المغاربي الميت إكلينيكيا، غير أن توقيت إطلاقها هذه المرة جاء في ظرف طبعه محاولة النظام العلوي في الرباط، زعزعة استقرار الحدود الجنوبية للبلاد، من خلال محاولة تأليب دول منطقة الساحل لضرب الأمن القومي للبلاد والتأثير على المشاريع الجيوسياسية للجزائر، مثل العمل على إفشال اتفاق السلم والمصالحة الوطنية في مالي، الموقع في الجزائر في العام 2015، والمسمى “اتفاق الجزائر”، ومحاولة ضرب العلاقة مع النيجر.

“تخلاط” النظام المغربي تجلى من خلال إطلاق مبادرة سماها المبادرة الأطلسية، وهي تستهدف علاقات الجزائر مع دول منطقة الساحل، ثم بعد ذلك جرّ هذه الدول لإسقاطها في شرك الاعتراف بالسيادة المزعومة للمملكة العلوية على الأراضي الصحراوية المحتلة، من خلال ربطها بالسواحل الأطلسية للصحراويين، كمنفذ نحو المحيط الأطلسي.

غير أنه ومن سوء حظ الرباط أن موريتانيا قاطعت الاجتماع التأسيسي الأول والأخير لهذه المبادرة، الذي انعقد في ديسمبر من العام المنصرم بمدينة مراكش المغربية، مقابل حضور ممثلين عن دول كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهو الغياب الذي أفرغ هذه المبادرة من محتواها، لأن عدم مشاركة كل من الجزائر ونواكشوط فيها، يشكل موتا محتوما لها قبل أن تولد، لأن دول الساحل لا يمكنها أن تصل إلى السواحل الأطلسية الصحراوية المحتلة، إلا عبر منفذين إثنين لا ثالث لهما، وهما إما موريتانيا التي رفضت الدعوة المغربية، والجزائر التي قطعت العلاقات مع الرباط.

ورغم فشل المبادرة المغربية في مهدها، إلا أن الطرف الجزائري قام بتحديث مشروع المبادرة المغاربية، وقد لقيت ترحيبا من قبل كل من ليبيا وتونس، التي تحتضن أولى اجتماعات المبادرة الجزائرية بعد أيام، ما يؤشر على وجود حظوظ وافرة لنجاحها، وقد شهدت الجزائر نواتها الأولى في انتظار محطتها الثانية.

ورغم تأكيد الرئيس تبون أن المبادرة الجزائرية لا تقضي النظام المغربي، إلا أن هذا الأخير وإمعانا في تكريس الانقسام، وبحكم أنه دولة وظيفية في المنطقة، فقد سارع إلى “عرابيه” لحثهم على الضغط على أطراف في ليبيا من أجل غياب طرابلس عن اجتماع تونس المرتقب بعد شهر رمضان، غير أنه ولسوء حظهم فالقرار الرسمي والمعترف به دوليا في ليبيا، هو ذلك الذي مصدره العاصمة طرابلس وليس برقة أو بنغازي في أقصى الشرق.

وتحاول النخب السياسية الدائرة في فلك القصر العلوي ومعها الأبواق الإعلامية المغربية المحلية منها وتلك التابعة لمخابراتها في فرنسا على وجه الخصوص، مثل “جون أفريك”، إعطاء الانطباع بأن عدم إعلان موريتانيا انضمامها لمبادرة الجزائر، يندرج في سياق حرصها على البقاء على مسافة واحدة من الجزائر والرباط، لكنهم يتجاهلون حقيقة الأزمة المتفاقمة بين الرباط ونواكشوط خلال السنوات الثلاث الأخيرة، والتي تجلت من خلال فرض السلطات الموريتانية رسوما خيالية على السلع المغربية، وصلت في بعض الحالات 500 بالمائة، ما أدى إلى توقف حركة الشاحنات عبر معبر الكركرات، في وقت أشرف الرئيسان الجزائري والموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، على تدشين منطقة حرة ومعبر بين البلدين مطلع العام الجاري.

ويمكن القول إن غياب المغرب عن المبادرة الجزائرية، في انتظر حسم موريتانيا لموقفها النهائي، لا يؤثر على فرص نجاحها، في حين أن عدم انخراط كل من الجزائر وموريتانيا في “المبادرة الأطلسية” التي تقدم بها القصر العلوي في الرباط، تعني موتها الحتمي، وهنا يكمن أهمية البعد الجغرافي الذي تفتقده المغرب في التواصل مع منطقة الساحل والقارة الإفريقية، حيث تبقى مشاريعها الجيوسياسية رهينة تفاهمات تبقى إلى حد الآن غائبة مع جيرانها في الشرق وفي الجنوب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here