الوزير عبدالسلام بوشوارب المطلوب للقضاء يلقي بظلاله على العلاقات الجزائرية-الفرنسية

9
الوزير عبدالسلام بوشوارب المطلوب للقضاء يلقي بظلاله على العلاقات الجزائرية-الفرنسية
الوزير عبدالسلام بوشوارب المطلوب للقضاء يلقي بظلاله على العلاقات الجزائرية-الفرنسية

أفريقيا برس – الجزائر. تنتظر السلطات الجزائرية تاريخ التاسع من شهر أكتوبر الداخل، موعد نطق القضاء الفرنسي بالحكم المتعلق بشأن طلبها المتعلق بتسليمها الوزير الأسبق للصناعة عبدالسلام بوشوارب، المتابع في عدة قضايا فساد، وتلاحقه أحكام غيابية ثقيلة تصل إلى 100 عام سجنا نافذا، وتعتبر القرار ترجمة لنوايا السلطات الفرنسية اذا كانت تريد تطبيع علاقاتها معها بعد أزمة الاعتراف بمغربية الصحراء، بينما تطرح دوائر قانونية وحقوقية في فرنسا مسألة الضمانات وتوفير الحقوق الأساسية للمعني بالتسليم.

يدفع فريق الدفاع عن الوزير الجزائري السابق للصناعة عبدالسلام بوشوارب، بورقة تصفية الحسابات السياسية بين السلطة القائمة في الجزائر، وبين سلفتها بقيادة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، ويكون موكلهم معرض للانتقام بسبب انتمائه إلى ما بات يوصف في الجزائر، بحقبة “العصابة”، في إشارة إلى النخبة التي أطاح بها الحراك الشعبي في 2019.

وناشد المحامي بنجامين بوهبوت، القضاء الفرنسي بـ”عدم الموافقة على ترحيل موكله، بدعوى أن هذه الأحكام لا تتوافق مع المعايير الدولية، وأن الملاحقات القضائية ضده تأتي في إطار تصفيات سياسية مرتبطة بحملة تطهير البلاد من حقبة الرئيس الراحل بوتفليقة”.

كما صرح الوزير الفار إلى فرنسا والمطلوب للجزائر، بأنه “يطلب من القضاء الفرنسي، عدم تلبية طلب الاستلام المقدم من طرف السلطات الجزائرية، بالنظر الى الأخطار التي تهدد حياته، خاصة وأن أحكاما قاسية تصل إلى مائة عام سجنا نافذا، فضلا عن تأميم جميع ممتلكاته وعقارته في إطار تصفية حسابات سياسية لا غير”.

واستبعد المحامي رشيد قسنطيني، في تصريح خاص لـ”أفريقيا برس”، أن “يخضع القضاء الفرنسي للضغوط أو محاولات التأثير التي تقوم بها بعض الأطراف، وأن النصوص واضحة في هذا المجال، خاصة وأن البلدين تجمعهما إتفاقية تبادل المطلوبين للقضاء، إلا في حالة الأبعاد السياسية والحقوقية التي يستثنيها القانون الفرنسي، ويبقى الأمر مرتبطا بنوعية وجدوى الدفوع التي يقدمها الطرف الطالب (الحكومة الجزائرية)، أو فريق الدفاع عن المتهم”.

وتدرس المحكمة الفرنسية ثمانية طلبات تسليم قدمتها السلطات الجزائرية لاستلام الوزير عبدالسلام بوشوارب، ثلاثة منها تتعلق بفتح ملاحقات قضائية، وخمسة لتنفيذ أحكام بالسجن تصل إلى 20 عاما لكل منها، بالإضافة إلى غرامات مالية، ومصادرة ممتلكاته بتهم الفساد، والرشوة، وتضارب المصالح، واختلاس الأموال العامة.

وسبق للقضاء الفرنسي، أن رفض طلبات استلام قدمتها الحكومة الجزائرية لاستلام عدد من المطلوبين، وعلى رأسهم ناشطين سياسيين ومدونين معارضين وإعلاميين، على غرار هشام عبود، عبدالرحمن سمار، سيد أحمد بن عطية، وأمير بوخرض المعروف بـ”أمير دي زاد”.. وغيرهم.

وحصل بعض هؤلاء على صفة اللاجئ السياسي على الأراضي الفرنسية، الأمر الذي أغاظ السلطات الجزائرية وساهم في حالة الفتور الدبلوماسية بين البلدين، فيما لا زالت الجزائر ترفض استلام المهاجرين غير النظاميين، وأفادتهم بتراخيص الترحيل، الأمر الذي شكل عبئا اجتماعيا وسياسيا على السلطات الفرنسية التي تريد مراجعة اتفاقيات الهجرة بين الطرفين.

ويعتبر عبدالسلام بوشوارب، أحد الوجوه السياسية والرسمية المحسوبة على حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، حيث شغل عدة مناصب في حكومات متعاقبة، فضلا عن عضويته القيادية في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان يشكل أحد أضلاع التحالف الحزبي المؤيد حينها للرئيس السابق بوتفليقة، كما كان يعتبر الذراع القوية لرئيس الحكومة المسجون أحمد أويحيى.

وتتزامن تطورات الملف، مع أزمة سياسية متجددة بين البلدين، على خلفية إعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، والذي ردت عليه الجزائر بسحب سفيرها سعيد موسي من باريس، احتجاجا على ما أسمته خارجيتها، بـ”النزعة الإستعمارية التي تدعم من لا يملك للذي لا يستحق”.

لكن رسائل إيجابية أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، على هامش انتخاب الرئيس تبون، لولاية رئاسية ثانية، حيث كان أول الرؤساء المهنئين له، عكس الانتخابات التي جرت في 2019، كما أوفد له مستشارته الخاصة، فضلا عن تصريحه مجددا بكونه “مصمم على تسوية ملف التاريخ والذاكرة المشتركة مع الجزائر رغم التوترات”، تعطي الانطباع أن فرنسا تريد تطبيع علاقاتها مع الجزائر.

لكن متابعين للشأن الجزائري، يرون بأن السلطات الجزائرية، لا تنظر لرسائل ماكرون بحماس، وما يهمها هو موافقة القضاء الفرنسي تسليمها الوزير الفار، بما يمثله من ثقل في أجندتها وخطابها حول محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، ومعاقبة الوجوه التي تلاعبت بمقدرات الجزائريين خلال حقبة الرئيس السابق.

وكانت الرئاسة الجزائرية قد برمجت زيارة الرئيس تبون الى فرنسا نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر القادم، منذ عدة أشهر وحتى قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية، لكن القرار الفرنسي بالاعتراف بمغربية الصحراء، فخخ العلاقات مجددا وأعاد التوتر بين البلدين الى الواجهة.

ويتواجد الوزير عبدالسلام بوشوارب (72 عاما) تحت الرقابة القضائية في فرنسا منذ 11 شهرا، بسبب الطلبات المتكررة من طرف الحكومة الفرنسية لتسليمه اليها، وعلى مدى الأشهر الماضية، طلب القضاء الفرنسي من السلطات القضائية الجزائرية تقديم معلومات إضافية حول بعض الجوانب القانونية، كما طالبوا بتعهد رسمي بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام في حال صدور حكم بها.

وسبق لصحيفة “لوتون” السويسرية، أن كشفت على أن القضاء السويسري جمد حسابا بنكيا مملوكا لعبدالسلام بوشوارب في جنيف، يحتوي مبلغا بقيمة 1.7 مليون أورو، يشتبه في أنها من عائدات الفساد، بعد طلب من الجزائر، وأن السلطات الجزائرية ضبطت 27 تحويلا بين عامي 2012 و2016 بقيمة إجمالية قدرها 31 مليون دولار، فضلا عن إنشاء شركة “أوفشور” في بنما عام 2015، للسماح بفتح حساب في سويسرا لنقل 700 ألف يورو من لوكسمبورغ.

قضية أوراق بنما

في أفريل عام 2016، ورد إسم بوشوارب ضمن فضيحة الجنات الضريبية المسربة وثائق بنما، التي كشفت اسم عبد السلام بوشوارب على قائمة الشخصيات الدولية المعنية. الوزير يملك شركة في الخارج، “Royal Arrival Corp” ومقرها في بنما. الشركة التي تأسست في أبريل 2015، ولديها وساطة تجارية مع العديد من البلدان، بما في ذلك الجزائر.

المتابعة القضائية في قضايا فساد

في 27 ماي 2019، في بيان للنيابة العامة للمحكمة العليا؛ أنه تم إحالة ملف التحقيق الابتدائي من قبل السلطة الضبطية القضائية للدرك الوطني لـ 12 مسؤولا ساميا على مستوى المحكمة العليا. وتتضمن القائمة كل من الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، وزير الصناعة الأسبق، عبد السلام بوشوارب، وزير المالية الأسبق كريم جودي، وزير النقل السابق عبد الغني زعلان، وزير النقل الأسبق عمار تو، وزير النقل الأسبق بوجمعة طلعي، ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس، وزير الفلاحة السابق عبد القادر بوعزقي، وزير النقل السابق عمار غول، والي العاصمة السابق عبد القادر زوخ، والي ولاية البيض خنفار محمد جمال.

و كان قد بدأ القضاء الجزائري منذ مايو 2019 استدعاء رجال أعمال وشخصيات كانت تشغل مناصب في أعلى هرم السلطة، للتحقيق معهم والاستماع لشهاداتهم، كما قرّر إيداع بعض منهم السجن على غرار الملياردير يسعد ربراب والإخوة كونيناف، المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكذلك مموّل حملاته الانتخابية، رجل الأعمال الشهير علي حداد، إذ يواجه هؤلاء تهماً تتعلق بالاستفادة من امتيازات وقروض كبيرة دون ضمانات، إلى جانب إجراء تحويلات مالية مشبوهة وتهريب أموال من العملة الصعبة نحو الخارج بطرق غير قانونية. وفي 10 ديسمبر 2019، أصدر قاضي محكمة سيدي أمحمد بالنطق بحكم غيابي بـ20 سنة حبسا نافذا ومليون “دج” غرامة نافذة ضد وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب مع أمر بالقبض الدولي، لارتكابه جنح منح امتيازات غير مبررة للغير، وإساءة استغلال الوظيفة والتبديد العمدي لأموال عمومية وتبييض الأموال والتصريح الكاذب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here