انتخاب روتايو زعيمًا للجمهوريين يعمّق الأزمة مع الجزائر

4
انتخاب روتايو زعيمًا للجمهوريين يعمّق الأزمة مع الجزائر
انتخاب روتايو زعيمًا للجمهوريين يعمّق الأزمة مع الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. أشّر انتخاب وزير الداخلية الفرنسي الحالي، على رأس الحزب الجمهوري اليميني، على تحول كبير سيعمق أزمة العلاقات الجزائرية- الفرنسية في المستقبل المنظور، خاصة في ظل تصاعد موجة اليمين في فرنسا وأوروبا عموما، وينتظر أن يكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المنتظرة بعد عامين، حيث تمثل ملفات العلاقات الثنائية مع الجزائر، والهجرة والاندماج الاجتماعي، والاسلاموفوبيا، مادة دسمة في خطاب عراب اليمين في فرنسا.

يرجح متابعون للشأن الفرنسي، أن يكون وزير الداخلية الحالي برونو روتايو، مرشح تيار اليمين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المنتظرة العام 2027، خاصة بعد تبوئه قيادة الحزب الجمهوري، والترحيب الذي حظي به من طرف رموز اليمين الفرنسي، على غرار المنافس لوران فوكييه، وايريك سيوتي، ووزير الخارجية فرنسوا بايرو.

ورغم الانقسام الداخلي الذي رافق مسارات اليمين الفرنسي في مختلف الاستحقاقات، وإمكانية ظهور منافسين آخرين، على غرار رئيس الوزراء السابق دومنيك دوفيلبان، المعروف بمواقفه المعتدلة تجاه الوضع الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، والأزمة بين فرنسا والجزائر، فان صعود موجة اليمين في فرنسا وعدد من دول الغرب، ترجح فرضية العراب الجديد، الذي لا يتوانى في توظيف نفس مادة سياسية تقوم على الهجرة والتنظيم الاجتماعي، والإرهاب والاسلاموفوبيا، والعلاقات الثنائية مع الجزائر، لتكون برنامجا سياسيا مغر للأنصار والمتعاطفين.

ولم يستغرب المحلل السياسي محمد هنيش، في تصريح لـ “أفريقيا برس”، لنتائج انتخابات الحزب الجمهوري، التي رجحت كفة برونو روتايو، وقال: “النتائج تعكس مدى التفاعل الشعبي داخل الجمهوريين، مع خطاب وزير الداخلية، الذي بات يُطرح كمخلص وحيد لفرنسا من التهديدات المحيطة بها، من خلال تصوير الهجرة والأمن والاسلاموفوبيا والعلاقات مع الجزائر، كخطر يهدد المجتمع الفرنسي”.

وأضاف: “برونو روتايو، الواقع تحت سهام انتقاد الدوائر السياسية والإعلامية الجزائرية، بوصفه مخرب العلاقات الثنائية بين البلدين، استفاد من تصدره الحملات السياسية والإعلامية الجزائرية، ووظفها في رفع مؤشراته لدى فواعل التيار اليميني، وهو بصدد التسويق لنفسه على أنه المستهدف الأول في فرنسا من الدوائر المعادية”.

ولا زال الخطاب الرسمي في الجزائر، يعلق شماعة الأزمة مع فرنسا على مشجب اليمين الفرنسي المتطرف والصلب، وعلى رأسه وزير الداخلية برونو روتايو، وهو ما مكنه من طرح شخصه كبطل قومي للتيار اليميني في بلاده، ورغم وأنه يشغل منصب وزير الداخلية في الحكومة الحالية، ويعد أحد أبرز المقررين في خلية التعاطي مع الأزمة الجزائرية، إلا أن الجزائر لا زالت تعتبره مصدر تأجيج الأزمة، وأنه لا يعكس الموقف الجماعي للسلطة الفرنسية، بل هو صوتا يعبر عن تيار سياسي معين.

ويرى المحلل السياسي محمد هنيش، بأن “الأزمة الجزائرية- الفرنسية، يستحيل أن تعود الى الخلف أو يتم تطويقها، بعدما فلتت من أيدي الدوائر السياسية، ودخلت أروقة القضاء، فالحديث عن ضلوع عناصر متصلة بالسلطة، لا يحسم فيه الا القضاء، ولا يمكن للسياسيين في البلدين، مهما كانت ارادتهم القفز عن ممارسات ترفضها الجزائر وتعتبرها جزء من حملة مفبركة لتأزيم الوضع، ففيما يعالج القضاء الفرنسي ملف المؤثر المعارض أمير بوخرص (أمير دي زاد)، يعالج نظيره الجزائري قضية الكاتب الفرانكوجزائري بوعلام صنصال”.

وتابع: “تحولت قضية المؤثر المعارض أمير بوخرص، والكاتب بوعلام صنصال، الى مصدر خلاف عميق بين البلدين، بسبب مسارات التحول الى ملف قضائي يحسم فيه من طرف مؤسسة يفترض فيها الاستقلالية عن القرار السياسي، ففي الحالة الأولى يجري التحقيق في عملية اختطاف واحتجاز العام الماضي بإحدى الضواحي الباريسية، والذي أفضى الى توقيف واتهام عناصر على صلة بدوائر رسمية جزائرية، بحسب تقارير إعلامية وتصريحات رسمية، أما في الحالة الثانية فالرجل ملاحق بتهم جنائية وجزائية تتصل بتهديد الأمن القومي والمساس بوحدة وسلامة السيادة الوطنية”.

وأمام تأجيل القضاء الجزائري النظر في قضية الكاتب بوعلام صنصال، الى نهاية شهر حزيران – يونيو المقبل، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، بأن “فرنسا لا تزال تأمل في أن توافق السلطات الجزائرية على لفتة إنسانية لصالح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال”.

وقال لوسائل اعلام محلية، “أنا قلق جدا لحالته الصحية. فهو رجل مسن وضعيف، لهذا السبب آمل في أن تبدأ محاكمته في الاستئناف في أسرع وقت، وفي الأيام المقبلة إن أمكن، بحيث يمكن بعد هذا الحكم اتخاذ بادرة إنسانية حياله، طالبنا بها السلطات الجزائرية”، لكنه لم يتطرق في المقابل الى وضعية الموظف القنصلي الجزائري المسجون في ملف المؤثر أمير بوخرص، رغم مطالبة بلاده باطلاق سراحه وافادته من صفته المهنية.

ويعد الزعيم الجديد لتيار اليمين في فرنسا برون روتايو، من أشد المتحمسين الى اتخاذ إجراءات صارمة في البعد الاجتماعي للعلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، حيث كان أول المبادرين بترحيل مهاجرين غير نظاميين جزائريين، وصفوا بـ “غير المرغوب فيهم”، كما أبدى تشددا تجاه مسائل الهجرة والتجنيس والزواج المختلط، لكن السلطات الجزائرية رفضت استلام هؤلاء، بدعوى عدم التنسيق المسبق وعدم استيفاء الشروط القانونية والقضائية التي تقضي بترحيلهم الى بلدهم الأم.

وفي تطور جديد للأزمة القائمة بين البلدين، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا، تضمن اتهاما صريحا للطرف الفرنسي بالتنصل من اتفاقيات رسمية مبرمة بين الطرفين، وعدم احترام القنوات القانونية لتعديلها أو فسخها، في إشارة الى قرار اشتراط الحصول على التأشيرة لحاملي جواز السفر الديبلوماسي وجواز السفر لمهمة.

وألمحت الجزائر الى استعدادها للتخلي عن الاتفاق المذكور، لأنها لا ترى في هذا الاتفاق أي مصلحة خاصة ولا تبدي أن تعلقٍ محدد بشأنه، متوعدة باتخاذ إجراءات مماثلة في اطار المعاملة بالمثل، وبنفس الحدة والصرامة، مما يوحي الى حدة التصعيد وتبادل الإجراءات السائرة الى قطيعة نهائية، بحسب توقعات متابعين للأزمة.

وقال بيان الخارجية: “أصبح الخطاب الفرنسي على ما يبدو، ينحو منحى غريبا ومثيرا للريبة، يتمثل في تدبير تسريبات إعلامية بشكل فاضح إلى وسائل إعلام مختارة بعناية من قبل مصالح وزارة الداخلية الفرنسية والمديرية العامة للشرطة الوطنية الفرنسية”، في إشارة الى تداولتها وسائل اعلام في فرنسا بخصوص إجراءات اتخذت تجاه حملة جوازات السفر الجزائرية بمختلف أصنافها “.

وأضاف: “القرارات الفرنسية باتت تُعلن عبر هذه القنوات غير الرسمية، في تجاوز صارخ للأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، وفي انتهاك واضح كذلك لأحكام الاتفاق الجزائري-الفرنسي المبرم سنة 2013، والمتعلق بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة”.

وأكد على أن “الجزائر لم تكن يوما الطرف المُطالب أو المبادر بها، وأنه في أعقاب فرض نظام التأشيرة العام 1986 على رعايا البلدين، بادرت فرنسا ولوحدها باقتراح إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من هذا الإجراء، وقد قوبل هذا المقترح الفرنسي آنذاك برفض صريح لا لبس فيه. وخلال تسعينيات القرن الماضي، جدد الطرف الفرنسي هذا الاقتراح ثلاث مرات، وواجه في كل مرة نفس الرفض القاطع من قبل الجانب الجزائري”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here