تبون بعد 4 سنوات رئيساً للجزائر.. تعثر الإصلاح رغم الوعود

9
تبون بعد 4 سنوات رئيساً للجزائر.. تعثر الإصلاح رغم الوعود
تبون بعد 4 سنوات رئيساً للجزائر.. تعثر الإصلاح رغم الوعود

عثمان لحياني

أفريقيا برس – الجزائر. حين انتخابه رئيسا في الانتخابات التي أجريت في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، قدم الرئيس عبد المجيد تبون حزمة تعهدات كبيرة بعنوان تحرير الاقتصاد من الريع النفطي ومن الفساد، وإنعاش القطاعات المعطلة كالزراعة والصناعة والسياحة، وإعادة هيكلة الاقتصاد على أساس تحرير المبادرة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات واستقطاب التكنولوجيا.

قبل عام من نهاية ولايته الرئاسية الأولى، يجدد الرئيس تبون التأكيد على الاستمرار في خطط الإصلاح لبناء ما يصفه “بالاقتصاد الناجع”، ويؤكد في رسالة بمناسبة مظاهرات 11 ديسمبر/ كانون الأول 1960 (ضد الاستعمار)، “نخوض رهانات بتسخير جهود الدولة لبناء اقتصاد ناجع وتنافسي والارتقاء بالحياة الاجتماعية وتحسين الإطار المعيشي للمواطن”.

بعد أربع سنوات من الحكم، تبدو الحصيلة الاقتصادية للرئيس تبون متباينة بالنسبة للخبراء الاقتصاديين، وسط الواقع الجزائري المعقد في كثير من تفاصيله السياسية والاجتماعية، والتي صعبت أكبر من تنفيذ خطط الإصلاح، ناهيك عن عدم الاستقرار الوزاري وتسارع القرارات المتعلقة بالشأن الاقتصادي، والتي نتج منها استياء كبير من قبل رجال الأعمال، خاصة ما تعلق بتجميد التوريد من الخارج.

لكن وقبل تقييمات الخبراء، لا يبدو الرئيس تبون نفسه راضيا عن منجزاته الاقتصادية، ويختتم عامه الرابع في الحكم، دون منجز اقتصادي بارز يمكن أن يحسب لصالحه، بما فيها المشاريع الكبرى التي تعطلت حتى الآن، سواء بسبب أزمة كورونا الطارئة، أو بسبب ما يعتبره تبون وجود مقاومة من قبل لوبيات كانت تتحكم في بعض جوانب الاقتصاد مستفيدة من الحكم السابق.

ويرد ذلك إلى تعطل الاستثمارات نتيجة لعراقيل إدارية متعددة ومشكلات العقار، وعجز الحكومات عن لإصلاح النظام المصرفي والبنكي، ما اضطر الرئيس تبون الى الإعلان في الاجتماع الوزاري الأخير أن عام 2024، سيكون عام الإصلاح البنكي.

تبون خلال حكمه

بالنسبة للخبير الاقتصادي والرئيس السابق للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في البرلمان هواري تيغرسي، هناك الكثير من المؤشرات الإيجابية التي تحققت للاقتصاد الجزائري خلال الأربع سنوات من حكم الرئيس تبون.

ويشير إلى الارتباط الوثيق بين جهود تطوير الاقتصاد وتنفيذ خطط الإصلاحات وبين الحفاظ على الجانب الاجتماعي والمحافظة على الطبقة المتوسطة، وإبقاء التوظيف وتعزيز الكادر البشري وزيادة الأجور، مضيفا أن “هناك حركية مهمة جدا في قطاعات خارج قطاع المحرقات، مثل الزراعة والسياحة والخدمات والمؤسسات الناشئة والصناعات التحويلية”.

ويلفت إلى أهمية التشريعات والقوانين الجديدة التي ستسمح للاقتصاد بالتحرر فعلا من الريع النفطي، خاصة قوانين تحسين البيئة الاستثمارية، والمقاول الذاتي واقتصاد المعرفة والإصلاح البنكي والضريبة والرقمنة وغيرها، “وهي قوانين ستكون أساسا مهما لتطوير الاقتصاد وظهور نتائج ذلك في أفق السنوات المقبلة” وفق تعبيره.

ويبرر المدافعون عن النتائج الاقتصادية المتواضعة للرئيس تبون في سنوات حكمه الأربع، بوجود مشكلات هيكلية كانت تحتاج الى جهد سياسي كبير من قبل الرئيس لفكها، خاصة مع ميراث معقد خلفته السياسات السابقة التي انتهجها الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، ووجود ضعف كبير في التشريعات والقوانين التي كانت تحتاج الى مراجعات عميقة لتحسين بيئة الاستثمار وإعادة تنظيم الحالة الاقتصادية، وانهاء سيطرة شبكات الفساد، إضافة الى أزمة كورونا التي عطلت تنفيذ خطط الإصلاح في الوقت المناسب وقضمت عامين من الولاية الرئاسية الأولى، وهي مبررات تبدو واقعية في الجزائر.

ويقدم الخبير الاقتصادي وعضو لجنة المالية والشؤون الاقتصادية في البرلمان الجزائري أحمد بلجيلالي، قراءة واقعية للاقتصاد الجزائري في غضون الأربع سنوات الأولى منذ اعتلاء الرئيس تبون سدة الحكم.

ويشير الى أن المؤشرات لا تظهر تحسنا كبيرا، حيث مازال الاقتصاد الجزائري مرهونا بعائدات النفط، ويقول إنه “لا يمكن إغفال المستوى الذي بلغته صادرات الجزائر خارج المحروقات التي قاربت ستة مليارات دولار سنة 2022، وبافتراض موثوقية الرقم فإنه يعتبر طفرة في الاقتصاد الجزائري، لكن الإيردات خارج النفط ما تزال غير قادرة على تغطية نفقات الجزائريين”.

بين البطالة والتجارة

ويضيف بلجيلالي أن هناك “جوانب أخرى لم يتحقق فيها تقدم، كمستوى البطالة الذي يرتفع لقرابة ثلاثة أضعاف عن المعدل الوطني لدى شريحة خريجي الجامعات (27 في المائة). كما أن نسبة 28 في المائة وهي التحويلات الاجتماعية في الميزانية العامة للدولة توحي أن تدخل الدولة كبير جدا لضمان مستوى استهلاك متوسط يفترض أن يوفره الدخل الفردي المتأتي من الأداء الاقتصادي.

ويشرح أنه بالنظر لمستوى قياسي للمديونية الداخلية التي تجاوزت حجم النفقات الملتزم بها للسنة المقبلة (2024) فإن استدامة المالية العمومية نسبية، وبالتالي فإن الاعتماد على تحسن أداء الاقتصاد الوطني مدفوعا بالإنفاق العمومي لن يكون متاحاً على المدى المتوسط.

وترافقت الجهود خلال الأربع سنوات الماضية، مع بروز توجه جزائري نحو الانفتاح على الأسواق الافريقية وإطلاق مشاريع بنية تحتية من طرق وسكك حديد تصل الجزائر بموريتانيا والنيجر ومالي والسنغال، وفتح معارض دائمة للسلع الجزائرية في هذه الدول، وهو ما يفسره الباحث المختص في الاقتصاد وجيوبوليتيك، سيف الدين قداش، بتغيير الجزائر منذ أربع سنوات لتخندقاتها الاقتصادية.

ويشرح أن “هناك بروزا واضحا لتغيير المحاور التجارية بحكم التحولات الجيوسياسية العالمية والعربية وحتى الإقليمية، حيث أبدت الجزائر أيضاً رغبة في الاستفادة من قوة العلاقة السياسية مع بكين وموسكو.

وعمقت الجزائر علاقاتها مع محور أنقرة – الدوحة لسببين رئيسين وهما التقاطع السياسي وكثافة التعاون الاقتصادي بحيث تعد قطر المستثمر العربي الأكبر في الجزائر، بينما تعد تركيا المستثمر الأجنبي الأول في الجزائر بحوالي خمسة مليارات دولار مع نوايا لتعميق التعاون الاقتصادي بين البلدين خاصة تركيا التي تسعى لرفع التبادل التجاري لمستوى 10 مليارات دولار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here