تبون في نواكشوط لتعزيز محور الشراكات الجديدة

10
تبون في نواكشوط لتعزيز محور الشراكات الجديدة
تبون في نواكشوط لتعزيز محور الشراكات الجديدة

أفريقيا برس – الجزائر. يؤدي الرئيس الجزائري، زيارة الى موريتانيا هي الأولى في ولايته الرئاسية الجديدة، والأولى لرئيس جزائري منذ 37 عاما، وتأتي الزيارة في سياق إقليمي متوتر وتجاذبات في المنطقة، حيث يخيم عدم الاستقرار في منطقة الساحل، ويسود الفتور أو القطيعة مع عواصم إقليمية هي على وئام مع نواكشوط، على غرار الرباط وأبو ظبي، الأمر الذي يطرح موريتانيا كمركز استقطاب، بينما تندفع الجزائر للبحث عن بدائل لشركاتها التقليدية كما حدث مع جنوب افريقيا.

يشرع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في زيارة الى موريتانيا، هي أول خروج له منذ انتخابه في سبتمبر الماضي رئيسا للبلاد للمرة الثانية على التوالي، وأول زيارة لرئيس جزائري لموريتانيا منذ 37 عاما، بعد تلك التي أداها الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد العام 1987.

وتنطوي الزيارة على عدة رسائل ودلالات، بسبب توقيتها وسياقها، فهي تأتي في سياق إقليمي ودولي متوتر، ففيما تتحول نواكشوط الى مركز استقطاب تتلاقى فيه مصالح متضاربة، تختار الجزائر خطا سياسيا وديبلوماسيا مباشرا، كلفها علاقات متوترة مع شركاء تقليديين وعواصم مجاورة.

وباتت العلاقات الجزائرية- الموريتانية، نموذجا نادرا في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، بعدما تعزز المحور بعدة اتفاقيات تعاون متنوعة ومشاريع مشتركة، على غرار المعبر الحدودي، والطريق الرابط بين تيندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، وعلى الرغم من أن زيارة تبون المرتقبة لنواكشوط تأتي في إطار مشاركته في مؤتمر حول “التعليم وتشغيل الشباب”، إلا أن متابعين يرون أن هذه الزيارة تحمل رسائل وتعكس حجم الاهتمام الجزائري بالشراكة مع موريتانيا.

ويرى المحلل السياسي عمر براس، بأن “زيارة الرئيس تبون الى موريتانيا، تأتي في سياق معقد يغلب عليه عدم الاستقرار والصراعات المتشابكة، لاسيما في منطقة الساحل الصحراوي، فالبلدان في صلب التوترات التي تشهدها المنطقة، وهو ما يحتم عليهما التعاون والتشاور المتواصل لمواكبة مختلف التحولات”.

وجاءت الزيارة أياما قليلة بعد الزيارة التي أداها رئيس جمهورية جنوب أفريقيا للجزائر، والتي توجت بوضع معالم اتفاق شراكة استراتجية، وتوقيع مذكرات تفاهم شاملة، فضلا عن الخطاب الذي ألقاه سيريل رامافوزا، أمام البرلمان الجزائر، أين ذكّر بالعلاقات التاريخية بين البلدين، وفرص التعاون المشترك، والتوافق السياسي والديبلوماسي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصحراء الغربية.

وهو ما علق عليه المحلل السياسي، لـ “أفريقيا برس”، بالقول: ” الملاحظ أن الجزائر لم تعد تكتفي برسم اتفاقيات الشراكة الاستراتجية مع شركاء من خارج القارة، وأنها تتوجه لارسائها مع قوى أفريقية، في إطار إستراتيجية تنويع الشراكات والشركاء، وعدم الارتهان لأطراف معينة، ثبت أنها انحدرت الى الحضيض بسبب خلافات سياسية، كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا وإسبانيا وبشكل أقل روسيا”.

وأضاف: “زيارة تبون الى موريتانيا، ستكون تاريخية وتفتح عهد جديد بين البلدين، مما سيوفر بديلا ناعما للجزائر في إرساء شراكة قوية تفتح لها طريق التمدد في أفريقيا الغربية بعيدا عن الحسابات والتوترات الضيقة، التي ارتبطت بعلاقاتها مع المغرب”.

وترى تقارير موريتانية، بأن “موريتانيا والجزائر بلدان جاران ويواجهان نفس التحديات بما فيها التحديات الأمنية، وأن المسؤولين في البلدين باتوا على قناعة خلال السنوات الأخيرة بأن التنسيق والتحالف الاستراتيجي بين البلدين أصبح ضرورة، ومنه تكتسي هذه الزيارة طابعا إقليميا مهما، نظرا لموقع البلدين ودورهما في أفريقيا ومنطقة الساحل بشكل الخاص التي تعتبر من بين المناطق الأفريقية التي تتصارع فيها الأجندات الدولية”.

وكان نائب وزير الدفاع الجزائر الجنرال سعيد شنقريحة، قد أدى زيارة شهر أكتوبر الماضي الى موريتانيا، أجرى خلالها سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع المسؤولين العسكريين والمدنيين في نواكشوط، أفضت الى حزمة من الاتفاقيات جاء على رأسها التخطيط لتسيير دوريات عسكرية وأمنية مشتركة على طول الحدود بينهما، من أجل تعزيز مناخ التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، وتأمينهما من الأخطار المحدقة في ظل الاضطرابات المسجلة.

وأكد البلدان حينها على “النهوض بمستوى التعاون العسكري الثنائي وإكسابه آفاقا جديدة، خاصة فيما يتعلق بشراكة البلدين في مجال مكافحة التطرف العنيف والجريمة المنظمة التي تشهدها منطقة الساحل”.

ويرى متابعون لشؤون المنطقة، أن موريتانيا من الدول القليلة التي بإمكانها التوسط بين الجزائر وبعض العواصم الإقليمية والعربية من أجل خفض التوتر والعودة الى الوضع الطبيعي، نظير علاقاتها المتوازنة مع المغرب والامارات العربية المتحدة، وهما البلدان اللذان تربطهما علاقات متوترة مع الجزائر في السنوات الأخيرة.

وسبق للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، المدعوم من طرف الجزائر في رئاسة الاتحاد الأفريقي، أن عبر عن استعداد بلاده للمساهمة في تلطيف الأجواء بين دول المنطقة، خاصة بالنسبة للجزائر والمغرب، كون التصريح سبق آنذاك زيارة له الى الجزائر.

وترى تقارير موريتانية، بأن “المواجهات العنيفة التي تندلع من حين لآخر بين الجيش المالي مدعوما بقوات فاغنر الروسية من جهة، والمسلحين الأزواديين من جهة أخرى، بالقرب من حدود موريتانيا والجزائر، تفرض على البلدين التنسيق بشكل مكثف في القضايا الإقليمية، لتفادي أي مخاطر قد تؤثر على استقرارهما”.

وتفيد بيانات رسمية الى أن العلاقات الاقتصادية الموريتانية الجزائرية، تطورت بشكل لافت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث باتت الجزائر الشريك الأفريقي الأول لموريتانيا، حيث قفز التبادل التجاري بين البلدين من زهاء 300 مليون دولار العام 2022، الى 414 مليون دولار العام 2023.

ويرى الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، بأن” علاقات البلدين تشهد زخما متصاعدا تم التمهيد له بمشروعات للبنية التحتية، التي تعتبر منصة تقود لتدفق الاستثمارات والتكامل الاقتصادي بين البلدين”.

وذكر، لـ “افريقيا برس” بأنه “من بين هذه المشاريع، افتتاح فرع للبنك الجزائري في موريتانيا، وتدشين أول معبر حدودي يربط البلدين، ثم الطريق البري على مسافة تفوق 800 كلم، وهو ما يتطلب توفير آليات أمنية مشتركة لاشاعة أجواء الطمأنية والاستقرار بين البلدين”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here