تحرير الرعية الإسباني يعيد تشكيل خطاب الإرهاب في الساحل

32
تحرير الرعية الإسباني يعيد تشكيل خطاب الإرهاب في الساحل
تحرير الرعية الإسباني يعيد تشكيل خطاب الإرهاب في الساحل

أفريقيا برس – الجزائر. تحول تحرير الرعية الاسباني من طرف جبهة تحرير الأزواد، التي سلمته للجزائر، والتي حولته بدورها الى بلده، الى نقطة فاصلة في تغيير موقع تهم الإرهاب والاجرام المنظم في الساحل الصحراوي، فبعدما كانت الدعاية المالية تروج للعقيدة المسلحة للفصائل الأزوادية، تحولت الى مفعول مضاد، بعد ضلوع مجموعة مسلحة ترتبط بضابط سام في الجيش المالي في العملية المذكورة.

وكشفت جبهة تحرير الأزواد، في بيان اطلعت عليه “أفريقيا برس”، على أنها نجحت بفضل عملية نفذتها احدى وحداتها، من تحرير الرعية الاسباني نافارو جياني جيلبيرت، المختطف في الرابع عشر جانفي الجاري من الأراضي الجزائرية، وتوجهت به مجموعة تنتمي الى شبكة إجرامية تعمل في منطقة الساحل وخارجه.

وهو ما يوحي الى أن المجموعة المسلحة، هي خلية تنشط في الجنوب الجزائري لترصد حركة السياح في المنطقة، بغرض اختطافهم وبيعهم لشبكات مختصة، بحسب معلومات متداولة، وأن رغبتها كانت بيع الرعية المذكور الى تنظيم جهادي، الأمر الذي يدحض فرضية وقوف تنظيم إسلامي مسلح وراء العملية.

ولفت البيان الى أن “الرعية الاسباني كان يتمتع بصحة جيدة، وأنه مُكّن من الاتصال بعائلته، قبل تسليمه من طرف مسؤولي جبهة تحرير الأزواد الى السلطات الجزائرية التي كانت على اتصال دائم بهم خلال عملية التحرير، وأن الخاطفين دخلوا الى منطقة الأزواد عبر الأراضي الجزائرية”.

وأضاف: “هذا الاجراء يؤكد التزام جبهة تحرير الأزواد الدائم بالعمل على حماية الأشخاص وممتلكاتهم، بهدف تعزيز الأمن والسلام في المنطقة، على الرغم من كل التحديات التي تفرضها الظروف المعقدة في المنطقة، بسبب الأطراف التي تنشر الفوضى وعدم الاستقرار، بزعامة العصابة العسكرية المالية ومجموعة فاغنر”.

وشددت على أن جبهة تحرير الأزواد، تدين بشدة الجرائم المنظمة والإرهاب بكل أشكاله، خاصة عمليات اختطاف الرهائن المنافية لقيم الإسلام وأعراف الشعب الأزوادي.

وأوحى تصريح الناطق الرسمي لجبهة تحرير الأزواد محمد المولود رمضان، حول حرص التنظيم على محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب، وتعاونه مع حكومات المنطقة لاحلال سلامة الأشخاص والممتلكات، وملاحقة عصابات قطاع الطرق، الى أن الجبهة الأزوادية، تريد توجيه رسالة للرأي العام في المنطقة والعالم، مفادها زيف تهم الإرهاب والاجرام التي يحاول الجيش المالي ومجموعة فاغنر الصاقها بهم.

كما جاء تأكيده على أن انتهاج أسلوب التفاوض والوساطات المحلية، وعدم اللجوء الى لغة السلاح، كان بغرض الحفاظ على سلامة الرعية المختطف، وهي رسالة من أجل طمأنة حكومات المنطقة والقوى الإقليمية، على أن التنظيم سيكون مساعدا في الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة، عكس ما يروج له من طرف حكومات الساحل.

وأفاد مصدر أمني، فضل عدم الكشف عن هويته، بأن “عملية الاختطاف التي استهدفت الرعية الاسباني، وقبله اغتيال رعية سويسرية في منطقة اليزي، توحي الى أن هناك أكثر من طرف مسلح في المنطقة، وأن ارتباط المجموعة المسلحة، بضابط سام في الجيش المالي، يوحي الى حقيقة الانفلات في صفوفه وهيمنة الجريمة على أدائه، رغم أن الخطاب الذي تردده القيادة السياسية في باماكو تروج للحرب على الإرهاب لتبرير مطاردتها للأزواديين”.

ولم يستبعد المتحدث في تصريحه لـ “أفريقيا برس”، أن “يكون الغرض من العملية هو الإساءة لسمعة وصورة الجزائر، وأن التوجه بالرعية الى المنطقة الأزوادية كان بهدف رسم صورة سلبية، تكرس الخطاب السياسي والإعلامي في مالي حول الطابع الإرهاب والاجرامي للمقاومة الأزوادية، لكن عملية التحرير كشفت التناقض بين الخطاب والممارسة”.

وأفادت معلومات متواترة، بأن الرعية الاسباني تم اختطافه في محافظة تمنراست الجزائرية، من طرف مجموعة مسلحة تتكون من خمسة أفراد، وجرى اقتياده الى الشمال المالي على مسافة تقدر بـ 800 كلم، 500 منها تقع داخل التراب الجزائري، الأمر الذي يعد اختراقا أمنيا يوحي الى تراخ غير مرغوب في ظل الظروف الأمنية التي تعيشها المناطق الحدودية.

وذهبت الى أن الخاطفين لا ينتمون الى أي فصيل جهادي، وأنهم يتبعون أحد الضباط السامين في الجيش المالي، وأن الغرض من العملية كان بيعه الى واحد من التنظيمات الجهادية المختصة في الاختطافات والتفاوض حول الفدى، وهو ما يعكس حالة من الانفلات وعدم الانضباط داخل الجيش المالي.

وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، عن استلام مصالحها الأمنية للرعية الإسباني نافارو جياني جيلبيرت. وذكر بيان الدفاع الجزائرية، بأن “المعني تم نقله على متن طائرة خاصة، من مطار تينزواتين بالناحية العسكرية السادسة (محافظة تمنراست) نحو القاعدة الجوية ببوفاريك بالناحية العسكرية الأولى (محافظة العاصمة)، لتسليمه الى سلطات بلاده”.

ولفت الى أن “هذه العملية تؤكد مرة أخرى الاحترافية الفعالة للمصالح الأمنية للجيش الوطني في مكافحة شتى أشكال الجريمة المنظمة عبر كامل التراب الوطني”.

وفي تغريدة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، على حسابه الخاص في منصة اكس، قال: “أشكر مصالحنا الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني على تحلّيهم بالفعالية والسرّية، خلال عملية تحرير المواطن الإسباني جيلبرت نافارو.”

وفي ندوة صحفية نشطها الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية لوناس مقرمان، بمعية سفير اسبانيا في الجزائر، أكد خلالها أن بلاده، “لم تدخر أي جهد في تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية لتحرير الرعية الإسبانية”.

وجدد المتحدث، “إدانة الجزائر لكل الممارسات العنيفة والجماعات الإرهابية في كل أصقاع العالم بكل أصنافها، كما شدد على ضرورة توحيد الجهود للقضاء على الإرهاب وكل الأعمال التي تشكل رافدا لتمويله.

ولفت الى أن مختلف السلطات الأمنية الجزائرية، بذلت جهودا مكثفة مع شركاء أمنيين بالمنطقة، تم خلالها تسخير كل الإمكانيات البشرية واللوجستية لتحرير الرهينة الإسبانية، ومنذ الوهلة الأولى لعملية الاختطاف، أسدت السلطات العليا في البلاد تعليمات سامية لبذل قصارى جهدها وحشد كل الإمكانيات للوصول إلى المختطف وتحريره والحرص على سلامته”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here