تحسن العلاقات الجزائرية الإسبانية يعزز التبادل الاقتصادي

12
تحسن العلاقات الجزائرية الإسبانية يعزز التبادل الاقتصادي
تحسن العلاقات الجزائرية الإسبانية يعزز التبادل الاقتصادي

أفريقيا برس – الجزائر. توقع عضو الغرفة التجارية والصناعية الجزائرية منصف بوضربة، أن يساهم ذوبان الجليد السياسي والديبلوماسي بين الجزائر واسبانيا، في عودة النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين الى ما قبل قرار القطيعة، وهو ما ستظهر نتائجه في السوق المحلية خلال المدى القريب من خلال وفرة المواد الغذائية والصناعية واعتدال الأسعار.

وأكد، لـ “أفريقيا برس”، بأن “الاتصالات الجارية بين الحكومتين في الآونة الأخيرة، والدخول في التحضير لانعقاد اللجنة المشتركة العليا، ورفع الحظر التجاري الجزائري على المنتوجات الاسبانية، ستظهر نتائجها قريبا، على مستوى التبادل وحركة الإنتاج، لأن القرب الجغرافي بين البلدين سيساهم في انخفاض تكلفة الشحن، الذي ينعكس بدوره على تكلفة الإنتاج والتبادل عموما”.

ولفت الى أن الأضرار كانت واضحة على متعاملي البلدين خلال فترة القطيعة، حيث سجلت نحو 750 مؤسسة اسبانية تراجعا في الإنتاج، بسبب غلق الأسواق الجزائرية في وجهها، وهو ما ألحق بها خسائر ناهزت الثلاثة مليارات دولار، كما تكبد تجار ومؤسسات جزائرية خسائر معتبرة أيضا، بسبب ندرة المواد الاستهلاكية، والمواد الأولية ونصف المصنعة الموجهة لسلاسل الإنتاج.

وتعتبر إسبانيا من الشركاء الأوائل بالنسبة للجزائر، لكنها لا تنافس الفرنسيين ولا الأتراك ولا الصينيين ولا حتى الايطاليين، لذلك تأتي في الترتيب الثامن، رغم قرب المسافة بينهما، مع هذا تبقى ممونا رئيسا للسوق الجزائرية، خاصة في مجال بعض المنتوجات الزراعية والصناعية ومواد البناء والمواد الأولية، وينتظر أن تساهم التغيرات الجيوسياسية لأن تكسب نقاط إضافية لمكانتها الاقتصادية والتجارية مع الجزائر.

وكان التبادل التجاري قد عاد خلال الأشهر الماضية، لكنه ظل محتشما بسبب ضغط القطيعة السياسية، بعدما راسلت الجمعية المهنية للبنوك، مسيري البنوك التجارية تعلمهم فيها بأنها ألغت قرارا سابقا بتجميد توطين عملية استيراد الصيصان (صغار الدجاج) وبيض الدجاج الموجه للتفريخ من إسبانيا. وأكدت أن وزارة الزراعة والتنمية الريفية رخصت الاستيراد لمصلحة المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين والتجاريين الجزائريين، النشطين في مجال تربية الدواجن.

كما صرح مسؤول حكومي حينها، بأن التبادل التجاري بين البلدين سيعود وفق أجندة جديدة تضعها الحكومة، في اطار الخارطة الاقتصادية التي تحافظ وتدعم المنتوج المحلي، وتسمح باستيراد المواد غير المنتجة محليا، وهو ما أعطى الانطباع بأن العملية ستكون ذات طابع جزئي.

وأوحت وثيقة جمعية البنوك، الى أن قطاع الدواجن بات النشاط الاقتصادي الأول المعني بتطبيع العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا. كما أنها تنهي أزمة حادة عانى منها مربو الدواجن في الجزائر، التي كانت لها تداعيات على السوق والأسعار منذ نحو عامين.

وذكرت مصادر مطلعة، بأن القطيعة بين البلدين خلفت مع مرور الشهور خسائر كبيرة للمؤسسات ورجال الأعمال، الذين يتبادلون التجارة في البلدين، قدّرها ناشطون في مجال التصدير والاستيراد، كما نجم عنه ندرة حادة في عدة مواد وسلع مست السوق الجزائرية، ما شكل ضغطا داخليا كبيرا على الحكومة، دفعها إلى تليين موقفها من مدريد.

وطالت الأزمة قطاعات كثيرة في إسبانيا، منها الصناعة الغذائية ولحوم المواشي، التي تمثل نسبا مهمة من رقم أعمال الشركات الإسبانية مع السوق الجزائرية. واحتجت عشرات الشركات الخاصة الإسبانية على حكومة سانشيز، ودعتها إلى البحث عن حل سريع مع الشريك المتوسطي، لإنهاء القطيعة التجارية، التي استثنت إمدادات الغاز لارتباطها بعقود طويلة المدى.

وكانت الجزائر قد أعلنت عن تعليق العمل باتفاقية الصداقة وحسن الجوار في جوان 2022، بعد اعتراف الحكومة الاسبانية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو، وأعقبه سحب السفير وإقرار حظر تجاري واقتصادي.

وهو ما علق عليه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حينها بالقول: “إسبانيا صاحبة السلطة الإدارية تنصلت من مسؤولياتها السياسية والأخلاقية على الإقليم الذي كانت تستعمره، وهو قرار لا يخدم تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير”.

وحاول رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز التخفيف من حدة الأزمة بين بلاده والجزائر، خلال ما عرف بـ “مؤتمر السفراء”، لما صرح بأن بلاده “تربطها علاقات وثيقة مع الجزائر، وأن حكومته ستواصل العمل للحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر، فهي شريك استراتيجي وبلد صديق، ويمكننا كما يجب علينا أيضاً الاعتماد على هذه الصداقة، وأنه يرحب بعودة السفير الجزائري إلى مدريد”.

كما رحبت وسائل إعلام جزائرية بما اعتبروه تغيرا في الموقف الإسباني من مسألة الصحراء الغربية، حيث أكد في خطاب ألقاه سانشيز بالهيئة الأممية، على أن بلاده “تؤيد حلا سياسيا مقبولا للطرفين فيما يتعلق بـالصحراء”.

وشكل اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية الجزائري، ونظيره الاسباني في جنوب افريقيا على هامش اجتماع مجموعة العشرين، والزيارة التي أداها وزير الداخلية الجزائري الى مدريد بعد قطيعة دامت نحو عامين، انفراجة في علاقات البلدين بإمكانها معالجة ملفات متراكمة، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الأمني والهجرة السرية ورفع التعليق عن اتفاقية الشراكة الاستراتجية وحسن الجوار المعلن من طرف الجزائر العام 2022.

وجاءت زيارة الوزير الجزائري الى اسبانيا، بعد قطيعة بين البلدين نتيجة خلاف سياسي، اندلع في أعقاب اعتراف الحكومة الاسبانية بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من طرف الجزائر، والخلاف الذي أفضى الى اعلان الجزائر حينها عن سحب سفيرها من مدريد، ووقف التبادل التجاري وتعليق العمل باتفاقية الشراكة وحسن الجوار.

ويراهن متابعون في البلدين، على الزيارة المذكورة لاعادة الدفء الى محور الجزائر- مدريد، خاصة مع الاستعداد الذي أبرزه الوزيران لمناقشة مختلف الملفات المطروحة، وتصريحاتهما المتفائلة بشأن عودة علاقات البلدين الى عهدها السابق، خاصة فيما يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن والهجرة السرية والجريمة المنظمة.. وغيرها.

وطفت في الآونة الأخيرة العديد من المؤشرات المتفائلة بشأن انفراج العلاقات الجزائرية- الاسبانية، أبرزها وصف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، لاسبانيا بـ “البلد الصديق”، في رسالة تهنئة للكاتب والروائي ياسمينة خضرا (محمد مولسهول) بعد تتويجه بجائزة أدبية في مدريد.

ولا يستبعد مراقبون لشؤون المنطقة، أن تكون الأزمة المتصاعدة بين الجزائر وفرنسا، قد دفعت باتجاه تطبيع الجزائر مع اسبانيا، لخلق بديل وتوازن في علاقاتها المتوسطية، خاصة وأن القطيعة بينها لم تنحدر الى سجالات إعلامية وسياسية، كما يحدث بين الجزائر وباريس.

وأوحى الطابع التقني على زيارة وزير الداخلية الى اسبانيا، الى أن علاقات البلدين لا تعتيرها أية معوقات سياسية وديبلوماسية، حيث اطلع هناك على تجربة المديرية العامة للمرور الإسبانية في تسيير الحركة المرورية وعصرنتها، أين تلقى شروحات حول الآليات القانونية والتقنيات الحديثة المعتمدة لتعزيز السلامة المرورية والوقاية من اللاأمن المروري.

وتوسعت اللقاءات الى مسؤولين أمنيين في البلدين، في إشارة الى هيمنة الملف الأمني والهجرة السرية والجريمة المنظمة، خاصة في ظل الانزال الذي تتعرض له السواحل الاسبانية من “الحراقة” القادمين من دول جنوب المتوسط، وعلى رأسها الجزائر وبعض الشبان من دول الجوار والساحل وجنوب الصحراء.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here