تغيّر نمط الحياة والضغوطات يثير مخاوف الجزائريين من السرطان

14
تغيّر نمط الحياة والضغوطات يثير مخاوف الجزائريين من السرطان
تغيّر نمط الحياة والضغوطات يثير مخاوف الجزائريين من السرطان

أفريقيا برس – الجزائر. أتاح الصالون الوطني للإعلام حول مكافحة السرطان، فرصة واسعة لعمليات التشخيص الأولي، من خلال فتح أجنحة للأطباء المختصين في السرطان بمختلف أنواعه، أين كان إقبال الزوار بالمئات وخلال ثلاثة أيام متتالية، للاستفسار، والخضوع لفحوصات أولية، كشفت عن اشتباه الإصابة ببعض السرطانات عند رجال ونساء.

ووصل عدد الخاضعين للفحص الأولي، في أجنحة سرطان الثدي، وعنق الرحم، والبروستات إلى ما يفوق الـ300 زائر، أغلبهم يتراوح أعمارهم بين 50 سنة و75 سنة، الأمر الذي أثلج صدور الأطباء المختصين الذي أكدوا، أن الوعي بالتشخيص الأولي للسرطان يعرف انتشارا بين الجزائريين، خاصة في ظل الزيادات الرهيبة للإصابات بهذا المرض الخبيث في الآونة الأخيرة، جراء ضغوطات الحياة والآثار الاقتصادية والاجتماعية لوباء “كورونا”، وتغيّر نمط الغذاء، وقلة الحركة.

ومن خلال جولة استطلاعية في صالون الإعلام حول مكافحة السرطان، بقصر المعارض بالصنوبر البحري، في يومه الثالث والأخير بعد افتتاحه تحت إشراف وزير الصحة، عبد الحق سايحي، يوم السبت الماضي، وقفنا على حجم الاهتمام من طرف الزوار بمعرفة التفاصيل عن كيفية تفادي الإصابة بداء السرطان، وأسبابها، وطرق العلاج، والخطوات المتخذة لذلك.

الجزائريون شغوفون للتوجيه والتوعية حول السرطان

كما قصد الصالون مصابون بالسرطان، أو يشكون أنهم مرضى به، أو خضعوا للعلاج منه، ويبحثون عن المتابعة النفسية سواء لهم أو لأحد أقاربهم من الذين عانوا المرض، حيث خصصت خلية إصغاء تضم أطباء مختصين في العلاج النفسي.

وفي السياق، أوضحت رئيسة جمعية “أمل”، حميدة كتاب، أن علاج السرطان، وخاصة في المراحل الأولى للإصابة، لم يعد مشكلا في الجزائر، بعد التقدّم الملحوظ الذي حققته بلادنا، ومع التطور العلمي الذي يعرفه هذا الاختصاص الطبي، والهياكل الموجودة، لكن ما ينقص، حسبها، هو التوعية والتحسيس، سواء من حيث التشخيص الأولي، أو المعرفة الواضحة بخطوات العلاج، وكذا التهيئة النفسية لمواجهة المرض.

وقالت إن الخوف من مواجهة حقيقة الإصابة، من أكثر أسباب تفادي التشخيص الأولي، إلى جانب الانشغال بالعمل، وغياب الوقت الكافي والمال، لكن، بحسبها، هناك الكثير من الفرص المتاحة مثل هذا الصالون ليستغل بعض الجزائريين وقتهم للخضوع لتشخيص أولي، ونصائح ودعما نفسيا كافيا يساعدهم على النظر إلى السرطان كمرض يمكن علاجه.

وبدورها، قالت الدكتورة مونية دراحي، مختصة في الصحة النفسية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية القبة بالعناصر، ممثلة لخلية الإصغاء الخاصة بكل السرطانات في الصالون، إن الهدف الأول من هذا الحدث هو الوقاية تحت شعار “مستقبل بدون سرطان”، موضحة أن دور خلية الإصغاء هو التكفل بكل ما يخص مريض السرطان، كما تساعد بعض المرضى على تحديد مواعيد الكشف والعلاج في بعض المستشفيات.

وأكدت أن اليوم الأول للصالون، شهد إقبال 50 مريضا ممن يتلقون العلاج، بحثا عن المساعدة النفسية، أو التوجيه نحو بعض الاختصاصات التي لها علاقة بمرضهم، مشيرة إلى أن المصابات بسرطان الثدي هن الأكثر إقبالا على خلية الإصغاء، والصالون ككل.

أكثر من نصف النساء المفحوصات يشتبه بإصابتهن بسرطان الثدي

وفي جناح الفحص الأولي حول داء سرطان الثدي وعنق الرحم، كان إقبال النساء ملفتا للانتباه، حيث كانت في خدمتهن طبيبات ومختصات في طب النساء، ولم يتوقف عملهن منذ بداية الصالون، حيث أكدت سعيدة إفتسان، طبيبة عامة في قاعة علاج “موليار” التابعة للمؤسسة الجوارية الاستشفائية “محمد بوشنافة”، أن أول ما تم ملاحظته منذ السبت الماضي، هو ذلك الشغف الذي كان عند زوار الصالون، حيث كانت بعض النساء تسألن عن بعض الخطوات المتعلقة بالعلاج والوقاية منه، وما هو هذا المرض الذي يتحدثون عنه، وتبين، حسبها، أن ليس كل الزوار يعرفون التفاصيل عن السرطان، وعن طرق الكشف المبكّر، وعن إمكانية العلاج منه.

وترى أن الكثير من الجزائريين الشباب تفطنوا من خلال المعرفة العلمية، أن السرطان يمكن مواجهته وتفاديه، كما أن التشخيص المبكّر بدأ كوعي ينتشر بين الشباب.

وكشفت عن وجود أكثر من 200 امرأة خلال الثلاثة أيام للصالون، مشتبه في إصابتهن بسرطان الثدي، وذلك من خلال الفحص الأولي الذي خضعت له في هذه المدة ما يفوق الـ300 امرأة تتراوح أعمارهن بين 21 سنة و75 سنة وأغلبهن فوق الـ50 سنة.

وقالت إن التشخيص في المرحلة الأولى مؤشر إيجابي، وتبقى، حسبها، الوقاية خير من العلاج، من خلال ممارسة الرياضة، والنمط الغذائي المناسب.

وفي الجناح الخاص بمسح عنق الرحم “الفروتي” الملتصق بجناح فحص الثدي، أكدت القابلات أن 150 سيدة خضعت لفحص عنق الرحم، وسيتم إخبارهن في غضون 48 ساعة بنتائج “الفروتي”.

20 بالمائة من الرجال المفحوصون يشتبه في إصابتهم بسرطان البروستات

وخلال صالون الإعلام حول مكافحة السرطان، أكد البروفسور فؤاد رباحي، مختص في جراحة المسالك البولية بمستشفى باب الوادي بالعاصمة، أن جناحه خصص لتوعية الرجال حول تشخيص السرطان الذي يمس الجهاز البولي، و”البروستات”، قائلا إن 20 بالمائة من الذين خضعوا للفحص الأولي لديهم شكوك حول الإصابة بالسرطان.

وأوضح البروفسور رباحي، أن كل الرجال الذين يتعدى سنهم الـ50 سنة عليهم أن يخضعوا لفحص البروستات، لأن السرطان يهدّد من هم فوق هذا السن، بينما يهدّد أيضا أشخاصا في سن الـ45 سنة فما فوق عندما يكون في عائلاتهم نساء أصبن بسرطان الثدي أو عنق الرحم، ويدخل ذلك ضمن مشاكل جينية.

سرطان القولون.. التهديد الخطير للجزائريين بسبب النمط الغذائي

ومن جانبه، اعتبر الدكتور فيهم سمش، المختص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى بني مسوس الجامعي، أن سرطان القولون هو الأكثر انتشارا في الجزائر، حيث تم الاشتباه في الصالون في أكثر من 200 زائر من رجال ونساء خضعوا للفحص الأولي.

وقال الدكتور فيهم، إن تغيّر النمط الغذائي في الجزائر، وضغوطات العمل، والوجبات السريعة، والتدخين من أكثر مسبّبات الإصابة بسرطان القولون.

نسبة كبيرة من الجزائريات تعانين من الغدة الدرقية

وفيما يخص أمراض الغدد، وخاصة الغدة الدرقية، أكد الدكتور يوسف تومي، طبيب مختص في أمراض الغدد والسكري بمستشفى بني مسوس، أن الإقبال على “الإكوغرافيا” لتشخيص الغدة الدرقية، وصل إلى حوالي 300 زائر، وأغلبهم نساء موضحا أن 40 من هؤلاء وجدت عندهن بعض الشكوك.

وطمأن الدكتور يوسف تومي، أن 95 بالمائة من أورام الغدة الدرقية حميدة، ولا تشير بالضرورة إلى وجود سرطان.

الإعلان عن الإصابة بالسرطان يحتاج لفريق من المرافقين النفسانيين

ولعب الجانب النفسي في صالون الإعلام حول مكافحة السرطان دورا كبيرا، حيث كان الإقبال كبيرا، خاصة من طرف النساء اللواتي لديهن شكوك أو مخاوف ومن لديهن ملفات أو متابعة.

وقالت هدى مخلوفي، مختصة نفسية عيادية، رئيسية قاعة العلاج “بلعرج” بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية “محمد بوشنافة” بسيدي أمحمد، إن الحالة النفسية للمرحلة المتقدمة للورم، تسمى “نهاية الحياة”، حيث يعمل فريق من أطباء نفسانيين، بالتعاون مع مركز “بيار وماري كوري” بالمستشفى الجامعي “مصطفى باشا” على استقبال مريضات بسرطان الثدي اللواتي خضعنا لبتر الثدي أو من تدهورت حالتهن الصحية، ويعشن المخاوف والآثار الجانبية للظروف الاجتماعية، وسلبيات المرض وتأثيره على جوانب الحياة.

وعلقت مخلوفي قائلة: “للأسف، أغلبهن يركّزن على السرطان ويضيعن وقتهن في الاكتئاب، ورغبة الموت وفقدان لذة الحياة”.

وأكدت أن العمل النفسي يرتكز على الكلام الموجه والذي يعتمد على تقنيات علمية مثبتة، ومن بين الأمور الذي يتم تعليمها للمريض لتحسين مستوى المعيشة والحياة النفسية والجسدية، هو معرفة تسيير ضغوط الحياة، الانفعالات وتقنيات المشكلات وبناء العلاقات.

وترى أن الإعلان للمريض عن الإصابة بالسرطان يحتاج عملية فريق كامل، مشيرة إلى أن المريض عند المرور بالخبر يتعرض لعدة مراحل نفسية وفي البداية تكون الدهشة، ثم مرحلة الغضب التي يحمّل فيها المسؤولية للآخرين إلى أن يصل إلى مرحلة الاقتناع بمرضه والبحث عن حلول لحالته الصحية.

وقالت إن الانتقال من مرحلة الإعلان إلى التقبل قبل التدخل الطبي، ولكي يستجيب المرضى للعلاج ويتفاعلوا مع الدواء ولا يهملوا المواعيد، والامتداد العلاجي، كل هذا يحتاج إلى تعامل الفريق الطبي بإيجابية مع المريض لرفع مناعته وقوته الجسدية، وتحقيق نتائج العلاج.

للإشارة، فإن وزير الصحة، عبد الحق سايحي، كشف خلال إشرافه على تدشين الطبعة السادسة لصالون الإعلام حول مكافحة السرطان، عن تسجيل أزيد من 47 ألف إصابة جديدة للسرطان في الجزائر، في مقدمتها سرطان الثدي بالنسبة للنساء، في حين تعد سرطانات الرئة والقولون والمستقيم والبروستات والمثانة والمعدة الأكثر انتشارا عند الرجال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here