تقدير استراتيجي لـ”الناتو” متوجس من ورقة الغاز الجزائري

8
تقدير استراتيجي لـ”الناتو” متوجس من ورقة الغاز الجزائري
تقدير استراتيجي لـ”الناتو” متوجس من ورقة الغاز الجزائري

أفريقيا برس – الجزائر. زعمت وثيقة استخباراتية أنّ التقدير الاستراتيجي داخل حلف الناتو يعتبر أنّ الجزائر باتت تمثّل “خطراً أمنياً على أوروبا”، وذلك حسب ما نشرت النسخة الألمانية من الموقع الإخباري الأمريكي “بيزنس إنسايدر”.

وحدد التحالف السياسي العسكري الأطلسي، في هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى بداية جوان الجاري، مصدر التهديد بأنّه من شحنات الغاز الجزائري إلى دول جنوب أوروبا، وبشكل خاص إلى إسبانيا.

ويدّعي التقدير الاستراتيجي للناتو كذلك أنّ هناك خطرا من أن تستخدم الجزائر شحنات الغاز كوسيلة للضغط السياسي، مثل روسيا، وادعى التقرير أن “هذا من شأنه أن يشكل خطرا على مرونة أوروبا السياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي يهدد مكانة الجزائر كمورد موثوق للطاقة لأوروبا”.

ولا تذكر الوثيقة حلا لرؤية الحلف الأطلسي للتعامل مع هذا الوضع المستجد، لكنها تشير إلى أنّ أمن الطاقة كان يُنظر إليه منذ سنوات عديدة على أنه “عامل مهم في السياسة الخارجية والأمنية، بما في ذلك داخل الناتو”.

وتأتي الإجراءات من الجزائر التي وصفتها الوثيقة بـ”الانتقامية”، في سياق تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية.

وأضاف التقرير أنّ مدريد، بعد أن اختارت لفترة طويلة موقفاً محايداً بشأن هذه القضية الحساسة للغاية، أقدمت، في 18 مارس الماضي، على تغيير موقفها بشكل حاد، من خلال دعمها العلني للاحتلال المغربي.

وتزامن صدور هذا التقرير غير البريء، مع توجه حكومة بيدرو سانشيز نحو انزلاق جديد يتمثل في السعي إلى إقحام منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، باعتبارها عضوا فيه، في الأزمة الدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر، ما يؤشر إلى عجز حكومة سانتشيز التعامل مع المشكلة التي تسببت فيها مع الجزائر، وتأكيد هذه الأخيرة أنه “يتعين انتظار حكومة جديدة في إسبانيا لإنهاء الأزمة”.

وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “إل موندو” الإسبانية، الأسبوع الماضي، أن “مدريد ستطلب من الناتو التحرك ضد الابتزاز بالهجرة والطاقة عبر حدودها الجنوبية”، خلال القمة التي تحتضنها في نهاية الشهر الجاري، عبر محاولة إدراج هاتين المسألتين “ضمن المفهوم الأمني الجديد للحلف الذي ستتم الموافقة عليه في القمة المقبلة”.

ويتناقض التقرير بحديثه عن استعمال الجزائر للغاز كورقة ضغط، مع الشواهد التي تؤكد أن الجزائر “شريك موثوق” في مجال الطاقة، ولا يستعمل هذه الورقة أبدا لتسوية خلافات سياسية، او لاستمالة عواصم غربية في بعض القضايا والملفات، بتأكيدات من دول أوروبية نفسها.

كما أن التقارير الدولية تؤكد صفة “الشريك الموثوق” للجزائر، وهو ما أكده تقرير عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، أن الجزائر تأتي على قائمة الدول ذات “الموثوقية العالية” في توفير إمدادات الغاز لزبائنها.

وأفاد تقرير للمنظمة حول “تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين خلال الثلاثي الأول من عام 2022″، إلى مختلف إمدادات الغاز الجزائرية نحو الدول التي التزمت معها في إطار الاتفاقيات المبرمة، إذ أوضحت أن “الصادرات الجزائرية تبقى ضمن نطاق الربع سنوي المعتاد الذي يتراوح بين 2.5 مليون طن و3 مليون طن”.

وما يدحض ما ورد في التقرير كذلك، إقرار اسبانيا بأن الجزائر شريك موثوق في مجال الطاقة، الأمر الذي عبَر عنه رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز نفسه في اتصال هاتفي مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بداية مارس الماضي فقط.

وكان الرئيس تبون قد أكد أنّ الجزائر أثبتت ولأكثر من نصف قرن أنها موزع وممون موثوق للغاز الطبيعي ولا يزال مصمما على البقاء لذلك، وشدد خلال القمة السادسة للدول المصدرة للغاز، بالعاصمة القطرية، الدوحة، شهر فيفري، أنّ الجزائر كانت رائدا في تطوير وتثمين الغاز الطبيعي وإنشاء أول محطة تصدير للغاز المميع في العالم وتسليم أول شحنة تجارية من الغاز الطبيعي المسال إلى محطات أخرى “تستوقفنا لتشهد بأن الجزائر كانت منذ ذلك الحين في طليعة التقدم المحرز في هذه الصناعة”.

ومع الخلاف الأوروبي الروسي، شهدت الجزائر زيارات متواصلة من مسؤولين غربيين كبار، من بينهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، وآخرين.

وتركزت المناقشات التي جرت خلال هذه الزيارات حول الكيفية التي يمكن أن تساهم بها الجزائر في أمن الطاقة الأوروبي، ومدى قدرتها على زيادة الإنتاج من الغاز الطبيعي في المستقبل، باعتبار الجزائر “شريك موثوق”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here