أفريقيا برس – الجزائر. استعجلت العديد من العائلات الجزائرية هذا العام شراء اللوازم المدرسية قبل انطلاق الموسم الدراسي الجديد، في مشهد اتخذ طابعاً أكثر وضوحاً خلال الأيام والأسابيع الماضية، حيث سارعت الكثير من الأسر إلى اقتناء المحافظ والكراريس والأقلام وغيرها من الأدوات من دون انتظار انطلاق الدخول المدرسي.
ويفسر هذا الاستعجال رغبة الأولياء في تفادي الازدحام والاكتظاظ المعتاد مع الدخول المدرسي، إضافة إلى الاستفادة من وفرة العرض وتنوع الخيارات. كما يسمح هذا التبكير للأسر بالتدرج في الإنفاق وتوزيع الأعباء المالية على فترة أطول بدل حصرها في أسبوع واحد، وهو ما يعد خياراً عملياً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وتشير تقديرات تجار الأدوات المدرسية إلى أن الإقبال المبكر ارتفع هذا الموسم بنسبة واضحة، ما يعكس وعياً متزايداً بأهمية التنظيم وتفادي ضغط الأيام الأخيرة.
وخلال جولة ميدانية بالحي التجاري بمدينة العلمة في ولاية سطيف، الذي يعد أحد أبرز أسواق الجملة والتجزئة في البلاد، غصت الشوارع والمحلات بالزبائن الذين توافدوا بقوة.
واجهات المحلات تحولت إلى لوحات زاهية تزينها الحقائب بمختلف الألوان والكراريس المتنوعة والأقلام المصنفة حسب النوع والجودة. كما انتشرت الطاولات على الأرصفة لتعرض أدوات بأسعار معقولة، بعضها لا يتجاوز 20 ديناراً كما هو الحال مع القلم أو الممحاة أو المبراة، ما جعل المكان أشبه بمهرجان مدرسي قبل الأوان.
يقول مصطفى، وهو أب لطفلين التقيناه بأحد المحلات، إنه يفضل الشراء في هذا الوقت “حتى يكون أمامي متسع من الخيارات ولا أجد نفسي مضطراً لاقتناء ما يتبقى بعد الدخول المدرسي”، مضيفاً أن الأسعار في هذه الفترة “أكثر معقولية والمنتج المحلي أصبح يفرض نفسه بقوة”.
أما السيدة نادية، وهي أم لثلاثة تلاميذ، فترى أن اقتناء الأدوات مبكراً “يمنح الأطفال فرصة للتأقلم مع لوازمهم الجديدة، ويجعل الدخول المدرسي يمر بسلاسة أكبر نفسياً ومادياً”.
ويؤكد أحد تجار الحي أن السوق هذه السنة أكثر حيوية من المواسم السابقة، موضحاً أن “الزبائن يفضلون التنقل مبكراً لتفادي الازدحام، كما أن وفرة المنتج المحلي بأسعار مناسبة شجع الكثيرين على الشراء الآن”.
ويضيف: “المبيعات المبكرة تمثل حالياً نحو 40 بالمائة من المبيعات السنوية، بعدما كانت لا تتجاوز 20 بالمائة سابقاً”.
وعند المقارنة بين الأسعار في المكاتب النظامية والمحلات الكبرى وبين تلك المعروضة على الطاولات المنتشرة في الحي التجاري بالعلمة، يلمس الزبائن فرقاً واضحاً، ففيما تباع بعض الأدوات المستوردة في المحلات بأسعار مرتفعة نسبياً، تعرض الطاولات نفس المنتجات بأسعار أقل بكثير.
فعلى سبيل المثال، يصل ثمن بعض المحافظ في المحلات إلى 3500 دج، بينما يمكن اقتناء محافظ مماثلة في الطاولات بسعر لا يتجاوز 2500 دج. وينطبق الأمر ذاته على الأدوات الصغيرة مثل الأقلام والمسطرة والممحاة، التي تباع أحياناً بنصف السعر تقريباً.
وهو ما يجعل الكثير من العائلات، خصوصاً محدودة الدخل، تفضل التوجه إلى هذه الطاولات التي توفر خيارات واسعة وبأسعار في متناول الجميع.
وبموازاة ذلك، دخلت الجمعيات الخيرية على الخط، حيث سارعت إلى توزيع الأدوات المدرسية على العائلات المعوزة قبل حلول موعد الدخول. ومن بين هذه المبادرات، ما قامت به جمعية “الآفاق” الخيرية بسطيف، التي خصصت هذا العام 290 محفظة مجهزة بكامل المستلزمات المدرسية.
ويؤكد رئيسها، عبد القادر بوخالفة: “تعودنا كل سنة على استباق الحدث وتوزيع اللوازم المدرسية بعيداً عن الضجيج والتشهير، حتى يكون التلاميذ على أتم الاستعداد للالتحاق بمقاعد الدراسة من دون أي نقص”.
ويضيف: “وزعنا 160 محفظة للطور الابتدائي، و105 للطور المتوسط، و25 للطور الثانوي، ونأمل أن نوسّع العملية بفضل دعم المحسنين الذين ندعوهم دوماً لمد يد العون”.
وبينما يستعد التلاميذ نفسياً للعودة إلى مقاعد الدراسة، تعكس هذه الديناميكية المبكرة في اقتناء اللوازم المدرسية تغيراً في سلوك المستهلك الجزائري، الذي بات أكثر ميلاً إلى التنظيم والتخطيط المسبق، سواء من طرف العائلات القادرة أو حتى الجمعيات الخيرية التي تعمل على ضمان تكافؤ الفرص للتلاميذ المحتاجين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس