أفريقيا برس – الجزائر. أشار حبيب براهمية القيادي بحزب جيل جديد الجزائري في حواره مع “أفريقيا برس” أن حزبه سيكون حاضرا في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سنة 2024 غير أن طريقة المشاركة عبر دعم مترشح بعينه مسألة مازال الحزب لم يدرسها بعد.
واعتبر براهمية في تقييمه لسنوات حكم تبون أن السياسة الخارجية تشكل نقطة ايجابية ونقطة قوة للسلطة الجديدة عبر تحقيقها تقدم في ملف الذاكرة وأيضا إعادة الموقف الجزائري من الملفات الإقليمية إلى الواجهة، غير أن الجانب الاقتصادي له مؤشرات سلبية وهو ما يستدعي مراجعة السياسات الاقتصادية.
وحبيب براهمية هو سياسي جزائري يشغل خطة الأمين الأول والناطق الرسمي لحزب الجيل الجديد المعارض.
حوار آمنة جبران
ماهو موقف حزب جيل جديد من القانون الجديد المتعلق بالأحزاب السياسية، ولماذا اعتبره الحزب مثابة تضييق على العمل الحزبي والحريات ماهي مآخذكم كمعارضة بخصوصه؟
في الحقيقة منذ حراك الجزائريين في 2019 وعملية تعديل الدستور في نهاية 2020 يطالب حزب الجيل الجديد في كل مرة بتحيين القوانين العضوية بنفس روح الحراك الشعبي والدستور الجزائري الذي يحتوى على عديد النقاط التي تدافع عن الحريات الفردية والجماعية للجزائريين، وفيما يخص القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية لم نرى رسميا مشروع القانون مازال حيث لم يدخل قبة البرلمان لكن رغم ذلك كانت هناك بعض المعلومات فيما يخص المشروع التمهيدي والتي تستطيع في تقديرنا أن تكون نوعا ما عائقا أمام الحريات الحزبية حيث تعيق بصفة كبيرة تنظيم الأحزاب السياسية، لذا حزب الجيل الجديد دق ناقوس الخطر وذكر أنه إذا أردنا أن يكون لنا أحزاب سياسية قوية بتمثيليتها للمواطن الجزائري يجب إعطاء حرية التسيير للأحزاب السياسية وأن يكون للحزب السياسي إمكانية تدبير أموره وتكوين مناضليه بصفة عادية وليس بصفة إجبارية وأنه يختار طريقة التعامل مع قياديه بحرية.
انطلقت في الجزائر مؤخرا مبادرات مثل مبادرة وطنية بعنوان “تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل” والتي جمعت 28 كيانا سياسيا وجمعية هل يشكل ذلك بداية لاصطفافات حزبية جديدة مع اقتراب السباق الرئاسي؟
نعم كانت هنالك في صيف 2023 مبادرة وطنية بعنوان” تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل” التي جمعت عدد من الأحزاب السياسية وممثلي بعض جمعيات المجتمع المدني، صحيح أننا كحزب لم نشارك لكن نؤكد في المقابل بحق كل حزب سياسي بالمبادرة وبإعلان أفكاره وحشد الناس وراء هذه الأفكار، وعدم مشاركتنا في هذه المبادرة مرده أن الهدف المعلن للمبادرة كان واسعا جدا دون وضوح سياسي وهو ما نحتاجه في مثل هذه المبادرات، وكنا نتمنى أن يكون الأمر مرتبط بالسباق الرئاسي ويعلن بصفة مباشرة أو العكس، لكن أن نبقى في نوع من الغموض والضبابية السياسية هذا ما جعلنا غير متأكدين من نجاعة المبادرة.
كما أنه يجب الإشارة أن هذه المبادرة موجهة خاصة للتهديدات الخارجية ونحن كحزب جيل جديد متيقنين دائما أنه يجب تركيز الوقت اليوم لتقوية الجبهة الداخلية وهو عن طريق التدافع بين الأحزاب السياسية والبرامج السياسية لإيجاد حلول توافقية تقوي في نهاية الأمر الجبهة الداخلية وتجعلنا قادرين على مواجهة التهديدات الخارجية أو المشاكل الداخلية، إذن كان هناك عدم توافق بخصوص الفكرة في حد ذاتها وعدم توافق في منهجية العمل التي اقترحتها هذه المبادرة أيضا، ولكن نؤيد في كل الحالات حق كل حزب في اقتراح مبادرات وأفكار.
هل سيشارك حزبكم في الانتخابات الرئاسية المقررة سنة 2024، وهل تعتقد أن أفق التغيير تضاءل في البلاد مع خفوت صوت حراك الشارع؟
نعم كحزب جيل جديد وهو حزب فاعل في الساحة السياسية ونظن أنه سيكون له رأي فيما يخص هذه الانتخابات مهما كانت الطريقة سواء بالمشاركة فيها بمترشح أو من غير مترشح، كل هذه الفرضيات لم نتكلم بخصوصها إلى حد الآن لكن رأي جيل الجديد سيكون موجود وسيحلل الوضع ويدرس كل المعتطيات الخاصة بانتخابات 2024 وسيكون لديه رأي يمثل قاعدته الشعبية ومناضيله وعدد كبير من الجزائريين لكن من المؤكد أن حزب جيل جديد سيكون حاضرا في الانتخابات بطريقة أو بأخرى.
هل برأيك حراك الشارع ممكن أن يتجدد؟
حراك 2019 يشكل حقبة مهمة جدا في التاريخ السياسي الجزائري المعاصر حيث كانت هناك هبة شعبية كبيرة جدا من أجل وقف مرحلة خطيرة جدا على المجتمع وعلى البلاد ومرحلة خطيرة على كيان الدولة الجزائرية، لكن هذا لا يعني أنه الطريقة الوحيدة للذهاب إلى التغيير كان هنالك آليات أخرى نذكر منها الآلية السياسية، ونحن نحاول كحزب سياسي معارض أن نواصل الدفاع على المواطن الجزائري وعلى قضيتنا من أجل الذهاب إلى دولة القانون والديمقراطية والحريات ويكون هذا عن طريق الشأن السياسي من خلال الخروج إلى الميدان وتوعية المواطن كذلك عن طريق الإعلام، لو أنها طريقة سلبية بما أن الإعلام اليوم مغلق إلى حد بعيد ونحن نطالب بإعادة فتح الإعلام أمام كل الأطياف السياسية في الجزائر.
من الممكن أن يكون هناك حراك لكن هل الهدف من العمل السياسي أن يكون خروج الناس إلى الشارع فقط، لا أظن هذا هو الهدف..الهدف هو أن يكون هنالك تغيير عن طريق الآليات السياسية وعن طريق انتخابات حرة ونزيهة تعطي تمثيلية حقيقية للشعب الجزائري في مؤسسات الدولة خاصة في المؤسسات التشريعية.
ماهو تقييمك لسنوات حكم تبون وهل وفق في برنامجه السياسي والاقتصادي حسب تقديرك؟
من الصعب إعطاء تقييم واضح للسنوات الأولى لحكم تبون حيث أن سنوات الحكم الأولى كانت متوترة جدا بسبب الحراك الشعبي الذي كان موجود في الميدان، وثانيا بسبب جائحة كورونا التي عشناها على مدى سنتين رغم ذلك كان العمل الحكومي فيه ايجابيات وسلبيات وفي مجال الشؤون الخارجية كان هنالك عمل كبير من الدولة لأجل إعادة مواقف الجزائر وإعادة الدبلوماسية الجزائرية في قلب القارة وقلب الساحة الدولية.
في الشق الاجتماعي حاولت السلطة مساعدة المواطنين خاصة خلال الجائحة وإنقاذ المؤسسات، لكن في الجانب الاقتصادي هناك عدد من النقاط السلبية وسيكون التقييم النهائي لذلك خلال السنة الأخيرة من حكم تبون لكن إلى حد الآن رغم محاولات لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن إلا أنها تراجعت بشكل كبير والقرارات الاقتصادية لم تعطي نتائجها لذلك يجب إعادة النظر فيها.
ماهو تفسير الحزب لعدم دخول الجزائر منظمة بريكس على عكس كل التوقعات؟
قضية دخول الجزائر لبريكس قضية متشعبة وواسعة تتجاوز الجزائر ومرتبطة باعتبارات أخرى، ورغم مجهودات الحكومة الجزائرية لرفع الصادرات خارج المحروقات يبقى الاقتصاد الجزائري مرتبط بشكل كبير بالمحروقات وبكل ما تنتجه المحروقات في الجانب المالي.
لكن هنالك أيضا مسائل أخرى تتجاوز الاقتصاد الجزائري حالت دون دخول البلد إلى هذه المجموعة وتتعلق بحسابات جيوسياسية للدول المشكلة لبريكس واستمدت منها قراراتها في عملية توسيع المجموعة ومرتبطة بطريق الحرير الصيني وقناة السويس والعلاقات بين مصر وأثيوبيا وبالتوازن الجغرافي وبانغلاق نوعا ما للمقومات الجيوسياسية للجزائر لكونها منفتحة مباشرة على أفريقيا لكن ما يحدث في الساحل من أحداث أمنية أغلق طريق بريكس إليها.
كل ذلك قاد إلى استبعاد دخول الجزائر إلى هذه المجموعة، لذلك يجب أن يكون الشق الاقتصادي الجزائري محفزا وليس عامل سلبي وأمام الحكومة الجزائرية عمل كبير في هذا الجانب.
ماهو تقييمكم كمعارضة للسياسة الخارجية الجزائرية هل ترى أنها تسير في الاتجاه الصحيح خاصة بالنسبة للعلاقة مع المغرب؟
بالنسبة لنا السياسة الخارجية الجزائرية هي النقطة الايجابية التي نستطيع أن نفخر بها في السنوات الأخيرة، حيث أنها استطاعت في ظرف وجيز أن تعيد الموقف الجزائري إلى الساحة الإقليمية والدولية وبنفس الروح التي انتظرناها من الدبلوماسية الجزائرية بالدفاع عن السيادة الوطنية وعن الشعوب المستضعفة والبحث دائما عن حلول للصراعات بطرق سلمية وسياسية بعيدة عن كل العمليات العسكرية والانقلابات وما يشابه ذلك.
وفيما يخص العلاقة مع المغرب نظن أن الجزائر كانت واضحة جدا في تعاملها معها حيث من غير المقبول تماما أن نتحدث على حوار في حين يصلنا من العاصمة المغربية تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي هذا غير مقبول ومن غير المعقول، إضافة إلى التهجم على الجزائر خلال اجتماع الأمم المتحدة بخصوص المجموعة الانفصالية هذا غير مقبول.
موقف الجزائر فيما يخص الصحراء الغربية هو موقف كل الشعوب حيث كل شعب لديه الحق في اختيار مصيره، صحيح الموضوع قاد إلى اختلاف وتوتر، لكن أن نصل إلى التهديد المباشر من دولة عدوة من تراب دولة شقيقة هذا غير مقبول ونتفهم تماما الموقف الجزائري ونؤيده بكل قوة.
ماهو تقييمكم لملف الذاكرة مع فرنسا هل نجحت السلطة في تحقيق تقدم في هذا الملف، ولماذا العلاقات مع باريس بين مد وجزر؟
فيما يخص ملف الذاكرة نظن أنه في السنوات الأولى لانتخاب الرئيس تبون كان هنالك تقدم مع الجانب الفرنسي حيث كان هنالك تسليم لجماجم عدد من المقاومين الجزائريين لكن إلى حد الآن لأسباب مرتبطة بالمواقف السياسية والسيادية للجزائر هنالك لوبيات في فرنسا تريد عرقلة نجاحات هذه العملية وهذا مؤسف لأنه من غير المعقول أن دولة تدعي أنها دولة حقوق إنسان تقبل رفات مقاومين في متاحف وتقول من الصعب إخراجهم بحسب قانون الآثار، هذا غير مقبول ونـأمل أن يقع تجاوز هذا الأمر من خلال إرجاع رفات المقاومين إلى وطنهم ودفنهم بطريقة لائقة ومحترمة وإرجاع كل ما سرق في فترة الاستعمار وموجود في المتاحف الفرنسية وإعادة النظر فيما يخص نتائج وآثار العمليات النووية التي قام بها الاستعمار الفرنسي في الصحراء الجزائرية ومن ثم الذهاب إلى حل نهائي لمشكل الذاكرة وجعل العلاقة مع فرنسا علاقة عادية بين دولتين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس