حوارات الجزائر؛ هل تحدث اختراقا في ملف المصالحة الفلسطينية؟

5
حوارات الجزائر.. هل تحدث اختراقا في ملف المصالحة الفلسطينية؟
حوارات الجزائر.. هل تحدث اختراقا في ملف المصالحة الفلسطينية؟

نور أبو عيشة

أفريقيا برس – الجزائر. تعتزم الجزائر عقد حوار وطني فلسطيني شامل خلال الأيام القليلة القادمة، في إطار جهودها المتواصلة لإنهاء الانقسام وإحداث اختراق في ملف المصالحة.

واستبعد محللون سياسيون فلسطينيون، “حدوث أي حل في ملف المصالحة”، مضيفين أن “المعيقات التي كانت تحول دون إنهاء الانقسام خلال السنوات الماضية لا زالت قائمة”.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأت الجزائر عقد لقاءات منفردة مع فصائل فلسطينية للتباحث حول الرؤى التي يحملونها لإنهاء الانقسام.

وفي الإطار، عقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في يوليو/ تموز الماضي، لقاء جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، على هامش مشاركتهما في احتفالات الذكرى الستين لاستقلال الجزائر عن فرنسا.

ولم ينجم عن ذلك اللقاء أي نتائج إيجابية مرتبطة بملف المصالحة، حيث وصفه محللون سياسيون آنذاك بـ”البروتوكولي”.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، عقدت الجزائر لقاءات منفصلة مع حركتي “فتح” و”حماس” في إطار مساعيها لإنجاز المصالحة إلا أنها لم تعلن بشكل رسمي عن نتائج.

مساعٍ لإنجاح الحوار

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في 1 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إن لدى حركة “فتح” التي يرأسها “قرارا بالتجاوب مع الجهود العربية لتحقيق المصالحة الفلسطينية”.

وأضاف عباس بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية “وفا” آنذاك: “هناك قرار مركزي في حركة فتح بالتجاوب مع جهود المصالحة المبذولة من قبل مصر والأشقاء العرب والعمل على إنجاحها”.

وقالت حركة “حماس”، إنها “تتعاطى بجدية وإيجابية مع الجهد الجزائري بشأن المصالحة”.

وقال حازم قاسم، المتحدث باسم الحركة إن “رعاية الرئيس الجزائري لهذه الحوارات يعطيها قوة وأهمية، والحركة تقدر الجهد الجزائري وتبذل جهد متواصل لإنجاحه”.

وأوضح أن حركته “تقدّمت برؤية متكاملة للجزائر لتحقيق وحدة وطنية حقيقية، وصولا إلى توافق على صيغة جامعة لكل الأطراف”.

من جانبه، قال خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إن “إنجاز المصالحة صعب لكنه ليس مستحيلا حال توفّرت الإرادة الصادقة في بناء البيت بشكل وطني بعيدا عن نهج الاستفراد”.

وأضاف حبيب: “إنجاز هذا الملف بحاجة إلى جهد كبير وحالة من الانفتاح”.

وعبّر عن مخاوفه من فشل هذا الجولة، لكنّه قال: “نأمل أن يتم التوافق على استراتيجية ورؤية وطنية تصطف جميع الفصائل خلفها بما يحقق مصالح الشعب”.

والإثنين، أعلنت الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تلقيهما دعوة من الجزائر للمشاركة في حوارات المصالحة.

جهود متواصلة

قال الكاتب والمحلل السياسي هاني العقّاد، إن الجزائر تعمل منذ فترة طويلة لـ”إعادة الفلسطينيين إلى مسار الوحدة الطبيعية وترتيب البيت الداخلي، انطلاقا من حكومة فلسطينية موحدة وترتيب مؤسسات منظّمة التحرير”.

وأضاف العقاد: “الجزائر تعمل بصمت وسرية مع الفصائل، حيث سبق لها الالتقاء بقيادة الفصائل بشكل منفرد، وهي تقوم بعملية دبلوماسية كبيرة نأمل أن يكتب لها النجاح”.

وتابع: “معايير نجاح هذا الحوار مرتبطة بتطبيق مخرجاته على أرض الواقع، مع وجود رقابة عربية بهذا الخصوص”.

وأردف العقاد: “نجاح هذه الجهود مرتبط أيضا بالإرادة السياسية لدى الفصائل وتفضيلهم للمصلحة الوطنية العُليا على المصالح الخاصة”.

وعبّر عن آماله في أن تقود الورقة الجزائرية النهائية إلى “حدوث اختراق حقيقي في هذا الملف، بالشراكة مع دول عربية”.

ووصف هذا الحوار بـ”الطلقة الأخيرة في ملف المصالحة”، مستبعدا “تدخّل أي طرف عربي لاحقا لإنجاز هذا الملف”.

ونفى العقّاد وجود مؤشرات لدى الفصائل في الوقت الحالي حول “إمكانية الخروج من نفق الانقسام في ظل حالة من الإحباط تسود الشارع الفلسطيني الذي لم يعد لديه ثقة بهم”.

معيقات كبيرة

وذكر أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العربية الأمريكية في جنين شمالي الضفة الغربية، أن المعيقات التي كانت تحول دون تحقيق المصالحة خلال السنوات الماضية، لا زالت زالت موجودة.

وأضاف أن “المبادرة الجزائرية جيدة، لكنها تأتي في وقت صعب ومعقّد تستمر فيه الظروف الميدانية والسياسية على ما هي عليه، الأمر الذي يؤسس لفشل هذه الجولة”.

وأشار يوسف إلى أن عدم وجود إجماع بين حركتي فتح وحماس، على آلية موحّدة لمواجهة الاحتلال “تشكّل إحدى المعيقات الميدانية التي تقف في طريق المصالحة”.

وأوضح أن “الظروف السياسية وغياب الحوارات والاجتماعات الوطنية بين الحركتين إضافة للاستقطابات الإقليمية والدولية هي أيضا من أسباب عدم اكتمال المصالحة”.

وأضاف: “الواقع الانقسامي لا زال مستمرا، ولا توجد نقاشات جادة بين الحركتين في هذا الملف أو أي ملف يتعلق بالشأن الفلسطيني”.

وتابع يوسف: “الساحة الفلسطينية ستشهد مزيدا من التصعيد الإسرائيلي الذي ستكون له ردود فعل فلسطينية فردية وعفوية غير منظّمة”.

وأردف: “في ظل المؤشرات الحالية وغياب الضغط الشعبي على الفصائل، فمن المستبعد الوصول لحل في ملف المصالحة إلا في حال وقوع حدث كبير”.

وخلال السنوات الماضية، شكّلت عدة ملفات أبرزها “ملفات الأمن والمعابر، وملف الانتخابات وموظفي حكومة حماس بغزة”، عائقا أمام تحقيق المصالحة.

مؤشرات مفقودة

بدوره، استبعد المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، وجود أي مؤشرات “للتوصل إلى حل لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية”.

وقال: “رغم العدوان الإسرائيلي المستمر وارتفاع عدد الشهداء، مع استمرار الأوضاع الكارثية في الساحة الفلسطينية والتوترات الدولية فإن ملف المصالحة يراوح مكانه”.

وأضاف: ” من غير المتوقع حدوث اختراق حقيقي في هذا الملف”.

وذكر إبراهيم أن “عقبات تحقيق المصالحة لا زالت ماثلة، وهذه الجولة التي تنظمها الجزائر لن تخرج عن سياق الجولات السابقة غير المثمرة”.

وأوضح أن التصريحات الإيجابية الصادرة عن مسؤولين في حركتي “فتح” و”حماس” ليست إلا “مجاملات”.

وأردف: “غياب الإرادة الحقيقية بين الفصائل سيبقى حائلا دون إحداث أي اختراق لملف المصالحة”.

غياب الإرادة

وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد المجيد سويلم إن “الظروف الحالية تشير إلى الذهاب للمزيد من تكريس الانقسام الفلسطيني وصولا إلى حالة انفصال غير معلنة”.

وأضاف: “الواقع الانقسامي أصبح له مصالح ومؤسسات بالتالي لا أعتقد أن الأمور ستسير نحو المصالحة”.

وتابع سويلم: “نتائج حوارات الجزائر ستسير غالبا باتجاه المجاملات السياسية”.

وأشار إلى أن “السياسة الإسرائيلية المستقرّة ترتبط بالفتك بالفلسطينيين ومحاولة تمرير المشروع الإسرائيلي والإبقاء على غزة والضفة منفصلتين”.

وأردف: “الأزمة السياسية بين الفصائل مُفتعلة، فلا يوجد خلاف سياسي جذري يجعل كل منها يحاول فرض نفسه على الواقع”.

وزاد: “النية الصادقة والإرادة السياسية كفيلة بإنهاء الانقسام، لكن بسبب المصالح الحزبية الخاصة فإن المصالحة ستبقى بعيدة المنال”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here