رفقاء غورديل يروون اللحظات الأخيرة في حياته

9
رفقاء غورديل يروون اللحظات الأخيرة في حياته
رفقاء غورديل يروون اللحظات الأخيرة في حياته

افريقيا برسالجزائر. وقعت محكمة الدار البيضاء في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة، عقوبة الإعدام في حق المتهم الرئيسي بملف اختطاف الرعية الفرنسي “هيرفي غورديل”، المدعو” حمزاوي عبد المالك”، الملقب بـ” عبد الرحمان أبي حفص”، وهي ذات العقوبة التي وقعتها المحكمة غيابيا في حق المتهمين المتواجدين في حالة فرار، فيما استفاد 6 متهمين غير موقوفين بالملف، وتعلق الأمر بكل من “ب. كريم”، “هـ. أسامة”، ” ب. حمزة”، ” س. كمال”، “ع. امين” رفقاء الضحية، المتابعين بتهم عدم الإبلاغ عن جناية وإيواء أجنبي دون رخصة إلى جانب المدعو”ع. فرج الله”.

وعرضت المحكمة وقائع الملف للمناقشة على مدار ساعات من يوم الخميس، حيث كشفت محاكمة المتهمين على رأسهم المدعو “حمزاوي” المكنى “أبا حفص”، عن حقائق مثيرة للحظات الأخيرة من حياة الرعية الفرنسي، وضلوع ما يسمى جماعة” جند الخلافة” المنضوية تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق “داعش”، في عملية الاحتجاز والذبح ونشر فيديو تتبنى فيه العملية، لتكون بمثابة “ضربة حظ” للجماعة التي انتهزت فرصة عثورها على الرعية “صدفة” وقتله لتثبيت ولائها لتنظيم “داعش”، والترويج لنشاطها الإرهابي بعد انفصالها عن جماعة “دوردكال” التابعة لتنظيم “القاعدة”.

المتهم “حمزاوي عبد المالك أو “مالك” من مواليد 27 سبتمبر 1984 ترك مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية، اعترف خلال استجوابه من قبل القاضي أول ، بأنه التحق في سن 24 مرغما ومجبرا بالجماعات الإرهابية بمنطقة بني عمران في بومرداس سنة 2008، بعد اعتراض طريقه بحاجز أمني مزيف وانقلاب سيارته، وسرد تفاصيل دقيقة عن التحاقه بالجبال وإلى غاية تسليم نفسه لعناصر الجيش سنة 2015، وأطلع المحكمة على أسرار تخص نظام الجماعات التي كان ينشط بها، وطريقة تنقلهم ليلا ونهارا وخططهم “لتمويه” عناصر الجيش بالتنكر في زي مدني.

وقال “أبو حفص” ردا على أسئلة المحكمة إن مهمته في الجبال لم تكن حمل السلاح والقتل والاختطاف، بل قضى معظمها يتنقل بين العيادات لتلقي العلاج عن الإصابات الخطيرة التي تعرض لها، وقبل ذلك كان يزود الإرهابيين بالأدوية والمؤونة، ومساعدتهم في جلب الماء وغيرها من المهام الحيوية، وتابع المتهم يقول إن تواجد ابن عمه ضمن المجموعة بعد انتقاله لجبال تيزي وزو عرقل خطة فراره حسبه- بعد وضعه تحت حراسة مشددة، ليصاب عن طريق الخطأ من طرف أحد رفقائه وتنطلق رحلته بالمراكز العلاجية لتفادي الشلل الذي فتك بيده اليمنى لاحقا.

وبخصوص ملابسات جريمة قتل الرعية الفرنسي صرح “حمزاوي” بأن الملف “لفق له”، ولم يسمع عن الحادثة إلا بعد أيام، وفند حتى معرفته باسم التنظيم الذي كان ينشط به.. بل وصرح بأنه تعرف على قبر الرعية لاحقا من إرهابي يدعى “أبا مروان” متمسكا بإنكاره للوقائع قائلا إنه لم يكن حاضرا خلال عملية الاختطاف، ولم يلتق برفقاء الضحية الذين أجمعوا عبر جميع مراحل الاستجواب أنهم شاهدوه أثناء احتجازهم، القاضي قاطعه مستفسرا عن رأيه في تطابق المواصفات التي صرحوا بها، وواجهته النيابة من جهة أخرى بتصريحاته أمام قاضي التحقيق حين اعترف بمصافحته للمدعو “س.كمال” أحد مرافقي الضحية وخاطبه باللغة الأمازيغية.

رفقاء الضحية يصفون لحظاته الأخيرة قبل ذبحه!

أجمع المتهمون الستة خلال استجوابهم من طرف المحكمة عن سبب تأخرهم في إخطار مصالح الدرك عن الواقعة، أن لحظات الرعب والخوف التي عاشوها طيلة ساعات احتجازهم واقتياد “ضيفهم” إلى المصير المجهول وسط الظلام، عرقلت ذلك، وإجبارهم على البقاء في أماكنهم ومنعوا من استعمال هواتفهم إلى غاية بزوغ الفجر والمغادرة، وقبل ذلك طرح عليهم وابل من الأسئلة بعد تأكدهم من جنسية الرعية الذي لم يكن على علم بما يجري حوله، لجهله اللغة العربية، والتفاوض حول مصيره بقيادة أمير الكتيبة “عبد المالك قوري”، ليتقرر فصله عن رفقاء وذبحه انتقما من سلطات بلاده لتدخلها العسكري في العراق، وتحججوا بأنه “كافر” رغم سعي أصدقائه لمنعهم وإقناعهم بأن الرعية أحب الجزائر ويرغب في دخول الإسلام، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، وكشفت تصريحات المتهم “ع. فرج الله”، أنه تم توقيفه بحاجز أمني والاستيلاء على شاحنته لنقل أغراضهم من مكان احتجاز المجموعة الشبانية، وأضاف إن الإرهابيين كانوا يستعملون كلمات مشفرة لحظة اعتقالهم ويتبادلون الهواتف في ما بينهم، كما تناوبوا في شكل فرق صغير على حراستهم مع تغيير لباسهم بين عسكري وأفغاني باستمرار قبل السماح لهم بالمغادرة صباحا.

وفي السياق، رافع النائب العام مطولا حول عملية الاختطاف والقتل التي راح ضحيتها الرعية الفرنسي “هيرفي غورديل”.. واستعرض الأدلة التي تثبت تورط المتهم الرئيسي في جريمة القتل واعتراضه طريق المجموعة الشبانية وضيفهم الفرنسي، بالاستناد لتصريحاتهم خلال جميع مراحل التحقيق وجلسة المحاكمة.. واعتبر النائب العام أن جناية القتل مع سبق الإصرار والترصد ثابتة في حقه.. رغم محاولاته مراوغة المحكمة وإنكار الوقائع، وعاد النائب العام للحديث عن “مركز الصندوق” أحد “الغاز” الجماعات الإرهابية في الجبال، وهو نفس المكان الذي عثر فيه على جثة وقبر الضحية، قائلا إن القبر كان يتواجد بالمكان المسمى “مركز الصندوق” عبارة عن خندق تخبأ فيه الأدوات ومعدات القتل، وأغراض الإرهابيين وخيامهم بعد انتقالهم لمكان آخر أو ما يعرف بـ “الكازمات”، وشدد على أن معرفة المتهم بخبايا المنطقة ذات المسالك الوعرة دليل قاطع على أنه كان أحد منفذي الجريمة.

وعرج النائب العام عن الدوافع المزعومة من قبل الجماعة الإرهابية “جند الخليفة” أنها تبنت عملية الاغتيال ردا على وقوف فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة في الضربات الموجهة ضد الجماعة الإرهابية الدولة الإسلامية في العراق.

دفاع الطرف المدني: الحادثة خيانة للشعب وشوهت سمعة الجزائر!

وصف دفاع الطرف المدني الحادثة بأنها جريمة ضد الإنسانية وخيانة للشعب الجزائري الذي صادق على قانون الوئام المدني، إذ أخذت القضية حسبه أبعادا دولية وشوهت سمعة الجزائر.

وقال الدفاع إن الضحية قصد الجزائر حبا بها واستجابة لدعوة من أصدقائه الجزائريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض الترويج لرياضية تسلق الجبال، وتعلق بها بعد مشاهدته لجمال طبيعتها العذراء. واستغرب الدفاع خلال مرافعته قائلا: “من يكون هيرفي حتى يقايض الجماعات الإرهابية فرنسا بحياته مقابل وقف تدخلها العسكري في العراق.” وعبر محامي عائلة الضحية بالقول إن الجزائر دولة الأمير عبد القادر وليس “داعش” كما أردوا الترويج لها، وثبت بالأدلة القاطعة أن المتهم “حمزاوي” كان حاملا للسلاح حسب ما أظهره الفيديو وشارك عملية الخطف رغم إنكاره ومراوغته المحكمة، وشهادة باقي المتهمين الذين أجمعوا على تورط حمزاوي في عملية الاختطاف، قائلا: “كيف لهم أن لا يتذكروا ملامحه أو يتعرفوا عليه بالجلسة وهو من ساهم في خطف وذبح صديقهم وضيفهم”.

من جهته، نوه دفاع المتهم “حمزاوي عبد المالك” إلى الظروف التي طبعت فترة تواجد الأخير بمعاقل الجماعات الإرهابية المسماة “جند الخلافة”، وتحمله لضغوطات كانت وراء قراره بتقديم طلب للمغادرة هي خضوعه لعملية جراحية في الجبال لمدة 19 ساعة دون تخدير، وأشارت محاميته إلى أن شريط الفيديو لا يثبت قطعا أن من قام بإزهاق روح الضحية هو “حمزاوي”، حتى لو أنه ينتمي لنفس المجموعة التي تبنت عملية الاختطاف والقتل.

وطالبت عضو هيئة الدفاع عن المتهم بإعادة تتكيف التهم الموجهة له من جناية التنظيم وإنشاء جماعة إرهابية إلى جناية الانتماء، والبراءة من تهمة القتل.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here