سجل حافل بالمؤامرات والدسائس المغربية

9
سجل حافل بالمؤامرات والدسائس المغربية
سجل حافل بالمؤامرات والدسائس المغربية

أفريقيا برسالجزائر. قطع العلاقات الدبلوماسية هو النتيجة المحتومة لممارسات نظام المخزن المغربي تجاه جارته الشرقية الجزائر، التي لطالما جنحت إلى ضبط النفس على مدار عقود رغم التحرشات التي أصبحت لا تطاق وخاصة في الآونة الأخيرة.

لم تكن المملكة العلوية في راحة من أمرها، وهي ترى الجزائر تحصل على استقلالها مظفرة بعد انتصار عسكري وسياسي باهرين، على الاستعمار الفرنسي، ورغم أواصر الأخوة وامتزاج دم الشعبين الشقيقين، إلا أن غدر القصر لم يترك دماء الجزائريين التي سالت من أجل الاستقلال، وقرر مهاجمة التراب الوطني، مدفوعا بأحلام توسعية فاقدة للشرعية والمشروعية.

وهكذا استغلت المملكة العلوية صراع الإخوة على السلطة غداة الاستقلال مباشرة، لتنقض على الجهة الجنوبية الغربية للبلاد، طمعا في إلحاقها بأراضيها، غير أن مسعاها خاب، لأن الإخوة الفرقاء عرفوا كيف يتجاوزون خلافاتهم الظرفية، ويدافعون يدا واحدة عن الدم والعرض، وتمكنوا من رد العدو المعتدي مدحورا، وكان ذلك في العامين 1963 و1964.

وبعد وساطة قامت بها كل من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، توقفت الحرب، وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين لكن الحرب تركت أثرا لا يمحى لدى الجزائريين، ومن ثم على العلاقات الثنائية، لأن ما قام به المخزن المغربي، كان غدرا لا يستطيع أحد نكرانه أو نسيانه.

ورغم الهزائم العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي تلقاها نظام المخزن، بخصوص مطالبه الترابية المزعومة، إلا أنه لم يرتدع، فلا يزال القصر والدوائر المرتبطة والمحيطة به، تخرج من حين إلى آخر متحدثة عن أحلام بائدة وموؤودة.

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، تراجع التوتر بين البلدين لفترة مؤقتة وتم التوصل إلى اتفاق لرسم الحدود بين البلدين، غير أن الأمور لم تلبث أن عادت إلى مربع البداية، بعد تنظيم المغرب لما عرف بـ”المسيرة الخضراء” عام 1975، التي تم بموجبها احتلال الأراضي الصحراوية، لترد الجزائر باعتبارها زعيمة مناهضة الاستعمار في العالم، واصفة ما حدث بالاحتلال المغربي لأراضي شعب أعزل خرج لتوه من الاستعمار الاسباني، ليحدث بعدها احتكاك عسكري ثان بين البلدين في العام 1976.

خلال عشرية الثمانينيات، عرفت العلاقات الجزائرية المغربية استقرارا، تجسد من خلال تأسيس اتحاد المغرب العربي في العام 1989، لكن هذه الهيئة بقيت هيكلا من دون روح، بسبب غياب الثقة بين البلدين، لتكون سنة 1994، شاهدة على عقد آخر اجتماع لهذا الاتحاد.

وكان للاعتداء الدبلوماسي الذي تعرضت له الجزائر في العام 1994، عندما اتهمت زورا من قبل نظام المخزن، بتدبير عملية إرهابية في مدينة مراكش المغربية، حادثة مفصلية في العلاقات الثنائية، لأن الإجراءات التي اتخذها عاهل المغرب آنذاك، الراحل الحسن الثاني، بفرض التأشيرة على الجزائريين، قوبل برد عنيف من قبل الطرف الجزائري، الذي رد بمبدأ المعاملة بالمثل، وزاد على ذلك بغلق الحدود البرية، وهو القرار الذي لا يزال ساريا إلى غاية اليوم، رغم المناشدات المغربية المتكررة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت العلاقات متأزمة بين البلدين، وإن تبادل الطرفان الزيارات والتمثيل الدبلوماسي، لكن تمادي المغرب في التحرشات من خلال تدنيس العلم الوطني (حادثة الدار البيضاء)، والاعتداء على التمثيلية الدبلوماسية الجزائرية في المغرب، زاد من شحن التوتر.

غير أن الأخطر في كل ذلك، هو ما قام به نظام المخزن في الآونة الأخيرة، من خلال تشكيل محور مع دولة الكيان الصهيوني ضد المصالح الجزائرية ووحدتها الترابية، والتورط عبر وكلاء في تأجيج الوضع الداخلي، عبر الحرائق التي اجتاحت البلاد مؤخرا، ودعم الحركة الانفصالية ممثلة في منظمة الماك الإرهابية، ما أوصل العلاقات الثنائية إلى مرحلة القطيعة، كما أعلنها وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here