لماذا الأحزاب في الجزائر صامتة؟

13
لماذا الأحزاب في الجزائر صامتة؟
لماذا الأحزاب في الجزائر صامتة؟

علي ياحي

أفريقيا برس – الجزائر. تمرّ الطبقة السياسية في الجزائر، بما فيها المعارضة، بحالة “سكون” غير معهودة. لقد تراجع دور معظم الأحزاب، فانحصر أداء بعضها في إصدار بيانات في فترات متقطعة، فيما باتت أخرى في خانة المنسية. ما يثير علامات استفهام حول الواقع السياسي غير المعتاد.

اتهامات

تتهم أحزاب معارضة السلطة بتكبيل نشاطها واستبعادها من أداء دورها. ويرى القيادي في “جبهة القوى الاشتراكية”، الحزب المعارض الأقدم في البلاد، ناصر حداد، أن تحرك الطبقة السياسية مرتبط بالمحيط الذي توجد فيه، و”في جزائر 2022، تم نبذ العمل السياسي واعتباره بدعة، إن لم نقل خطراً يجب تجنبه، إذ تم غلق كل المساحات وتعطيل الميكانيزمات التي تتيح النشاط السياسي”. ويضيف في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، أن “السلطة لم تمنع الأحزاب من النشاط بطريقة مباشرة من خلال قانون أو ما شابه، لكن الإشكال يبقى في المناخ، لأن الممارسة السياسية لها شروطها”.

ويعتبر حداد، أن “الوضع السياسي الحالي في البلاد لا يسمح بممارسة السياسة”، مضيفاً أنه “يجب أن تكون هناك قنوات من أجل إبداء الرأي، لأن السياسة هي إبداء أراء وأفكار في مواضيع تخص المجتمع، ولإبداء الآراء لا بد من توفير قنوات حوار، وللأسف في جزائر 2022 لا توجد قنوات للتعبير”. ويلفت إلى أنه “من بين الشروط اللازمة فتح المجالين السياسي والإعلامي، وتوفير محيط آمن يمنح حرية التعبير عن الآراء المختلفة سواء المؤيدة أو المعارضة”. ويختم أنه “لا يمكن ممارسة السياسة في ظل غياب ميدان سياسي”.

الصمت ورسالته

من جانبه، يعتقد القيادي في “حزب الفجر الجديد” المعارض، حليم بن بعيبش، في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، أن “ليس الطبقة السياسية هي مَن يلتزم الصمت، إنما الوضعية العامة الحالية في البلاد هي التي تفرض الصمت، بسبب الركود متعدد الجوانب”. ويقول إن “السلطة لم تظهر أي مشروع سياسي إلى حد الساعة ما عدا مشروع لمّ الشمل أو اليد الممدودة”، مضيفاً أن “الطبقة السياسية تتفاعل مع الأحداث السياسية، وفي غياب أحداث يكون هناك صمت بالتأكيد”. ويشير إلى أن “للأحزاب نشاطات داخلية غير أنه يقابلها تعتيم إعلامي على غير العادة، أما سياسة البيانات فهي أمر إيجابي يندرج في سياق النشاطات، وعليه فإن المشكل في جمود الساحة وليس في الطبقة السياسية”.

وإذ يلفت رئيس “حزب الجزائر الجديدة”، جمال بن عبد السلام، إلى أنه ليس “ناطقاً باسم الطبقة السياسية ولا أعلم دوافع كل طرف في التزام الصمت”، يقول “أما في ما يخصنا فإن صمتنا نابع من الموازنة بين سياسة السلطة المنتهجة في جميع القطاعات وبين المناخ الإقليمي والدولي والداخلي، فوجدنا أن الصمت رسالة نوجهها في هذا الظرف. فالصمت أقوى رسالة تعبر عن موقفنا”. ويضيف أن “الجميع فقد صدقيته، في ظل غياب رأي عام يشكل مرجعية لقياس الصدقية”.

أخطاء استراتيجية

في المقابل، يرى البرلماني علي محمد ربيج، من “جبهة التحرير الوطني”، الحزب الحاكم منذ استقلال البلاد، أن المعارضة بكل أطيافها تنشط من دون حواجز، سواء داخل البرلمان مثل حركة مجتمع السلم، أو خارجه كجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. وعليه أظن أن هناك ضعفاً في الممارسة وليس صمتاً”، مضيفاً أنه “لا يمكن وصف وضعية المعارضة بأنها أصيبت بالشيخوخة، على اعتبار أن الحياة السياسية تعرف في بعض الحالات ركوداً أو جموداً”.

ويشير ربيج إلى أن “سبب التراجع السياسي هو أخطاء استراتيجية ارتكبتها أحزاب عندما قاطعت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهي تدفع ثمن الاستقالة والانسحاب من المجالس المحلية”، مشيراً إلى أنه “من غير المعقول تحميل السلطة مسؤولية الغياب، وإنما الجميع يتحمل المسؤولية، والطبيعي أن يروق السلطة التنفيذية أن يكون صوت المعارضة خافتاً من أجل بروز أكبر عبر النجاحات والمشاريع والاستراتيجيات، وهذه هي المعادلة”.

واللافت في هذا السياق، أن مبادرة الرئيس عبدالمجيد تبون تحت عنوان “لمّ الشمل”، نشّطت الحياة السياسية لبعض الوقت، إذ صدرت بيانات مرحّبة بها، وعقدت ضمنها لقاءات عدة والتقى الرئيس بمختلف الأطراف، لكن سرعان ما عاد المشهد إلى سابق عهده.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here