محور الجزائر الرياض؛ الخطوات والتبعات

5
محور الجزائر الرياض؛ الخطوات والتبعات
محور الجزائر الرياض؛ الخطوات والتبعات

عثمان لحياني

أفريقيا برس – الجزائر. عوامل كثيرة تؤكد أن العلاقات الجزائرية السعودية ستمر خلال الفترة المقبلة إلى مستويات أفضل بكثير من السابق. سلسلة الزيارات رفيعة المستوى الأخيرة بين البلدين تعزّز الاعتقاد بوجود جهد لإعادة بناء محور الجزائر – الرياض، على نحو مغاير، وبصورة تكون فيها الانعكاسات ذات إيجابية بالغة، ليس على البلدين فحسب، ولكن على الكثير من أزمات المنطقة العربية. ذلك جزء من مسار جزائري لهندسة وإصلاح العلاقات مع دول عربية مؤثرة في الإقليم، واستعادة دور تفرضه الكثير من الضرورات السياسية والاقتصادية ومقتضيات الأمن القومي.

من الضروري التذكير أن العلاقات بين البلدين مرّت بمرحلة فتور بلغت أشدها عام 2017، بسبب مواقف وقضايا رفضت فيها الجزائر مسايرة الرياض، كالاعتراض على تصنيف “حزب الله” اللبناني تنظيماً إرهابياً، ورفض تصنيف “الإخوان المسلمين” جماعة إرهابية، وقبلها رفض المشاركة في حرب اليمن، وفي الحصار على قطر، وفي الأزمة السورية أيضاً. كما لعبت العلاقات بين الجزائر وطهران دوراً في فتور العلاقة بين الجزائر والرياض.

كانت الرسالة الجزائرية الأولى في يناير/كانون الثاني 2020 عندما اختار الرئيس عبد المجيد تبون أن تكون الرياض أول عاصمة يزورها بعد شهر واحد من اعتلائه سدة الحكم. وفضّلت السلطة السياسية في الجزائر أن تتوجه رأساً وبشكل مباشر إلى مخاطبة سياسية إلى البلد الأكثر ثقلاً على الصعيد السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية، من جهة، ومن جهة ثانية لأن تدخلات الرياض كانت واضحة في عدد من الأزمات المحيطة بالجزائر والتي تهم أمنها القومي، في تونس وليبيا، وفي مالي أيضاً حيث قدمت الرياض تمويلاً للعملية الفرنسية “برخان”، ولديها صلات قوية مع المراجع الدينية في مالي والنيجر.

بالنسبة للجزائر، فإن تجاوز التقارب السياسي مع الرياض إلى مستوى أكبر من العلاقات الاستراتيجية، هو ضمن الهندسة الجديدة لعلاقات الجزائر مع الأقطاب العربية البارزة، والتوجه نحو الشرق، خصوصاً في ظلّ متغيرات دولية متسارعة.

وما يشجع أكثر على هذا الاتجاه هو وجود استجابة كبيرة لدى السعودية نفسها لإعادة الانفتاح أكثر على الحلفاء التقليديين للجزائر (الصين وروسيا)، وإبداؤها ليونة أكبر في بعض القضايا الإقليمية كفتح خط حوار مع طهران ودمشق، وهذا يعزز أكثر نقاط الالتقاء الجزائري السعودي.

كل تطور في العلاقات بين الجزائر والسعودية، ستكون له تبعات إيجابية على المنطقة، يقارب المواقف ويضيّق اختلاف المقاربات ويسهم بقدر ما في فتح ممرات عربية إلى بعض الأزمات التي تحتاج في الواقع إلى حد أدنى من التفاهم العربي.

والأهمية القصوى لتركيز محور الجزائر الرياض، ليست على صعيد التنسيق السياسي، أو الاستفادات الاقتصادية لمزيد من التفاهمات في مجال الطاقة فحسب، بل في مدى انعكاس هذا التقارب الجزائري السعودي في المستقبل القريب على صعيد التسويات الممكنة في ليبيا، وفي فكّ الوضع المتأزم في تونس، وفي إسناد الجهود الجزائرية نحو تحقيق أي خطوة ممكنة للصالح الفلسطيني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here