منطقة الساحل: هل اقتنعت فرنسا أخيرا بصحة مقاربة الجزائر؟

13
منطقة الساحل: هل اقتنعت فرنسا أخيرا بصحة مقاربة الجزائر؟
منطقة الساحل: هل اقتنعت فرنسا أخيرا بصحة مقاربة الجزائر؟

افريقيا برسالجزائر. عاد الحديث عن مقاربة الجزائر في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل إلى الواجهة، بعد إخفاق فرنسا في الحد من نشاط الجماعات المسلحة في المنطقة.

انتكاسة الاستراتيجية الفرنسية، دفع ببروز مبادرة دول الميدان، مجددا، وعززت الطرح الجزائري لملء الفراغ الأمني في المنطقة وفق مقاربة مختلفة تعيد بعث الروح في المبادرة التي تشكلت في 2010 وتضم (الجزائر، موريتانيا مالي والنيجر).

وبين رؤية الجزائر في مكافحة التنظيمات الإرهابية والتكتيك الفرنسي في القتال بمنطقة الساحل خلاف جوهري، فباريس تفضل التدخل العسكري المباشر، عبر قواعد عسكرية وطائرات مقاتلة وعمودية وأخرى بدون طيار، بالإضافة إلى فرق عسكرية على الأرض، مع تشكيل تحالف مجموعة الخمسة (النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا)، الذي تشكل في 2017.

إلا أن مقاربة الجزائر تقوم على تولي دول الساحل كل على حدى قتال الجماعات الإرهابية داخل أراضيها مع تنسيق استخباراتي وعسكري بين هذه الدول على الحدود. وترى الجزائر أن تدخل فرنسا ذات التاريخ الاستعماري في الساحل سيشحن العداء الوطني والديني لدى شعوب المنطقة ضد القوى الأجنبية، ما ستستغله الجماعات الإرهابية في تجنيد مزيد من العناصر.

وتبحث فرنسا عن مخرج مشرف لحربها في الساحل، بعد تفكك تحالف مجموعة الخمسة الذي تقوده في المنطقة، فبينما لا تريد موريتانيا التورط في حرب مباشرة مع الجماعات المتطرفة، لم تعد تغري المساعدات الفرنسية دولة تشاد أمام التهديد الذي أصبحت تشكله بوكو حرام وداعش على أمنها القومي.

ورغم أن عملية “سرفال” العسكرية التي أطلقتها فرنسا مطلع 2013، نجحت نسبيا في طرد الجماعات المسلحة من شمال مالي وبالأخص مدن غاو وكيدال وتومبوكتو، إلا أن عملية “برخان” التي تلتها في أوت 2014 تواجه منذ نحو 8 سنوات انتكاسات متتالية ناهيك عن تكلفتها التي تبلغ 1 مليون يورو يوميا.

وخسرت فرنسا لحد الآن 50 جنديا، آخرهم 5 جنود، وسقط مئات من جنود مالي والنيجر وبوركينا فاسو قتلى في هجمات عنيفة لتنظيمات إرهابية عديدة بينها “داعش الصحراء” وتحالف الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة وأيضا بوكو حرام.

ورغم وجود قوات من الاتحاد الإفريقي ووصول دعم عسكري من دول أوروبية، ناهيك عن التواجد العسكري الأمريكي بالمنطقة عبر قاعدة جوية رئيسية للطائرات بدون طيار في النيجر، إلا أن عملية برخان الفرنسية، التي تضم 5100 جندي أخفقت في تطهير المنطقة من المسلحين.

ومع انكفاء تشاد على نفسها بعد إعلان رئيسها إدريس ديبي في أفريل 2020 وقف مشاركة بلاده في عمليات مكافحة المتطرفين خارج حدودها، عقب مقتل 92 جنديا تشاديا في هجوم لجماعة بوكو حرام في 23 مارس الماضي، وقرار فرنسا تخفيض قواتها في الساحل على غرار الولايات المتحدة، بالتزامن مع تصعيد الهجمات الإرهابية في المنطقة، سيقع الثقل الأكبر في محاربة المجموعات المسلحة على دول المنطقة وخاصة مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ومن شأن هذا الوضع الدفع نحو العودة إلى استراتيجية الجزائر في مكافحة الإرهاب، عبر الإمكانيات الذاتية لكل منطقة، لكن مع تنسيق العمل الاستخباراتي والعسكري على الحدود بين بلدان المنطقة.

وبامتلاكها تجربة كبيرة في مكافحة الإرهاب وأكبر جيش في المنطقة، ترى الجزائر أن تجفيف منابع الإرهاب وعزل المتشددين، يقوم أساسا على تنمية المناطق النائية، والتحاور مع الجماعات المعتدلة وفصلها عن الجماعات المتطرفة، وتعزيز نشاط الجمعيات الدعوية المعتدلة، على غرار رابطة علماء وأئمة ودعاة الساحل.

ويمثل التقارب الجزائري الموريتاني فرصة لإعادة إحياء مبادرة دول الميدان، فخلال زيارة قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية محمد بمبا مقيت، إلى الجزائر ما بين 5 و6 جانفي الجاري، دعا رئيس أركان أركان الجيش الوطني الشعبي، السعيد شنقريحة إلى تعزيز العلاقات الثنائية العسكرية التي تربط البلدين “من أجل مواجهة مختلف التحديات الأمنية التي تهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل”.

شدد شنقريحة على “أهمية الاستفادة بشكل أكبر من آليات التعاون الأمني المتاحة، لا سيما لجنة الأركان العملياتية المشتركة CEMOC”، التي يوجد مقرها في مدينة تمنراست. وحدد شنقريحة، طبيعة هذا التعاون في “تبادل المعلومات، وتنسيق الأعمال على جانبي الحدود المشتركة للدول الأعضاء”.

فعلى الرغم من أن موريتانيا لم تتعرض لأي هجوم إرهابي منذ 2011، إلا أن حدودها الجنوبية الشرقية مع مالي غير بعيدة عن منطقة الحدود الثلاثة الملتهبة، مما يعني أن التهديد ما زال قائما، حيث سبق لها أن واجهت حربا عنيفة مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي أصبحت تسمى القاعدة في بلاد المغرب، منذ 2008، بعد هجوم على بلدة تورين (شمال) وأسفر عن خطف 12 جنديا وقطع رؤوسهم، ليمتد القتال بين الطرفين إلى شمال مالي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here