أفريقيا برس – الجزائر. تعرف مدينة تبسة، وأغلب بلدياتها، وحتى ولاية سوق اهراس المجاورة، خاصة البلديات المجاورة لبلدية الحمامات، ظاهرة بيع الماء عن طريق الصهاريج المتحركة، تحت غطاء وتسمية منبع “يوكوس”، وهو أحد منابع المياه التاريخية في المنطقة.
إذ تجاوز عدد الصهاريج المتنقلة بين مختلف الشوارع والأحياء حسب مصادر من ولاية تبسة، الـ500 شاحنة، والتي تباشر عملية البيع، مع مطلع كل يوم، خاصة في شهر رمضان الحالي، مع استعمال المنبهات المزعجة، وإيقاظ النائمين، سواء الراغبين في شراء الماء أو غيرهم.
وتزداد الظاهرة استفحالا مع ارتفاع درجات الحرارة، كما هو الحال حاليا في منتصف مارس، حيث تجاوزت العشرين مئوية، ليس لقلة ماء الحنفيات فقط، أو لغياب الماء المعدني المتعارف عليه، بل لقناعة الناس بأنهم يشترون مياها معدنية بأقل التكاليف، وبثمن لا يتجاوز 60 دج لدلو ذي سعة 20 لترا، أي بتكلفة لا تزيد عن 3 دنانير للتر الواحد، وهو أفضل بكثير من ثمن قارورة بمبلغ 40 دج.
أصحاب الشاحنات والصهاريج يدّعون جميعا بأنهم يقتنون الماء من منبع يوكوس الجبلي، وعندما احتج عليهم صاحب مصنع المياه المعدنية، حوّلوا الاسم الموضوع على شاحناتهم، إلى بوكوس الجبلي، وهي التسمية القديمة جدا للمنبع، الواقع على بعد مسافة 5 كيلومترات عن مقر بلدية الحمامات، وعلى بعد 24 كلم عن عاصمة الولاية تبسة.
صاحب مصنع المياه المعدنية تبرأ من أن تكون هذه الشاحنات التي تحمل اسم العلامة والمنبع تابعة له، بالرغم من أن الاسم ليس ملكية خاصة بمصنعه، وإنما يعود للمنبع القديم، وهو المنبع الذي تنقلت إليه الشروق اليومي ويوجد في منطقة، صعب جدا الوصول إليها من المواطنين، وصعب جدا الحصول فيها على قارورة من الماء، الذي ينزف بصعوبة من المنبع، فما بالك ضخ المياه للمئات من الشاحنات يوميا، ولم نجد أي شاحنة قريبة من المنبع، المعروف أنه كان مليئا بالمياه الجوفية قبل أن يصاب بالجفاف مع مرور السنوات، بسبب التساقط الشحيح للأمطار.
مواطنو مدينة الحمامات بولاية تبسة أكدوا في مراسلات للمصالح البلدية بأن الشاحنات المعنية ببيع المياه، تقوم بنقل المياه من آبار المنطقة، وبعضهم يتزوّدون من مجمع مائي بواد بوعكوس، مضخ إلى حوض في أعلى الطريق مجاور للمنبع، ولا علاقة له بمياه المنبع الأصلي، وهناك من تقوم بالتزود مباشرة من الحنفيات، ويبقى المواطنون يستهلكون مياه لا علاقة لها بالمنبع الأصلي، فالشاحنات وبدون استثناء مسجل عليها اسم ماء يوكوس، أو بوعكوس.
وفي الوقت الذي بدأ مواطنون في مدينة تبسة وغيرها من البلديات ملاحظة بأن مياه الصهاريج، تحمل بعضها رائحة وحتى طعم غير عادي، حوّلنا السؤال إلى مصالح مديرية الموارد المائية، التي أقرت بأنها لم تتلق أي طلب للترخيص ببيع المياه أو مراقبتها سواء من التجار أو من مديريات لها علاقة بالأمر، بينما طالبت مصلحة حشد الماء التابعة للمديرية، من تجار الماء، إنهاء حالة الفوضى والمتاجرة بالماء، مؤكدة على الراغبين في الاتجار بالماء، بأن عليهم التقيد بالشروط القانونية، والتي أساسها الحصول على رخصة التزوّد بالماء الموجه للاستهلاك البشري، بواسطة الصهاريج المتحركة، وقالت بأن أي تاجر لا بد أن تكون له رخصة قانونية، وأن هذه الرخصة لا تمنح إلا بشروط، وأبرزها معلومات دقيقة، عن هوية التاجر، وتعيين نقطة استخراج الماء التي تحددها الإدارة، مع وجود بطاقة وصفية للصهريج، من حيث الشكل والحجم، ونوع المادة المنجز بها، والذي يجب أن يتوفر على عدة شروط كذلك، تحددها الإدارة، مع كشف التحاليل الكيميائية والفيزيائية للماء، لكل نقطة بمخبر معتمد.
وبينما يتواصل البيع بشكل يومي من خلال مكبرات الصوت التي تملأ مختلف الفضاءات،ق ال مصدر من مديرية الري، بأن المديرية ستمهل في الأيام القادمة، أصحاب الشاحنات مدة زمنية وجيزة لتقديم الطلبات ومنح الرخص القانونية أو سيحال ملف كل متجاوز إلى المصالح الأمنية والقضائية.
أما أصحاب الشاحنات والصهاريج، من الذين تحدثت إليهم الشروق اليومي، فقالوا بأن الحصول على الترخيص سيجرهم إلى إجراءات وتعقيدات إدارية، وقالوا بأن العملية وراءها أطراف ليس من مصلحتها بيع الماء بثمن 3 دج فقط، كما اعترف آخرون ببعض التجاوزات والاحتيال، وبأنهم سيسعون للحصول على أجود المياه وبيعها بطريقة قانونية، ووصفوا قرار مديرية الري بالصائب، ولكنه جاء متأخرا، وكان من المفروض أن يكون قبل هذا الوقت، لأن المئات من العائلات صارت تعيش من بيع المياه.
المصدر: الشروق اليومي،
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس