هل انكمشت كتلة الأحرار في البرلمان؟

4
هل انكمشت كتلة الأحرار في البرلمان؟
هل انكمشت كتلة الأحرار في البرلمان؟

محمد الفاتح عثماني

أفريقيا برس – الجزائر. تشهد كتلة الأحرار بالمجلس الشعبي الوطني، في الأشهر الأخيرة، “تآكلا” من حيث رصيدها ورمزيتها التي كانت محاطة بها في البدايات، عندما اختارها العشرات من المترشحين والمتحزبين، لتكون “صهوتهم” في الانتخابات التشريعية، انسجاما مع توجهات تلك المرحلة، التي كانت تشجع الأحرار والمجتمع المدني وتتفادى الأحزاب التي كانت في محل تذمر شعبي غير مسبوق، برز جليا في مسيرات الحراك الشعبي.

يتواجد الأحرار في المركز الثاني من حيث ترتيب الكتل البرلمانية، وتمكنوا حتى من الاستئثار برئاسة الغرفة السفلى، لإبراهيم بوغالي، الرئيس الحالي للمجلس الشعبي الوطني، غير أنه بمرور الأيام، شهدت الكتلة “انتقالات” عديدة إلى الأحزاب النشطة في البرلمان، على غرار جبهة المستقبل وحزب التجمع الوطني الديمقراطي وحتى حركة مجتمع السلم. إلى جانب بروز تقييم في الممارسة البرلمانية من داخل كتلة الأحرار، يفيد بارتسام صورة تعكس أن البرلماني بحاجة دائما إلى انتماء حزبي وحاضنة سياسية.

وانطلاقا من هذا التشخيص المحتمل، يرى مسؤول برلماني، فضل عدم نشر اسمه، أن الترشح بشكل مستقل وحر عن الأحزاب موقف سليم ومحترم، غير أنه لا يمكن أن يجسد مشروعا سياسيا قائما بذاته، مثلما يمكن ذلك بالنسبة للأحزاب العقائدية، على الرغم من أن هذه الأخيرة في البلد لا تحمل مشاريع سياسية وتصورات بديلة يمكن الاسترشاد بها والالتفاف حولها.

وما يعزز هذا الافتراض، في نظر المسؤول، تسجيل العديد من حالات التحزّب وسط الأحرار، لافتا إلى أن الكثير من الأحرار في أصلهم كانوا متحزبين وغادروا لضمان حظوظهم في الانتخابات التشريعية، في ظل الرفض الشعبي للأحزاب الذي كان سائدا يومها، وأيضا التدافع الذي يحصل في التشكيلات الحزبية أثناء ضبط القوائم.

وبالنسبة لمستقبل الأحرار في الممارسة البرلمانية، لا يزال محل قصور في بلورة تصور مشترك، في ظل ضعف التأطير والتطوير، بالرغم من أن المتداول في البداية كان يتحدث عن مساع للتحول إلى “حزب الرئيس”، لكن الفكرة لم تتجسد وظلت في حالتها الجنينية.

وعلى مستوى محلي أيضا، سجلت الأحزاب السياسية انضمام والتحاق العديد من المنتخبين الأحرار في السنوات الأخيرة، وهو ما يراه مراقبون أنه انضمام شكلي وإجرائي، أكثر منه عقائدي أو عودة لهم بعدما ترشحوا تحت عباءة القائمة الحرة، لضمان مقعد في المجالس الشعبية على مختلف مستوياتها.

وكان الأمين العام الجديد للتجمع الوطني الديمقراطي، منذر بودن، قد تفاخر بانضمام العديد من المترشحين الأحرار إلى الحزب، وأرجع ذلك إلى “جاذبية الحزب للإطارات والتشبيب الذي يشهده وغيرها من الدواعي”.

وبدرجة أقل، شهدت جبهة المستقبل الظاهرة نفسها، وأيضا حزب جبهة التحرير الوطني وحركة البناء الوطني. وبالاستفسار لدى الأحزاب والحركات السياسية، حول ما إذا كان الأمر يتعلق بحالات معزولة ونادرة، أم أنه سلوك جماعي، لديه مبررات ودوافع موضوعية، يتبين أن المسألة تندرج في إطار “ماركتينغ” سياسي.

فـ”الأفالان” يتحدث عن تسجيل ما يقارب الـ1100 منتخب انتسبوا مؤخرا للتشكيلة الحزبية في العهدة الحالية، بعدما كانوا يحملون صفة الأحرار. ويرى الحزب بأنها “إضافة نوعية”.

وبالنسبة لخلفيات الظاهرة، اعترفت القيادة بأن ذلك يتم بدافع الانضمام إلى “حزب كبير يمنحهم فرصة أكبر في التواجد في المجالس وخدمة المواطنين، وللاستفادة من غطاء حزبي سياسي يدافع عنهم في حالة تعرضوا إلى ضغوطات”.

أما حركة مجتمع السلم، فتتعامل مع المسألة بمنطق آخر، يمزج بين الرفض والقبول، فهي تقول على لسان نائب رئيسها، ناصر حمدادوش، إن الأصل أن الحركة لا تؤيد ظاهرة التجوال السياسي، وهي تحترم الإرادة الشعبية في انتخاب هؤلاء الأحرار كأحرار، معتبرة هذا التنوع في الكتل الانتخابية في المجالس المنتخبة ظاهرة صحية”.

ويضيف حمدادوش، في تصريح سابق عن الظاهرة، أن المنطق يفرض تحالفات في تحقيق الأغلبية فيها، وصناعة الأغلبية التي تسيِّر هذه المجالس من أجل خدمة المواطن والنجاح في استحقاق التنمية، مفضلا أن يكون الانفتاح على هؤلاء الأحرار قبل الانتخابات، واستيعابهم في قوائم الترشح، ومرافقتهم في مسيرتهم الانتخابية.

وأكد حمدادوش أنهم يرحبون بأي إضافة نوعية، بما ينسجم مع مبادئ وأهداف وبرنامج وأدبيات الحركة، عملا بالديمقراطية، بوصفها تنافس الأفكار والمشاريع بين الأحزاب ذات المسؤولية التنظيمية والسياسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here