وساطة جزائرية في أوكرانيا… الممكن والمستحيل

10
وساطة جزائرية في أوكرانيا... الممكن والمستحيل
وساطة جزائرية في أوكرانيا... الممكن والمستحيل

عثمان لحياني

أفريقيا برس – الجزائر. تُعرَف السياسة بأنها فن الممكن، والممكن في الغالب ليس هو المستحيل. فقد اختار وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، لجولته الأوروبية، عنوان الوساطة لوقف الحرب في أوكرانيا، وهو عنوان يمكن أن يُفهَم على أنه محاولة جزائرية لإعطاء زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو، بُعداً مختلفاً عن كل القراءات الغربية التي وضعت الزيارة ضمن تمركز جزائري لصالح موسكو.

تُدرك الجزائر أن الوساطة السياسية، خصوصاً في حالة نزاع حاد ومعقد ومتداخل، كالذي يحصل بين روسيا وأوكرانيا، لها شروط أولها المسافة المعقولة بين طرفي النزاع، والموقف المحايد، والقبول لدى الطرفين بقدر يمنح الفرصة للوسيط لطرح أفكاره. وتدرك الجزائر أن هذه الشروط غير متوفرة في الجزائر بالقدر الكافي في الوقت الحالي. وإذا كانت موسكو لا ترى مانعاً في الوساطة الجزائرية، فإن الغرب يرى بها موانع كثيرة.

لا شك أن الدبلوماسية الجزائرية تتكئ على رصيد تاريخي من النجاحات في الوساطة وحلّ معضلات دولية؛ أزمة الرهائن في طهران عام 1979، واتفاق الجزائر بين العراق وإيران عام 1975، والاتفاق بين أريتريا وإثيوبيا عام 2000، واتفاق الجزائر للسلام في مالي عام 2015.

لكنها وساطات تمت في سياقات مختلفة، بعضها كان فيه المخزون الثوري للجزائر ناجعاً، وبعضها كانت ذات سياقاته الإقليمية تملك فيها الجزائر مداخل ومفاتيح، بينما في الحالة الأوكرانية المعقدة، لا المداخل متاحة ولا مفاتيح على الكف.

يمكن اعتبار تصريح وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته مع نظيرها الجزائري في برلين أخيراً، إعلان رفض غربي صريح للوساطة الجزائرية، لكونها بنظر الغرب لا تسمي الأشياء بمسمياتها. بيربوك قالت إن “الموقف بيننا (الجزائر وألمانيا) بشأن أوكرانيا متباعد، فأنا أضغط في المناقشات للتفكير في ما قد يعنيه عدم تسمية المعتدي، وإذا أردنا السلام فنحن بحاجة معاً لتسمية المعتدي”.

يحمل تصريح وزيرة الخارجية الألمانية موقفاً سياسياً واضحاً ولوماً للجزائر، لعدم إدانتها اعتداء دولة على أراضي دولة سيدة. وفي الواقع من حيث المبادئ المؤسِسة للسياسة الخارجية الجزائرية، فإن الموقف الجزائري الذي لا يدين الاعتداء الروسي على أراضي دولة أخرى، هو “تسلل” عن هذه المبادئ، وانحياز لحليف استراتيجي وللاعتبارات التي تزعم تفهّم حاجيات الأمن القومي لروسيا، وهو موقف يعيد إلى حد ما الموقف الجزائري المشوّش نفسه من غزو العراق للكويت صيف 1990.

عملياً، يشبه حديث الجزائر عن وساطة لحلّ الأزمة في أوكرانيا المستعصية، إعلانات سابقة لوزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة عام 2021، عن عزم الجزائر القيام بوساطات لحلّ أزمة اليمن، وأزمة سدّ النهضة، وهي إعلانات ظلت تصريحاً في قناة وسطراً في صحيفة، لسبب أنه لا المفاتيح في الكف ولا المداخل متاحة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here