15 ملفا ثقيلا على طاولة حكومة سيفي غريب

4
15 ملفا ثقيلا على طاولة حكومة سيفي غريب
15 ملفا ثقيلا على طاولة حكومة سيفي غريب

أفريقيا برس – الجزائر. باشر الوزراء الجدد، الاثنين، مهامهم رسميا في الحكومة بقيادة الوزير الأول سيفي غريب، الذي افتتح أشغال الدورة البرلمانية لسنة 2025/2026 في أول نشاط رسمي له، ساعات بعد تثبيته في منصب رئيس الجهاز التنفيذي، ويفترض أن يعكس هذا الانطلاق ديناميكية جديدة في عمل الحكومة، تستند إلى رؤية أكثر وضوحا لضبط الأولويات ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي رسم خطوطها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

وتتمحور أولويات الأجندة الحكومية، وفق خبراء حول 15 ملفا استراتيجيا، في مقدمتها تنويع مصادر النمو، التحرر من عباءة المحروقات، استقطاب الاستثمارات، دعم التحول نحو اقتصاد ناشئ يقترب من سقف 400 مليار دولار كناتج محلي إجمالي في ظرف سنتين، أي بحلول عام 2027، وفق ما سبق أن تحدّث عنه رئيس الجمهورية، وهو أبرز تحدّ.

كما تتوزع الأولويات بين النهوض بالصناعة وعصرنة الفلاحة باعتبارهما رافعتين أساسيتين للاقتصاد، خلق مناصب شغل، توسيع قاعدة الإنتاج المحلي وتعميم الرقمنة، الاستثمار في الطاقات المتجددة، تطوير السياحة وعصرنة الخدمات، فضلا عن مواصلة تلميع مناخ الأعمال ومحاربة الاقتصاد الموازي، وضمان الأمن الغذائي والحرص على الوفرة في الأسواق ومواصلة مشاريع السكن.

من التصنيع إلى “جي 5”.. ورشات مفتوحة تنتظر الميدان

وبهذا الصدد، قال المستشار الدولي في التنمية الاقتصادية عبد الرحمان هادف إن تعيين سيفي غريب وزيرا أول جاء في ظرف سياسي واقتصادي دقيق يتطلب وضوحا في الخيارات، وتسريعا في وتيرة الإصلاحات، فالحكومة المقبلة حسبه، ستكون مطالَبة بفتح ملفات استراتيجية معقدة، في مقدمتها الانتقال نحو نموذج تنموي مستدام قادر على التوفيق بين النمو، العدالة الاجتماعية وحماية البيئة، مع وضع أسس لتحول هيكلي طويل المدى.

وفي الملف الصناعي، اعتبر هادف أن للعودة إلى صدارة النمو يبقى التصنيع التحدي الأبرز، باعتباره رافعة أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني، كما أن تراجع مساهمة الصناعة التحويلية من 18 بالمائة في الثمانينيات إلى أقل من 5 بالمائة اليوم يعكس الحاجة إلى سياسة صناعية واضحة تعيد لهذا القطاع مكانته كقاطرة للتنمية، مشدّدا على أن القطاعات ذات الأولوية عديدة وهي الصناعات الصيدلانية، الغذائية، الرقمية، الكهربائية والطاقات المتجددة، وكلها تتطلب حكامة قوية توازن بين الاستغلال الأمثل للإمكانات الوطنية ومواجهة المنافسة الدولية.

وتحدث هادف أيضا عن مواصلة الرقمنة عبر الثورة التكنولوجية الخامسة وضرورة مواكبة التحول العالمي، إذ يدخل العالم اليوم مرحلة الثورة الصناعية الخامسة بتفوق واضح للذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيات الجيلين الخامس والسادس المفتوحة والتي باتت محددات رئيسية للتطور، وهنا يفرض الواقع على الجزائر الاستثمار الجاد في هذه المجالات، مع اعتماد معايير مثل الابتكار، التصدير، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة كمعايير لتأهيل ودعم المؤسسات الوطنية.

وعاد الخبير للحديث عن أهمية مواصلة حل ملفات العقار الصناعي والمناطق الاقتصادية الخاصة وهي إحدى الأولويات العاجلة عبر إعادة هيكلة منظومة العقار الصناعي، فاعتماد مناطق اقتصادية خاصة قادرة على جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا أصبح ضرورة، خاصة أن التجارب العالمية على غرار شينزن في الصين، أولسان في كوريا الجنوبية، كاتوفيتسه في بولندا، أثبتت فعاليتها في دمج الدول في سلاسل القيمة العالمية، إذ أن الجزائر يمكنها تكرار هذه النجاحات مع تكييف النموذج لخصوصياتها الوطنية.

وشدد المتحدث أنه لا يمكن لأي تحول اقتصادي أن ينجح دون إصلاح جذري في المنظومة البنكية والمالية، معتبرا أن المطلوب هو تحديث القطاع البنكي، تفعيل السوق المالية، وإعطاء بورصة الجزائر دورا محوريا في التمويلات البديلة، كما أن إنشاء صناديق استثمارية قطاعية في الطاقات المتجددة، الدواء، والرقمنة سيوفر قاعدة تمويل مستدامة ويقلل الاعتماد المفرط على القروض البنكية التقليدية ملحا أيضا على أهمية الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، بحكم أن القوة الاقتصادية اليوم تُقاس بمدى قدرة الدول على التموضع داخل شبكات الإنتاج العابرة للحدود.

وبالنسبة للجزائر، فإن استهداف مواقع استراتيجية في سلاسل القيمة خصوصا في الطاقات النظيفة، الصناعات الغذائية والدوائية، والرقمية سيفتح الباب لتحقيق إنجازات أكبر.

رفع البيروقراطية وبعث الصناعة والفلاحة.. أولويات عاجلة

وفي تصريح الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش، أكد أن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الوزير الأول سيفي غريب، يأتي في ظرف سياسي حساس يسبق استحقاقات تشريعية هامة عام 2026، وفي سياق اقتصادي يتطلب تجاوز التبعية للمحروقات عبر تنويع مصادر الدخل وتعزيز الصناعة والفلاحة والسياحة واقتصاد المعرفة.

وأوضح بريش أن التحديات المطروحة عديدة، أبرزها تسريع تنفيذ برنامج الرئيس تبون، إصلاح الإدارة الاقتصادية والتخلص من البيروقراطية، دعم الاستثمار والقطاع الخاص، استحداث فرص عمل للشباب، تقليص الفوارق التنموية بين الولايات، وإحداث وثبة اجتماعية حقيقية يلمسها المواطن في حياته اليومية خاصة في التربية، الصحة، السكن والنقل.

وأشار المتحدث إلى أن الجزائر تملك إمكانيات هائلة للانطلاقة الجديدة، سواء في الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، أو عبر موقعها الجيوستراتيجي الذي يؤهلها لتكون منصة تجارية إفريقية ومتوسطية، إضافة إلى التحول الرقمي واستقطاب الكفاءات الوطنية.

وشدّد بريش على أن نجاح الحكومة لن يُقاس بتركيبتها بل بقدرتها على إعداد برنامج ومخطط عمل واقعي مستمد من توجيهات رئيس الجمهورية، يُعرض على البرلمان في الآجال الدستورية، بما يرسخ الشفافية ويعزز الثقة بين الدولة والمجتمع، مضيفًا أن الحكومة أمام لحظة اختبار حاسمة: إما تحقيق وثبة تنموية واجتماعية، أو الوقوع في فخ البيروقراطية والتسيير التقليدي.

سنتان للتحوّل إلى دولة ناشئة بـ400 مليار دولار ناتج محلي خام

وفي سياق متصل، صرّح عضو مجلس الأمة سعدون مولاي أن الأولويات المطروحة على طاولة الحكومة الجديدة واضحة ومحددة في رؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إذ تقوم على بناء ترسانة قوية من القوانين الاقتصادية والاستثمارية، تكون قادرة على مواكبة التحولات الداخلية والخارجية، وأوضح أن تجاوز حاجز الاعتماد المفرط على ريع المحروقات، الذي شكّل لسنوات عائقا أمام نمو المؤسسات الوطنية، يتطلب تطبيقا صارما للتوجيهات الرئاسية، عبر تنويع مصادر الدخل والرهان على الفلاحة والصناعة كقاطرتين أساسيتين.

وأضاف المتحدث أن الفلاحة تمثل أولوية استراتيجية في المرحلة الراهنة، باعتبارها الضامن الحقيقي للأمن الغذائي، حيث يتعين توفير الكهرباء، المياه، والأسمدة للفلاحين، بما يعزز الإنتاج الوطني ويقلل من الاستيراد، وأكد أن الطموح اليوم هو بلوغ ناتج محلي إجمالي يلامس 400 مليار دولار، وهو ما سيضع الجزائر في مصاف الدول الناشئة.

كما شدّد سعدون مولاي على أن الظروف الجيوسياسية الراهنة والتغيرات الدولية فرضت إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي، من خلال استحداث حقائب وزارية وإلغاء أخرى، في إطار تقسيم جديد يتماشى مع متطلبات المرحلة، وأضاف أن من صلاحيات رئيس الجمهورية رسم السياسات الكبرى للحكومة، التي ترتكز على فتح المجال أمام الشباب، دعم الاستثمار، وتشجيع التصدير، نحو الأسواق الإقليمية والدولية.

وختم عضو مجلس الأمة تصريحه بالتأكيد على أن هذه الإصلاحات لن تتحقق إلا في ظل الاستقرار الأمني الذي تنعم به البلاد، والذي يشكّل القاعدة الصلبة لبناء اقتصاد متنوع، قوي ومستدام.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here