الجزائر تدافع عن قرار ترحيل المهاجرين السريين

1
الجزائر تدافع عن قرار ترحيل المهاجرين السريين
الجزائر تدافع عن قرار ترحيل المهاجرين السريين

أفريقيا برس – الجزائر. لم يمانع الرئيس الجزائري من استقبال بلاده لمهاجرين من منطقة الساحل وجنوب الصحراء بغرض العمل، لكنه اشترط التنظيم والتدقيق في العملية، تفاديا لاستغلال الهجرة لأغراض أخرى، كما شدد وزير الاتصال على ضرورة عدم انجرار الاعلام المحلي وراء التقارير المغلوطة، ويأتي ذلك غداة تجدد الانتقاد في الأوساط الحقوقية، حول ما تصفه بالظروف غير الإنسانية التي يعيش أو يرحل فيها هؤلاء.

استغل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، فرصة لقائه مع فعاليات المجتمع المدني بمدينة بشار، على هامش الزيارة التي أداها الى المحافظة الواقعة في أقصى الجنوب الغربي للبلاد، للادلاء بموقف بلاده، تجاه ما يثار حول ترحيل مواطنين أفارقة ينحدرون من دول الساحل وجنوب الصحراء.

وأكد الرئيس تبون، أن “الجزائر لا تمانع في استقبال العمالة الافريقية، بالنظر الى حاجة بعض القطاعات على غرار الزراعة والبناء، لكن في اطار منظم ودقيق، لتفادي موجات الهجرة التي صارت تستغل لأغراض أخرى تتحول الى عبء أمني على الدول المستقبلة”.

ولفت الى أن الجزائر لا تريد أن تتحول الهجرة السرية الى مشاكل أمنية، في ظل وجود جهات تريد استغلال هؤلاء لزرع خلايا تنشط لغرض المساس بأمن واستقرار البلاد، أو بناء شبكات تجسس، وأنه الحاجة الى يد عاملة أفريقية مرحب بها في ظل احترام القانون والشروط اللازمة.

وأعاب الرئيس الجزائري، على السلطات النيجيرية، “خروجها من الاتفاق المبرم بين البلدين بشأن الهجرة السرية وتنقل الأفراد، حيث لم يعد الأمر مجرما في القانون المحلي، منذ قدوم السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد، الأمر الذي يفتح المجال أمام موجات محتملة ستحمل معها أخطار على البلاد”، وهو ما يوحي الى أن الجزائر لم تجد الطرف النظير لمعالجة المشكلة معه”.

وأفاد المحلل السياسي محمد أوديع، بأن الظاهرة تعمقت في السنوات الأخيرة، حيث تحولت الهجرة الافريقية الى شبكات تمتهن حرفا محظورة، لاسيما التوسل في الطرقات والأماكن العامة، وتهدد الأمن العام من خلال اعتداءات تسجل تباعا على الأشخاص والممتلكات، مما يستدعي وضع خطة لضبط الوضع وتنظيم العملية.

ولاحظ المتحدث، مع “أفريقيا برس”، بأن “المتابع للظاهرة يستنتج وقوف شبكات خفية وراء قدوم آلاف المهاجرين السريين الى الجزائر، وذلك من خلال الانتشار في مختلف المدن والمحافظات، وظهور أطفال قصر يتم استغلالهم في التسول عبر الشوارع والساحات العامة، ولذلك فان المصالح المختصة مطالبة بتأطير الظاهرة وتحديد هوية هؤلاء، قبل أن تتحول الى جزء من المشهد العام”.

وأضاف: “لا ينكر أحد أن الهجرة الأفريقية الى الجزائر، قدمت خدمة للاقتصاد الوطني، من خلال العمالة المنخرطة خاصة في قطاعات البناء والزراعة، ولذلك يتطلب الأمر ضبط العملية لضمان حقوق هؤلاء ووضعيتهم الإدارية داخل البلاد”.

وحول الانتقادات التي توجهها دوائر حقوقية للسلطات الجزائرية، حول ظروف وكيفية ترحيل هؤلاء، يقول المتحدث، بأن “الطابع السري لهؤلاء المهاجرين يعقد العملية على المصالح المختصة، ورغم ذلك يتم الحرص على توفير الظروف اللائقة لتجميع ونقل هؤلاء الى غاية النقطة الصفر، وأن تنصل الطرف النيجيري من الاتفاق المبرم بين البلدين حول الهجرة، جعل الجزائر لا تجد النظير المناسب للتنسيق والتعاون في هذا المجال”.

وذكرت منظمة “هاتف انذار الصحراء”، المهتمة بشؤون الهجرة السرية، خاصة تلك التي تتم انطلاقا من دول الساحل وجنوب الصحراء، نحو دول شمال افريقيا بغرض الاستقرار أو الاستمرار نحو السواحل الأوروبية عبر حوض المتوسط، بأن ” السلطات الجزائرية قامت في وقت سابق هذا الشهر بحملة ترحيل غير مسبوقة، حيث ألقت القبض على أكثر من 1800 مهاجر وتركتهم عند الحدود مع النيجر.

وقالت في تدوينة لها على صفحتها الرسمية في الفيسبوك، بأنه “تم نقل المهاجرين بحافلات إلى منطقة صحراوية نائية تعرف باسم “النقطة صفر”، بعد القبض عليهم في مدن جزائرية.

وأوضحت المنظمة التي تتخذ من النيجر مقرا لها، بأن “هؤلاء المشاة هم مهاجرون أفارقة، غالبيتهم من غير النيجريين، وقد تمّ إنزالهم في نقطة الصفر، وهي منطقة صحراوية تمثّل الحدود بين البلدين، وكان عليهم أن يسيروا 15 كيلومترا للوصول إلى أساماكا في ظروف جوية قاسية”.

وصرح المنسق الوطني للمنظمة التي تتخذ من النيجر مقرا لها عبد العزيز شيخو، بأنه “تم إحصاء 1845 مهاجرا لا يتمتعون بوضع قانوني في الجزائر، لدى وصولهم إلى مدينة أساماكا الحدودية في النيجر بعد الطرد الجماعي في 19 أفريل الجاري، وأن ذلك رفع العدد الإجمالي للمهاجرين المرحلين الذين وصلوا إلى أساماكا خلال هذا الشهر إلى أكثر من أربعة آلاف شخص.

وذكرت قناة “تيلي ساحل”، بأن “الجزائر، كعادتها، أي في ازدراء للقوانين والاتفاقيات الإفريقية والدولية، قامت بترحيل آلاف المواطنين الأفارقة من بينهم نيجريون”.

ونقلت عن مسؤولين أمنيين في مدينة أساماكا النيجرية الحدودية مع الجزائر: “من الأول من أفريل 2025 إلى 21 منه، تمّ ترحيل 2753 نيجريا، بينهم 308 قاصرين، من الجزائر”.

وقالت: “المهاجرون النيجريون وصلوا فيما يسمى القوافل الرسمية، أي أنّه تمّ نقلهم في سيارات واستُقبلوا في أساماكا من قبل السلطات المحلية، بموجب اتفاقات بين البلدين”.

ومن جهته يواصل وزير الاتصال محمد مزيان، حملة تعبئة قطاع الاعلام في الجزائر، من أجل ما أسماه بـ “تكوين الجبهة الداخلية”، وحض العاملين في القطاع على التجند من أجل تسويق صورة إيجابية عن البلاد، والى “عدم الانجرار وراء التقارير المغلوطة”، ويقصد بها الانتقادات الحقوقية، وحتى بعض المحتويات الالكترونية التي تستهدف تشويه سمعة وصورة البلاد، عبر التسويق لصور ترحيل المهاجرين السريين.

ويرى المحلل السياسي محمد أوديع، في تصريحه، لـ “أفريقيا برس”، بأن “الظاهرة باتت تشكل خطرا حقيقيا على المنطقة، سواء من الناحية الإنسانية بالنظر لظروف الهجرة عبر الصحراء، أو من الناحية اللوجيستية لدول الشمال الافريقي بشكل عام، خاصة في ظل الاستغلال المغرض لها في سياق تجاذبات سياسية وحقوقية إقليمية، ولذلك فان الظاهرة في حاجة لتنسيق وتعاون بين جميع الأطراف، خاصة حكومات الساحل والشمال الافريقي”.

ونظمت الجزائر منذ مطلع الشهر الجاري عمليات ترحيل للمهاجرين السريين من دول الساحل وجنوب الصحراء، حيث لوحظت عملية توقيف وتجميع لهؤلاء في مراكز مختصة، ونقلهم عبر حافلات منها نحو الحدود البرية الفاصلة بينها وبين النيجر على مسافة تفوق 2000 كلم.

وتزامنت الحملة، مع تصاعد حالة الاحتقان السياسي والديبلوماسي الناجم عن اسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة مالية مطلع الشهر الجاري، وما تبعها من قرارات تصعيدية بين الجزائر ودول الساحل، على غرار سحب السفراء وغلق المجال الجوي المتبادل بين الطرفين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here