بشير مصيطفى: صناعة الغد لمواجهة التحديات والصدمات

92
بشير مصيطفى: صناعة الغد لمواجهة التحديات والصدمات
بشير مصيطفى: صناعة الغد لمواجهة التحديات والصدمات

أفريقيا برس – الجزائر. تم تأسيس مبادرة “صناعة الغد” الجزائرية بقيادة الخبير والوزير السابق بشير مصيطفى، وتضم نخبة من وجوه المجتمع العلمية والأكاديمية والفكرية.

تهدف المبادرة إلى تهيئة المجتمع والمؤسسات الرسمية لمواجهة التحديات المتوقعة والصدمات غير المتوقعة من خلال إعداد خارطة طريق تشمل مختلف القطاعات، عبر برنامج يقظة دائمة يهدف إلى ابتكار الحلول وتقديم البدائل.

تعتمد المبادرة على استشراف المستقبل كنمط تفكير واجتهاد، وتنطلق من قراءة شاملة ودقيقة للواقع، مما يساعد على استقطاب الكفاءات والطاقات على المستويين المركزي والمحلي. يتمحور الهدف في تشخيص المشكلات وتقديم الحلول في إطار التعاون مع دوائر القرار، دون أن تكون بديلاً ينافس على المناكفات السياسية والرسمية.

ولتفاصيل أكثر حول أهداف وطبيعة المبادرة، أجرت “أفريقيا برس” حواراً مع مؤسسها بشير مصيطفى.

سجلت مبادرة “جزائر الغد” حراكا لافتا في الآونة الأخيرة، فهل وضعت القارئ الافريقي والعربي في صورة المبادرة، من حيث التعريف، أسباب الميلاد، الدور، الأهداف.. وغيرها.

صناعة الغد فكرة جزائرية نشأت باستلام صاحبها الوزير الأسبق للاستشراف والاحصائيات بشير مصيطفى، منصب مدير الاستشراف والاحصائيات بوزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العام 2000 أي قبل ربع قرن. ثم تبلورت الفكرة أكثر عندما عين بشير مصيطفى كاتبا للدولة لدى الوزير الأول مكلفا بالاستشراف والاحصائيات العام 2012. وفعليا تم تحويل الفكرة الى مبادرة جمعوية سميت مبادرة صناعة الغد العام 2014 بعد صدور الكتاب الأول لفكرة صناعة الغد العام 2013 بعنوان (صناعة الغد) وهو الكتاب الذي تم تكريم مؤلفه بشير مصيطفى من طرف المجلس الأعلى للغة العربية (رئاسة الجمهورية الجزائرية).

انطلقت مبادرة صناعة الغد بخطة مدروسة ( 2014-2024 ) تضم: ندوات نقاش حول مشكلات التنمية في الجزائر عبر رؤية الاستشراف واليقظة الاستراتيجية وتعقد هذه الندوات بالعاصمة وبالولايات الداخلية والجامعات – خطة عشرية لعشر سنوات ( 2014-2024 ) يتم خلالها نشر كتاب واحد في كل عام حتى بلغ عدد مؤلفات المبادرة (سلسلة صناعة الغد) 10 عناوين باللغتين العربية والفرنسية تضم حلول التنمية والنشوء برؤية الاستشراف واليقظة الاستراتيجية، فضلا عن المقال الأسبوعي بيومية ( الحياة ) تحت عنوان (صناعة الغد)، وبرنامج اذاعي بالإذاعة الجزائرية (القناة الثقافية) بعنوان (صناعة الغد). وتأسيس جمعيات ولائية عبر كافة ولايات الجزائر تحت مسمى (جمعية صناعة الغد الولائية) وقد تم لحد الساعة اعتماد 35 جمعية ولائية، بما فيها جمعية صناعة الغد العاصمة، وهناك 20 جمعية ولائية في طور الاعتماد، كما تم نشر المبادرة في أوساط الجالية في كل من أوربا (باريس- المانيا) والشرق الأوسط (القاهرة) والمغرب العربي (تونس) وأمريكا الشمالية (كندا) وتم فعليا اعتماد جمعية صناعة الغد تونس، والحفل السنوي الكبير الذي يتوج فعاليات المبادرة خلال السنة والاحتفاء بكتاب المبادرة السنوي.

أهداف المبادرة تتمحور حول:

– تنمية وعي المواطن بضرورة مساهمته في تنمية الولاية ودعم السياسات العمومية للدولة بما يساعد على رسم مستقبل أكثر ازدهارا للسكان.

– تنمية روح التضحية والتفاني في خدمة الصالح العام ورفع التحديات المستقبلية في مجال التنمية المحلية.

– نشر ثقافة الاستشراف بين المواطنين ومساعدة الشباب على رسم مستقبلهم بأيديهم بواسطة العمل وحب الوطن.

– المساهمة في غرس الروح الوطنية وروح المواطنة بما يسمح ببناء مستقبل مستقر وآمن.

– دعم التواصل مع الشباب من خلال الحوار حول قضايا المستقبل ذات العلاقة بتنمية الولاية.

– تنمية روح التعاون والتضامن ومساعدة المحتاجين ونشر ثقافة التسامح والسلم بما يسمح بتأمين مستقبل التنمية المستدامة في الولاية.

– المساهمة في جمع البيانات والاحصائيات المستقبلية عن عوامل تنمية الولاية ومساعدة السلطات المحلية في التحسيس بموضوعات المستقبل.

وفي المحصلة انتاج حلول عملية بمساهمة المجتمع المدني لتعزيز المسار الوطني للتنمية والنشوء في آفاق العام 2044 (خطة عشر سنوات عشر سنوات ابتداء من 2014).

وبعد عشر سنوات من اطلاق مبادرة صناعة الغد العام 2014 تم تقييم الحصيلة التي كانت مشجعة حيث تمكنا من نشر ثقافة الاستشراف واليقظة وسط المواطنين وتحقيق معيارية التفاف النخبة حول فكرة (صناعة المستقبل)، تم تأسيس مؤسسة في اطار قانون الجمعيات الجزائري تحت بمسمى (المؤسسة الجزائرية صناعة الغد) العام 2025 وهي مؤسسة مزودة بخطة عمل عشرية (2025-2035) ورؤية مبنية على ثلاث بوابات:

– تحديد مشكلات التنمية الشاملة حاضرا ومستقبلا (2050)

– اعداد قواعد البيانات الاحصائية المحلية وتحليلها

– انتاج الحلول التقنية القابلة للتنفيذ بآليات مدروسة لحل تلك المشكلات واستباق المشكلات المتوقعة في المستقبل.

للمؤسسة هياكل معلنة هي: المكتب التنفيذي- المجلس العلمي- الهيئة الاستشارية- الفروع الجهوية- الكتاب السنوي المتضمن بحوث ودراسات الاستشراف- الكتاب السنوي المتضمن فعاليات المؤسسة خلال سنة- المجلة المحكمة نصف سنوية المتضمنة بحوث الاستشراف- نشرية اليقظة التي تنتج عن كل نشاط- فطور صباح الاستشراف الذي يعقد شهريا من فيفري 2025 الى ديسمبر 2035 يتناول بالتحليل والحل مشكلات التنمية حاضرا ومستقبلا آفاق 2050 في كل قطاعات النشاط الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية والروحية والبيئية والمالية والثقافية والصناعية والفلاحية وقطاع المؤسسات المنتجة والرقمنة.

لوحظ استقطاب لوجوه نخبوية من المجتمع في مختلف القطاعات ويجري هيكلتها على مستوى الولايات، ألا تخشون الانزلاق الى تجارب سابقة في المجتمع المدني، اهتمت بالمظهر على حساب المضمون؟

الانزلاق في العمل الجمعوي الطوعي أمر محتمل، ولكننا في صناعة الغد نعتمد على المورد البشري المتصف بالوطنية والحس المسؤول والتكوين العلمي المناسب وتثمين الطاقات من الشباب والاطارات عبر الولايات والجالية بالخارج. كما نعتمد على خطة وبرنامج مدروس مبني على جودة الأفكار وجودة أسلوب النشاط والمنهج العلمي الذي يستهدف اصطياد اشارات المستقبل وتحويلها الى حلول فنية استباقية لتجنب الصدمات.

المتابع لخطوات التأسيس، يلاحظ “اليقظة” كمبدأ ومعادلة وقاعدة، فهل تخططون لاطلاق أجراس انذار للمجتمع، أم بدائل تقدم للحكومة في القطاعات التي تحدثتم عنها؟

بالفعل خطة المؤسسة الجزائرية صناعة الغد، هي مساهمة بسيطة من مبادرة صناعة الغد لدعم جهود المخطط الوطني للتنمية من رؤية المجتمع المدني المتميز، والذي يتجاوز أسلوب النشاط الجمعوي التقليدي. انها محاولة لجمع الطبقة المثقفة بكل أطيافها حول فكرة واحدة هي صناعة المستقبل بعيون الحاضر، المبادرة ليست أبدا بديلا للحكومة بل داعما لها ولجهودها المهمة في تحقيق التنمية الشاملة لوطننا الحبيب.

مبادرة بهذا الحجم والزخم والنخبوية، قد تقع تحت طائلة الاختلاف حول برنامج اليقظة في أي مجال، فماهي هي قاعدة تقديم البديل أو الحل للمجتمع، وفق منطق علمي، بعيدا عن المزاج الشخصي أو الانحياز الوجداني، وسط كم هائل من نجوم المجتمع؟

نعتمد اليقظة الاستراتيجية كأداة للتخطيط الجمعوي، وهي أداة علمية مدروسة متعارف عليها في الدول الناهضة. فعاليتنا تغطي جميع قطاعات النشاط وبتدخل من الخبراء الذين يشرفون على هذه الفعاليات بأسلوب اليقظة: اصطياد اشارات المستقبل في كل قطاع- تحليل المعطيات البيانية والاحصائية المتعلقة بتلك الاشارات- انتاج الحلول والتوصيات الفنية لحل مشكلة حالية أو مستقبلية تجنبا لمخاطر المستقبل، بما في ذلك الصدمات المتوقعة.

برنامج اليقظة يقوم على الاستشراف وقراءة الحاضر والمستقبل، هل تملك مبادرة الغد، الآليات والقدرة البشرية واللوجيستية، لتقديم قاعدة بيانات وتوقعات مستقبلية للحكومة لمواجهة مختلف الانشغالات والاهتمامات، لاسيما وأن الحكومة نفسها أو المجتمع برمته لا يبدو مستعدا لقبول مقاربة الآخر؟

دور المجتمع المدني مهم كدور وظيفي لدعم واسناد جهود الحكومة في التنمية والتطوير. وأولويات الجزائر في حقل التنمية الذي تعمل مبادرتنا ومؤسستنا في اطاره هي: الطاقة والطاقة البديلة والطاقات المتجددة ولدينا في المؤسسة ورشة اليقظة الطاقوية- الفلاحة والتجديد الفلاحي المبني على التقانة العالية والرقمنة وأسلوب الزراعة البحثية المتقدمة ولدينا في المؤسسة ورشة اليقظة الفلاحية- الماء والري وتطوير السدود- البحث العلمي وتطوير أداء الجامعات والمدارس العليا ومؤسسات البحث العلمي التقاني- التماسك الاجتماعي وتعزيز روح المواطنة والتشابك بين الحكومة والقطاع الخاص.

التربية والتعليم والثقافة استباقا لقرن الفكرة الثقافية (القرن 22). وفي هذا الاطار تمتلك المؤسسة ورشة تفكير تحت عنوان (اليقظة التربوية) و(اليقظة الثقافية) وهما الورشتان اللتان أطلقنا فيهما عدة فعاليات نقاش خلال مرحلة المبادرة الأولى (2014-2024).

العالم يتخبط في مناخ جيوسياسي مضطرب، وفي هذه الحالة عادة ما تكون الدول والمجتمعات الضعيفة هي الضحية، ما هي برأيكم ماهي خارطة الأولويات بالنسبة للجزائر لمواجهة الوضع، وكيف يمكنها تحصيل مكان تحت الشمس؟

صحيح، العالم سيستمر في الصراع الاستراتيجي حول مصادر الثروة والقوة الاقتصادية حتى العام 2100 وهو حد (الفكرة الاقتصادية التجارية). والجزائر في مواجهة تداعيات هذا الصراع الذي يستهدف دول الجنوب المرشحة للصعود الاقتصادي معنية بما يلي:

استكمال مخططها التنموي بادارة قيادتها الراشدة والمدركة- تعزيز التماسك الاجتماعي المبني على الوحدة الوطنية- تطوير البنى والهياكل القاعدية كثيفة الاستثمار- لامركزية حلول التنمية والنظر جنوبا لما تزخر به ولايات الجنوب من مقدرات- اعتناق وبقوة أسلوب اليقظة الرقمية والذكاء والحلول المبتكرة في تصميم وتنفيذ المشاريع- النهوض بالعائلة الجزائرية والفرد الجزائري بتحويلهما من أداة استهلاك فقط الى اداة انتاج والى رأس مال اجتماعي- تحديد مشكلات المستقبل في كل قطاعات النشاط والمجتمع ذات العلاقة بتطور عدد السكان والعائلات وتصميم الحلول الفنية لمعالجتها قبل وقوعها.

نعم المستقبل محفوف بالمخاطر، وهذه سنة العلاقات الدولية، ولكن التفكير باليقظة الاستراتيجية كاف لتموقع أحسن للدول وسط الخارطة الدولية، بما فيها الجزائر ذات التقاليد التاريخية العريقة في حقل التفوق في منطقة المتوسط وشمال افريقيا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here