أفريقيا برس – الجزائر. يتحدث سفير الاتحاد الأوروبي بالجزائر، دييغو ميادو، في حواره مع “الشروق”، عن أفق التعاون بين الجزائر وبروكسل، وتطورات قضية إعادة النظر في اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو عقدين، والتزامات الاتحاد الأوروبي بالاستثمار وتحويل التكنولوجيا إلى الجزائر، كما يتناول التعاون والتنسيق بين الجزائر وبروكسل بخصوص الاستقرار في منطقة الساحل، والتي تشهد حالة من الهشاشة الأمنية والصعوبات الاقتصادية.
كيف تقيمون واقع العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي سعادة السفير؟
أعتقد أن العلاقات بين الطرفين تمر بمرحلة مهمة للغاية ومكثفة جدا. كانت هناك مؤخرا زيارة رفيعة المستوى إلى الجزائر قبل نحو أسبوعين، قام بها المدير العام لشؤون البحر الأبيض المتوسط، الذي يعادل وزير دولة في النظام الأوروبي. وقد قررنا، بطبيعة الحال، مواصلة تعزيز شراكتنا في قطاع الطاقة، والتجارة، والاستثمارات، وكذلك التبادلات الثقافية.
لقد كان لدينا اجتماع مع وزير الثقافة الجزائري، لذا، في الواقع، العلاقات لديها الكثير من الإمكانات، ونحن نريد أن نتحرك الآن نحو ميثاق البحر الأبيض المتوسط بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.
يصف المسؤولون الأوروبيون الجزائر بأنها شريك مميز للاتحاد الأوروبي. ما هي الإجراءات التي تخططون لاتخاذها لتعزيز هذه الشراكة في عام 2025؟
2025 هو عام مهم جدا. سوف نحتفل بمرور 20 عاما على دخول اتفاق الشراكة بيننا حيز التنفيذ. ومن الواضح أن هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه إلى التأمل والتقييم. نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لإثراء شراكتنا. ولهذا السبب فإننا نتحدث عن ميثاق من أجل البحر الأبيض المتوسط، والذي سيكون ميثاقا عالميا ندرج فيه جميع الجوانب الاستراتيجية لشراكتنا للتحرك بدقة نحو هذا البعد المفيد والمربح للجانبين، وهو ما نريده، مزيدا من التجارة ومن الاستثمار، والعلاقات الاستراتيجية في مجالات مثل الطاقة وغيرها، وكذا الشراكة في المسائل الدولية، في عالم أصبح مجزأ بشكل متزايد، وهو ما يحتم على الطرفين (الجزائر والاتحاد الأوروبي) تعزيز علاقاتهما.
سبق للجزائر أن أعربت عن رغبتها في مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ما هي المبادئ الأساسية للنقاش بين الطرفين حاليا؟
حسنا، نحن بصدد بلورة رؤية حول كيفية تعزيز علاقاتنا الثنائية. ما كنت أتحدث عنه، هو شراكة مربحة للجانبين، حيث نريد تطوير التجارة بشكل أكبر، وإرساء استثمارات كبيرة جدا. نحن نعلم بطبيعة الحال، أن الجزائر تبحث، بل يجب عليها تعزيز قاعدتها الصناعية وتطوير صناعاتها وكذلك الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي. هذا أمر طبيعي تماما، ونعتقد أنه الطريق الصحيح. نحن نعتقد أيضا أن إطار ميثاق البحر الأبيض المتوسط هو الإطار الذي يرسم هذا المسار نحو المستقبل.
هل يمكنك إطلاعنا على تطورات مشروع الميثاق الخاص بالبحر الأبيض المتوسط، وكيف يمكن أن يحدد التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟
ما أثرته موضوع مهم للغاية. أجرينا أول مناقشاتنا رفيعة المستوى قبل أسبوعين، هنا في الجزائر، خلال زيارة المدير العام بصفته وزير دولة لشؤون البحر الأبيض المتوسط. آمل أن يتمكن الطرفان قريبا من تبادل زيارات إضافية رفيعة المستوى، والتي من شأنها أن تظهر الالتزام السياسي على أعلى مستوى بين أوروبا والجزائر.
ومن خلال هذه التبادلات بالتحديد، سنحدد هذا الاتفاق من أجل البحر الأبيض المتوسط لعام 2025. ونأمل أن نعقد اجتماعا على المستوى الوزاري في غضون الشهر المقبل (جوان) مع وزير الخارجية الجزائري (أحمد عطاف) وجميع وزراء خارجية منطقة البحر الأبيض المتوسط لتحديد الخطوات التالية.
يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا أساسيا للجزائر برقم مبادلات تقريبي يناهز 23 مليار يورو. ما هي أولويات الاتحاد الأوروبي لتشجيع الاستثمار في الجزائر؟
أعتقد أننا في لحظة مهمة للغاية على مستوى العالم. أو كما قلت من قبل، هناك حالة من التشرذم. وهناك أيضا حاجة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الشركاء الاستراتيجيين. ونريد أن تكون الجزائر شريكا استراتيجيا. لذا نحن بحاجة إلى التحرك نحو تكامل اقتصادي أكبر، وتكامل البنية التحتية بين أوروبا والجزائر.
هذه هي المجالات التي يمكن أن تكون فيها الاستثمارات. تطوير القطاعات الاستراتيجية، والطاقة وغيرها بين الجزائر وأوروبا، ونقل التكنولوجيا أيضا. لذا فإن كل هذا يجب أن يكون موضوع اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، وهذا يجب أن يؤدي إلى المزيد من الاستثمارات.
في مؤتمر عقد مؤخرا، تحدثتم عن المناطق الاقتصادية الحرة كأدوات لجذب الاستثمار. كيف يدعم الاتحاد الأوروبي تنمية هذه المناطق في الجزائر؟
نعم، إنه موضوع مهم جدا. لقد ذكرت ذلك في مؤتمر نظمناه مع الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات. وهذه هي المجالات التي ربما يمكن أن تكون مستوحاة من النماذج الموجودة في أوروبا. على سبيل المثال، قمنا باستقدام خبراء من بولندا وأيضا خبراء من بلدان أوروبية أخرى قامت بتطوير اقتصادياتها مؤخرا. ويمكن أن يكون هناك بعض التبادلات المثيرة للاهتمام. وهنا لدينا النماذج الأوروبية. علينا أن ننظر إلى أي مدى يمكن تطبيق ذلك، حيث توجد أفكار تهم الجزائر، وسنواصل على طريق دعم هذا البلد (الجزائر) في جهودها من أجل تنويع اقتصادها.
ما هي المبادرات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لدعم الجزائر في مسعاها لتنويع اقتصادها، وخاصة على صعيد القطاعات خارج المحروقات؟
نعم، أعتقد أن تعزيز الاستثمارات، بطبيعة الحال، هو الأهم لأنه يشمل عموما نقل التكنولوجيا، ولكنه أيضا يشكل مساهمة مهمة جدا لأدوات الإنتاج. ولهذا السبب من المهم أن تكون التجارة بين أوروبا والجزائر سلسة قدر الإمكان. ونحن ندرك جيدا أن الجزائر بحاجة إلى تنويع اقتصادها. وبالتالي فإن أوروبا مستعدة تماما لمراجعة جميع العلاقات مع الجزائر لتكون قادرة على تسهيل تحقيق هذا الهدف، وهو المسعى الذي نتقاسمه، حيث إننا في أوروبا أيضا نريد أن نفعل الشيء ذاته مع صناعتنا.
يجب الإشارة إلى أننا نحتاج أيضا إلى إيجاد المكان الذي يمكننا فيه دمج صناعاتنا، وإنشاء سلاسل قيمة مشتركة. وهذا ما سيجذب المزيد من الاستثمارات فعليا.
الجزائر هي أحد أهم موردي الطاقة لأوروبا كما تعلمون. كيف يخطط الاتحاد الأوروبي لتعزيز هذه الشراكة، خاصة في سياق التحول في مجال الطاقة؟
هذا أمر أساسي، لأنك تعلم أن أوروبا أطلقت عملية التحول في مجال الطاقة، كأحد الأهداف الرئيسية لتعزيز قدرتها التنافسية. الجزائر يمكن أن تكون مصدرا للطاقة المتجددة. أعتقد أنها إرادة مسؤولي البلاد. هناك إمكانات كبيرة مثل الهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية، وسنواصل العمل على هذا المنوال. كانت هذه الانشغالات موضوع المباحثات رفيعة المستوى، التي جرت قبل نحو أسبوعين هنا في الجزائر.
الاتحاد الأوروبي والجزائر يتعاونان على صعيد تطوير الهيدروجين الأخضر. ما هي المشاريع الحالية والآفاق المستقبلية في هذا المجال؟
قبل نحو أسبوعين أو ثلاثة على وجه التحديد، أطلقت بالاشتراك مع وزير الدولة للطاقات المتجددة الجزائري مشروع (طاقتي) “TAKATI”، وهو مشروع لتطوير الهيدروجين الأخضر في الجزائر، والذي يمكن نقله بعد ذلك إلى أوروبا من خلال مشروع لتطوير البنية التحتية والتي ستنطلق من هنا من الجزائر باتجاه إيطاليا. بالفعل لدينا مشاريع ملموسة للغاية. مازلنا في المرحلة الأولية، ولكن هناك إرادة سياسية لدى الجانبين للعمل في هذا المجال.
كما تعلمون، الجزائر تلعب دورا محوريا في استقرار منطقة الساحل. كيف يدعم الاتحاد الأوروبي جهود الجزائر للحفاظ على الأمن في هذه المنطقة؟
نحن ندرك تماما أن الجزائر شريك أساسي في منطقة الساحل. في غضون أيام، نأمل أن نستقبل على الأرجح زيارة من قبل الممثل الخاص الأوروبي لمنطقة الساحل، وهو ما يدل على الأهمية التي نوليها للجزائر في هذه المنطقة.
تشارك الجزائر في بعض البرامج الأوروبية على غرار برنامج “إيراسموس”. ما هي الفرص المتاحة للطلبة والباحثين الجزائريين للاستفادة من هذه البرامج؟
نعم، بالتأكيد. برنامج “إيراسموس” يعد برنامجا أساسيا بالنسبة لأوروبا، ولكن أيضا للتبادل مع الجزائر. وهو يستهدف الشباب، والطلبة. هناك بالفعل شباب جزائريون يذهبون إلى أوروبا ضمن برنامج “إيراسموس”. أعتقد أننا بحاجة إلى تعميق وتطوير برنامج “إيراسموس” في الجزائر.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس