لهذه الأسباب شككت الأمم المتحدة في جدية مخطط المغرب

5
لهذه الأسباب شككت الأمم المتحدة في جدية مخطط المغرب
لهذه الأسباب شككت الأمم المتحدة في جدية مخطط المغرب

محمد مسلم

أفريقيا برس – الجزائر. استفحل الجدل بقوة في الآونة الأخيرة حول مخطط الحكم الذاتي للنظام المغربي، وبات التركيز منصبا حول جدية هذا المخطط ومصداقيته، وهو التطور الذي أحدثه قرار محكمة العدل الأوروبية مطلع الشهر الجاري، وزاد عليه التقرير الذي أعده وسلمه ستافان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، أنطونيو غوتيريش.

وبعدما حسم القضاء الأوروبي المستقل عن نفاق السياسيين، بأن لا سيادة للمملكة المغربية على الأراضي الصحراوية، جاء التشكيك الأممي في جدية مخطط الحكم الذاتي الذي طرحه النظام العلوي في العام 2007، ليهدم كل ما بناه القصر العلوي من أوهام على مدار أزيد من 17 سنة.

ومفاد النقاش الدائر حاليا يتمحور حول السؤال التالي: “هل تصلح خطة الحكم الذاتي التي قدمها النظام المغربي لحل أزمة الصحراء الغربية؟”. هذا هو مربط الفرس في هذه القضية، ولاسيما بعدما أكدت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها إلى الصحراء الغربية، أنها تجهل مضمون هذا المخطط، فيما بدا أن الهيئة الأممية بصدد إطلاق رصاصة رحمة على “الوهم العلوي”.

ويؤكد هذا ما جاء على لسان ستافان دي ميستورا في المداخلة التي ألقاها خلال الاجتماع المغلق أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع المنصرم: “لقد حان الوقت لكي يشرح المغرب ويفصل مقترحه للحكم الذاتي “، وهو المطلب الذي أعقب إقرارا من المسؤول الأممي بأنه طلب ذلك من المغرب خلال السنوات التي قضاها في منصبه لكن من دون إجابة، الأمر الذي يعتبر إقرارا من النظام العلوي بأنه فشل حتى في تقديم مخططه وشرح مضمونه.

ولم تتضمن وثيقة مخطط الحكم الذاتي سوى ثلاث صفحات فقط، حسب صحيفة “إل إندبانديانت” الإسبانية.. هكذا.. يحاول النظام المغربي اختزال قضية شائكة احتار فيها المجتمع الدولي، عمرها نحو خمسة عقود، في ثلاث صفحات فقط، تضم 35 نقطة يقدم فيها المغرب نفسه على أنه “مجتمع ديمقراطي وحديث، يقوم على سيادة القانون والحريات الفردية والجماعية، الحقوق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

وتقترح الوثيقة “إدارة سكان الصحراء (الغربية) شؤونهم بأنفسهم وبطريقة ديمقراطية، من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية تتمتع بسلطات حصرية. كما ستتوفر لهم الموارد المالية اللازمة لتنمية المنطقة في جميع المجالات وسيشاركون بطريقة فعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

ولكن هل الشروط التي تضمنتها الوثيقة مثل الديمقراطية والعدالة الحرة والموارد المالية متوفرة؟ هنا مربط الفرس الذي تفطنت له الأمم المتحدة، التي استفاقت على حكم قضائي نهائي صادر عن محكمة العدل الأوروبية، في الرابع من الشهر الجاري، قضى بأن لا سيادة للنظام العلوي في الرباط على الأراضي الصحراوية، فاضحا بذلك مواقف بعض المسؤولين الأوروبيين، مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز.

يقول المستشرق (المستعرب) الإسباني برنابي لوبيز غارسيا في مقابلة مع “إل اندبانديانت” معلقا: “لكي يكون (مخطط الحكم الذاتي) اقتراحا واقعيا، ستكون هناك حاجة إلى الضمانة التي يوفرها النظام الديمقراطي فقط”. ويضيف: “هذا لا يقنعني، بمعنى أنه لا يمكن أن يكون واقعا بالنظر إلى الظروف التي يعيشها المغرب حاليا”.

وبالنسبة للمستشرق لوباز غارسيا، فإن وضع المملكة المغربية حاليا أكثر كآبة وبعيد تماما عن القيم الديمقراطية، تغيب فيه الحقوق ويسجن فيه الناس خارج القانون وتسود حالة عارمة من الإفلات من العقاب: “لقد أفسح الانفتاح السياسي الموعود لمحمد السادس المجال أمام بانوراما أكثر كآبة، حيث يهيمن على المشهد العام المخزن، ودائرة الملك، وبنية تتميز بإفلات رجال النظام من العقاب بأي ثمن واحتكار السلطة والثروة”، وهي المقاربة التي يؤيدها أيضا فؤاد عبد المومني، مدير المكتب المغربي لمنظمة الشفافية الدولية، يضيف المصدر ذاته.

وتجدر الإشارة هنا إلى القمع الذي سلط على مظاهرات منطقة الريف بشمال المغرب، وكذا القمع المطلق للمظاهرات التي طالبت بتحسين الظروف الاجتماعية وإنهاء التهميش منذ عام 2016، وكذا امتلاء السجون المغربية بالناشطين السياسيين والحقوقيين، مثل ناصر الزفزافي، وعميد الحقوقيين، محمد زيان، المسجون بتهم جزافية، وهو الذي يقترب من نصف عقد الثمانيات من عمره.

كل هذه المعطيات تعصف بزيف مخطط الحكم الذاتي، الذي يوجد على رأس بنوده أن النظام المغربي “نظام ديمقراطي يحترم سيادة القانون والحريات الفردية والجماعية، ويصون الحقوق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، وتجعل الأمم المتحدة ومن ورائها المجموعة الدولية تشكك في التزام القصر العلوي باحترام الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعب الصحراوي في حال سلمت له الصحراء الغربية على طبق من ذهب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here