فريدة شرادة
أفريقيا برس – الجزائر. ما زال موعد عقد القمة العربية المقبلة المقررة في الجزائر معلقاً، بانتظار نتائج المشاورات التي تجريها الجزائر مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وتواجه القمة التي كان من المقرر عقدها في مارس تحديات جمة، خصوصا بعد إعلان الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي الجمعة عن تأجيلها لأسباب تتعلق بجائحة فيروس كورونا. واعتبر عدد من المراقبين بأن الإرجاء الذي لم تعلن عنه الجزائر رسميا بعد، سببه عوامل أخرى أبرزها الشرخ العربي، الأزمة الجزائرية-المغربية، ومساعي عودة سوريا إلى العمل العربي المشترك، والوضع الداخلي في الجزائر.

وفي هذا الصدد أكد الدكتور علي محمد ربيج أكاديمي ونائب برلماني في حوار مع “أفريقيا برس”؛ وجود عدد من الدول العربية التي تسعى إلى تأجيل انعقاد القمة العربية في الجزائر أو حتى إفشالها. وقال متحدث “أفريقيا برس”، إن ظروف انعقاد القمة صعبة لكن الدبلوماسية الجزائرية قادرة على صناعة الفارق.
حدث لغط كبير ولا يزال يحدث إلى الآن حول تحديد تاريخ انعقاد القمة العربية، خاصة بعد تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنها ستكون في شهر مارس المقبل، في رأيكم لماذا كل هذا الغموض حول التاريخ؟
قضية التاريخ ليست خاصة بقمة الجزائر، ففي كل مرة يأتي فيها الحديث عن القمم العربية، أول إشكال يطرح هو التاريخ والتوقيت، فإما أن تكون مرتبطة بأحداث وأجندات أو مرتبطة بترتيبات. ففي كل قمة هناك جدول أعمال يتم وضعه، ولا يمكن الجزم بأنه سيكون هو النهائي، لأنه يخضع لمسألة الوقت والتوقيت ولهذا أتوقع أن سبب تأخر قمة الجزائر هو تحضيرها لبعض الملفات وبعض القضايا ستطرح على رأسها عودة سوريا للجامعة العربية والملف الليبي، أيضا الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب ومسالة التطبيع مع العدو الصهيوني. وهذا كله مرتبط بقدرة وسرعة التنسيق، ولكن ما لم يتم وضع الترتيبات والتنسيق على أعلى مستوى سيعطل تحديد تاريخ القمة، ويجعل التحضيرات تتم تحت الضغط.
ومع هذا يقال أن تاريخ عقد القمة هو شهر مارس أو بداية شهر أفريل، لكن الفترة واضحة بالإضافة إلى هذا الجزائر هي من يستضيف هذه القمة، ولهذا كانت زيارة الرئيس تبون ووزير الخارجية إلى المملكة السعودية لتحضير الملفات التي سيتم مناقشتها، وآخر نقطة مرتبطة بالتاريخ هي البيان الختامي ما سيتضمنه البيان. وعليه تاريخ عقد القمة والبيان الختامي هما من يحددان تاريخ عقد القمة وهذا بالتنسيق بين كل الدول وبالأخص الدول الفاعلة.
تتعرض قمة الجزائر لضغط كبير بسبب الوضع العربي والدولي، في رأيكم، ما هي أهم القضايا التي ستطرحها القمة؟
بخصوص الملفات التي سيتم مناقشتها في هذه القمة، الجزائر حسب رأيي ستناقش موضوعين مهمين جدا وهما، أولا موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وإذا تم وعادت سوريا إلى الجامعة العربية فهذا انجاز كبير لقمة الجزائر، أما الموضوع الثاني فهو الحديث عن مسالة التطبيع مع الكيان الصهيوني. والموضوع سيتم طرحه حسب ظني هو موضوع دخول الكيان الصهيوني كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي وهي القضية المطروحة حاليا في قمة الاتحاد الإفريقي في اديس ابابا، وربما الجزائر ستطرح الموضوع بحكم أن بعض البلدان العربية عضو في الاتحاد الأفريقي. إذن هي ثلاثة ومواضيع، عودة سوريا والجزائر تراهن على هذا الموضوع، الموضوع الثاني هو التطبيع مع الكيان الصهيوني وما قامت به المملكة المغربية، وهناك شبه اجتماع وتنديد بما قام به المغرب بإدخاله الصهاينة لمنطقة شمال أفريقيا.
بعض الأطراف تحدثت عن وجود بعض الدول العربية ضد انعقاد القمة في الجزائر أو على الأقل تعمل لأن تكون القمة فاشلة، هل صحيح هناك دول عربية من مصلحتها فشل قمة الجزائر؟
صحيح وشكرا على التنبيه، نعم توجد بعض الدول تريد فشل هذه القمة مثل المملكة المغربية مع بعض الدول لا أريد أن أذكر أسماء، يعملون ويبذلون كل الجهود لفشل القمة العربية في الجزائر وتأجيل القمة، وإذا نجحت الجزائر في عقد القمة، فإن هذه الأطراف ستعمل على إفراغها من محتواها، وعدم التطرق للقضايا المهمة والجوهرية للأمة العربية، وهم يضغطون في هذا الاتجاه على أساس أن لا تكون هذه القمة تاريخية. وهناك قضية أخرى هي القضية الفلسطينية، الجزائر ستكون أمام فرصة تحريك القضية، خاصة في ظل زيارات القادة الفلسطينيين ودعوة الجزائر لندوة المصالحة الفلسطينية.
هناك حديث عن عدم إمكانية عقد القمة الجزائر قبل عقد ندوة المصالحة بين الفصائل الفلسطينية لأن الملف سيكون مطروحا في القمة، وحسب تصريح الرئيس تبون؛ القمة ستكون لنصرة فلسطين، فيجب أن تكون مخرجات الندوة جاهزة قبل القمة، هل سيكون هذا سببا في تأجيل القمة؟
لا أظن أن هذه المسألة لديها ارتباط وثيق أوعضوي مباشر بالقمة، يعني أنه إذا كانت هناك مصالحة تكون القمة وإذا فشلت المصالحة لن تكون هناك القمة العربية، بالعكس الدبلوماسية الجزائرية تنشط في اتجاه أن تكون هناك خارطة طريق، وورقة إضافية قوية والدبلوماسية تعمل لأن نذهب للقمة وبمبادرة جزائرية، لأن المبادرات المصرية لسنة 2011 و 2017 لخلق مصالحة ووئام فشلت.
الجزائر تراهن على طرحها في القمة العربية بمبادرتين على أن تكون القضية الفلسطينية الرقم واحد، بإعلان الجزائر أو مبادرة الجزائر، والأهم أن الدبلوماسية الجزائرية تعمل على الذهاب للقمة بمبادرتين، يتم تحقيقاهما على أرض الواقع، هما عودة سوريا والثاني هو عودة فلسطين وقضيتها من خلال بوابة الجزائر. وهي الأرض التي أعلن فيها قيام دولة فلسطين، المهم إن لقاء المصالحة الفلسطينية في الجزائر سيكون له دور كبير في نجاح القمة العربية.
زيارات مكوكية لوزير الخارجية الجزائري لعمامرة لعدد من الدول العربية، هل سترفع هذه الزيارات من نسبة نجاح القمة العربية أم هي زيارات عادية ومن المعتاد أن يقوم بها وزراء الخارجية؟
لا هذه الزيارات مرتبطة مباشرة بالقمة العربية، تحضر لما سيتم تداوله في جدول أعمالها، وما أتوقعه هو أن قمة الجزائر ستكون لها نتائج على أرض الواقع، على الأقل عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية، والقضية الفلسطينية. وهذه الزيارات هدفها هو إنجاح القمة العربية، خاصة أننا نتكلم عن دولة بحجم الجزائر، لها تاريخ طويل وكبير، وهذا الدول العربية لن تغامر بمواقف معادية للجزائر، بل على العكس؛ هم مطالبون بالسير مع مواقف الجزائر، في ظل وجود احتقان عربي ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني. وسيغتنم القادة العرب فرصة قمة الجزائر للتصالح مع شعوبها بالتنديد بعمليات التطبيع.
تنعقد القمة في ظروف صعبة، فاليمن والإمارات على خلاف، الجزائر المغرب لا توجد بينهما علاقات نهائيا، تونس وليبيا في أزمة داخلية، هل سيعقد هذا الجو من مهمة الجزائر ومخرجات القمة؟
صحيح أن المهمة صعبة لكن غير مستحيلة، فالجزائر لها باع طويل وتاريخ دبلوماسي خاصة في الوساطة، ما يسمح لها بتذليل هذه العقبات، وسبق للجزائر أن نجحت في إحضار إيران وتشارك في قمة اوبك2017، بحضور السعودية التي كانت على خلاف كبير معها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس